||24||

3.5K 254 35
                                    


«تتجرأ على إيقاظ والدك، أيها الجرو المشاغب؟».
بلغه صوتُها المألوف فابتسم دون أن يفتح عينيه وحاول تحديد مكانِها بغريزته ثم سلل يده لتُحيط خصرها واقترب منها أكثر.

نظر إليها أخيرا فوجدها تُحدّق فيه بجمود بعينين أرجوانيّتين ذكّرتاه بصديقه المقرّب، وبين يديها جرو يمضغ إحدى خصلاتِها الطويلة.

«هل يتغيّر لون عينيكِ؟».
سألها بفضول ورفع نفسه قليلا حتى يرى ما الجرو الغريب الذي يُشاركه سريره مع توأمه.

لم تُجبه وأعادت انتباهها لما بين يديها تُداعب أنفها بخاصته ثم نهضت لا يُغطي مفاتنها غير شعرها وسارت نحو الشرفة.

«سيلا!».
لحِقها ميكايليس مُسرِعا يلفّها ونفسه بملاءة السرير قبل أن يراها جميع خدم وحراس القصر من شرفته.

مجددا رمقته بجمود وركّزت انتباهها على الحديقة الملكية تحتها. مرايا ليلة البارحة المُضرّجة بالدماء قد غطّتها جذور خضراء كثيفة تمنع وصول ضوء الشمس إليها، برزت فقط بركة النيريد وسطها.

«ما الخطب؟».
تحدّث وقد زاد قلقه من أفعالها.

«أفلِتْني».
ردّت بعينين دامعتين وعادت لتجلِس على حافة السرير لكنها انزلقت ووقعت فوق سجادة الفراء.

ركض هو إلى جانبها ورفع وجهها إليه يبحث عن أي تلميح لما قد أذاها لتلك الدرجة. هل قال شيئا جارحا دون أن يُدرِك؟ أم أنها تذكّرت كل ما فعله لها سابقا؟ كم يُريد محوه جميعه لكن لا سبيل لذلك؛ عليه فقط تعويضها بأية طريقة.

«أخبريني كيف يمكنني إصلاح الأمر؟ سأفعل أي شيء!».
ما حاول التخفيف عنها به جعلها تُجهش بالبكاء وتُخفي وجهها بين يديها.

سحبها إليه كي يحضنها لكنها دفعته بضعف ونظرت له بدمويّتيها.

«هل يُمكنك أن تُعيد لِيونار للحياة؟».
انكسر صوتُها وحين بقي صامتا منصدما، عادت لبُكائها بحرقة أكثر.

«مـ... ماذا حدث لـ ليونار؟».
سألها بنبرة مرتجفة.

استغرقت لحظات لتتمالك نفسها وتستطيع التفوّه بما ما زالت ترفُض تقبّله، أن مُنقِذها ومصدر أمانها قد قُتِل لأنه رفض أن يؤذيها. دماؤه على يديها، مهما اغتسلت ولمست، ستبقى على يديها دليلا على ذنبها.

«بعد كل تلك المعاناة... لو أنه ما زال هنا لكان الأمر يستحق حتى ما هو أسوء... لكن بغيابه؟ كيف يمكنني التفكير في محاولة العيش من دونه؟!».
نطقت من بين شهقاتِها بينما فشل ميكا في استيعاب ما تُخبره به.

صديق طفولته قد مات وهو يؤدي المهمة التي كفّله بها، وعلى يد صديقه المقرّب الآخر. كم غاب عن هذا العالم حتى يتغيّر لهذه الدرجة؟ كان يجدر به البقاء في تلك الغيبوبة أين يمكنه اللقاء بتوأم روحه دون أن يفكر في غيرها.

سِيلا ✓Where stories live. Discover now