15

8 4 0
                                    

و أخيرا أستطيع أن أستلقي على سريري الآن. لقد كان يومًا طويلا و شاقّا بالفعل. بعد خروجنا من مبنى الشركة، ركبت سيارة وائل الفاخرة و التي كان يقودها هو شخصيّا. لم يكن المطعم الإيطالي بعيدا، فقد وصلنا خلال خمس دقائق.

لم أزر هذا المطعم من قبل، لكنني حتما سأفعل في المستقبل فالخدمة كانت رائعة و الطّعام ممتاز. سأدعو سالي و البقية إلى هناك ذات يوم.

عندما وصلنا إلى هناك، دخلنا مباشرة فقد قامت جينا بحجز طاولةٍ مسبقًا هذا المساء. جلست أنا و وائل في صمتٍ لبعض الوقت إلى حين وصول الضيوف.

دخل داني غريبُ الأطوار و سار نحوي مباشرةً  بابتسامة عريضة على محيّاه. جلس بجانبي و بدأ يعبث بالأغراض التي على الطاولة و يسألني الكثير من الأسئلة التي لم أجد فرصة لأجيب عليها.

يبدو أنه ذهب لبيته بعد الاجتماع بنا سابقًا، فقد قام بتغيير بذلته الرسمية إلى ملابس 'كاجوال'. كان يرتدي بنطلون جينز ممزّق قليلا على ركبتيه و قميص 'تيشرت' أسود يحمل عبارة "SHE IS MINE" بحروف بيضاء كبيرة. كانت عضلات صدره و ذراعيه بارزةً من خلال قميصه، و قد لفت أنظار جميع الزبائن في المطعم، نساءً و رجالا.

"سأقيم حفلةً مساء السبت القادم. هل يمكنك الحضور؟" سألني بينما كان الجميع منهمكين بتناول طعامهم..

"حسنا." أجبته مباشرة بدون تفكير. ثقتي بهذا الشّخص كبيرة جدّا و ليس لها حدود. قد لا أريد أن أفصح عن الماضي أمامه، لكنّني حقا أرغب في وجوده بقربي.

"سأرسل سيارة لتقلّك من منزلك على الساعة السّابعة. كوني في الموعد." ابتسامته البريئة لم تتغيّر قط. لازال كما هو في كل تصرفاته الصبيانيّة و طريقة تعامله معي أيضا لم تتغير.

"لقد تأخر الوقت، دعيني أوصلك إلى البيت." قال وائل فجأة عندما قرّر الجميع أنه وقت المغادرة.

"لا بأس. سأستقلّ سيارة أجرة." قلت ببعض التحفّظ.

"جودي، هل يمكنني اصطحابك للبيت؟" سأل داني فجأة. أعتقد أنه لم يسمع وائل يعرض نفس الشيء عليّ فقد كان يوكل بعض المهام لسكرتيرته.

"لا بأس.. يمكنني الذهاب لوحدي." رنّ هاتفي فجأة. كانت هذه روبي.. لقد اعتنت بي كثيرا خلال هذا الأسبوع و كانت تتصل بي عدّة مرات اليوم للاطمئنان عليّ.

"ألو.. جودي، أين أنتِ؟"

"في عشاء عمل. لقد انتهينا للتوّ"
"جيد. أنا بالقرب من مقر عملك الآن.  لنذهب للبيت معا."

"هذا رائع. أنا في مطعم إيطالي يبعد خمس دقائق عن هناك، سأرسل لك الموقع حالا." من الجيّد أن روبي كانت قريبةً من هنا لأنني حقا لا أستطيع قبول عرض أحدهما و ترك الآخر..

"لقد جاءت صديقتي، سأغادر معها. شكرا لكليكما." شكرتهما و غادرت. ركبت سيارة روبي و حينها فقط شعرت بالهدوء و الاسترخاء. لقد كنت متوتّرة طوال الليل. وائل من جهة و داني من الجهة الأخرى، لقد كدت أفقد عقلي.

تقلّبت على السرير محاولة أن أنام في وضعية مريحة فقد كان جسمي يؤلمني كثيرا. مجرّد التفكير في النوم يشعرني بالخوف.. لا أريد أن أنام لأجد نفسي أعيش الماضي مجدّدا، مرّة تلو الأخرى. فتحت درج الطاولة بجانب السرير و أخذت بعض الأقراص التي وصفتها لي روبي منذ مدّة.

"حاولي أن تتجنبي أخذها قدر الإمكان، لأنك قد تصبحين مدمنة على الأقراص المنوّمة و لا تستطيعين النوم بدونها." قالت لي روبي منذ عدة أشهر لكنّني لم أتناول سوى حبّة واحدة من هذه الأقراص و منذ ذلك الوقت لم أعد إليها. أما الآن فأنا أريد أن أنام بعمق، لذلك أخذت قرصين و أعدت العلبة مكانها. تناولتهما واحدا تلو الآخر و خلدت للنوم. 

حكايات منتصف الليل [Midnight Tales]Where stories live. Discover now