13

8 4 0
                                    

[وائل]

كنت جالسا في مكتبي أنتظر قدوم جودي بفارغ الصّبر. لا أنكر أنني كنت أتطلّع لرؤيتها بعد لقائنا الأول بالصدفة. شيء ما جعلني أتشوّق للقائها ثانيةً...

"وائل، الآنسة ساندرا ترغب في رؤيتك." قالت جينا التي كانت تقف أمامي فجأة دون أن أنتبه لذلك.

"ما الذي تريده مني الآن؟" سألتُ بغضب. "أخبريها أن لديّ اجتماعا مهما و لا يمكنني استقبالها."

ساندرا هي ابنة مديرة الشركة. ليس هذا فقط، بل هي ترأس عمليات استيراد مواد التجميل و توزيعها محليّا. لكن هذا لا يسمح لها أن تقوم بإزعاجي كلّما سنحت لها الفرصة بذلك.

لا أريد أن أفكر بهذا الأمر الآن، لذلك قررت المرور بالكافيتيريا لتهدئة أعصابي قبل لقائي بجودي.

"عندما تأتي جودي دعيها تدخل إلى المكتب و تنتظرني هناك." قلت لجينا ثم غادرت.

لم ألبث هناك طويلاً... تناولت قهوتي و عدتُ إلى مكتبي بعد ربع ساعة. أخبرتني جينا أن جودي قد وصلت إلى هنا منذ عشر دقائق و أنها تنتظرني في الداخل.

فور دخولي إلى المكتب وضعت جودي الأوراق التي كانت تراجعها و وقفت من مقعدها.

"مرحبا آنسة جودي. كيف حالك؟"

"بخير، شكرا. كيف حالك سيدي؟"

"جيّد. سررت برؤيتك اليوم." أشرتُ إليها أن تجلس و جلستُ أنا أيضا على الأريكة المقابلة. " هل هذا هو عقد تصدير الحرير؟" قلتُ و مددت يدي نحو الملفات الموضوعة على الطاولة.

"أجل سيدي. هذا الملف الأسود يحتوي على النسخة الأخيرة من العقد." قالت و ناولتني إياه.

فتحت الملف و بدأت أطلع على المواد القانونية بينما فتحت جودي ملف الشروط و خطة العمل.

"مكتوب هنا أننا سنقوم بتوزيع الحرير على اثنتي عشر سوق أجنبية في كل من أوروبا و آسيا، لكننا لم نحدد هذه الدول بعد. هل سيتم تحديدها خلال الاجتماع اليوم؟"

"أعتقد ذلك. هل تظنين أنه يجب أن نحدد هذه الدول في العقد أيضا؟"

"هذا ليس ضروريا.. لكن لِمَ لا؟" أجابت جودي و ابتسامةٌ ساحرة تُزيّن وجهها.

"صياغة العقد جيّدة جدا، كما أنه يحتوي على كل المواد الموافقة للشروط و برنامج التنفيذ." وضعتُ العقد جانبا و نظرت في ساعة يدي. "سيبدأ الاجتماع قريبا. هيا لنذهب!"

"حسنا، سيدي."

"يمكنكِ التّوقف عن مناداتي هكذا الآن. نادني 'وائل' فقط." وضعت هاتفي في جيبي و حملتُ الملفّات و انطلقنا معا نحو قاعة الاجتماعات الموجودة في الطابق السفلي. كانت جودي تسير خلفي بخطى هادئة و كأنها نسمة هواء. كنت بالكاد أشعر بوجودها معي. استدرت نحوها لكي استرق نظرة من عينيها، لكنها طأطأت رأسها.

لماذا هي خجولة هكذا؟ أريد فقط أن أنظر في عينيها مثل المرة الماضية. أريد أن أشعر بتأثير نظراتها عليّ... لكن لا بأس، لا يهمّ..

"ها قد وصلنا!" فتحت الباب و أشرت لها بالدخول. كان مُمثّلوا شركة النّسيج بانتظارنا في الداخل. رحّبتُ بالجميع و قدّمت لهم نفسي و أيضا المستشارة القانونية لشركتنا، جودي.

"جودي؟ هل هذه أنتِ حقا؟" قال أحدهم بحماس شديدٍ و انفعالٍ يكاد يبدو مبالغا فيه.

رفعت جودي رأسها و نظرت إليه باستغراب، ثمّ بدا لي و كأنها تعرّفت عليه، فتغيّرت نظراتها إليه و ابتسمت بعفوية مطلقة للشخص الواقف أمامها "داني، كيف حالك؟"

حكايات منتصف الليل [Midnight Tales]Where stories live. Discover now