|||04|||

2K 179 18
                                    


ليس لديها إحساس بالوقت لكنها خمّنت أنه قد مرّ وقت طويل منذ جاءت لهذا العالم -حساب تقريبيّ من عدد القيلولات التي أخذتها-.

أيامها -إن كان يُمكن تسميتها بذلك في غياب الشمس- كانت متشابهة حد التطابق ؛ نوم، مطالعة، ثرثرة مع الغراب الصامِت ثم نوم، مطالعة ومزيد من الثرثرة. نيكسون لم يزُرها وهي لم تكن في انتظاره، فالأسئلة التي جمعتها لتطرحها عليه كانت حبل النجاة الذي تتشبث به من أجل الصمود يوما آخر، ولا تدري ما ستفعل عندما يُصبح لديها علم بكل شيء راودها عنه فضول.

قد جرّبت الجلوس على كل سطح في غرفتها عند قمة المنارة، على كل زاوية من السرير وكل سطح من الأرضية الرخاميّة، حتى على أكوام الكتب الملقيّة حولها. بقي مكان واحد فقط.

رفعَت نظرها من الكتاب الفضيّ الذي عادت تقرؤه مجددا ولوّحت للغراب عندما توضّع على حافة النافذة يُراقبها كعادته.

«هل عُدتَ لتسمع المزيد من قصة أصل الكون؟».
سألته ثم قلّبت الصفحات لترجِع إلى آخر فقرة سردتها له.

«حسنا، وصلنا إلى بُعد النور:

للنور سبعة أطياف وواحد؛
نايڤر الطيف النيليّ،
ذو هيئة بلوتو؛
أطلس الطيف الأزرق،
ذو هيئة أورانوس؛
آلڤين الطيف الأخضر؛
ذو هيئة الأرض؛
هيلين الطيف الأصفر،
ذات هيئة الشمس؛
ماريوس الطيف الأحمر،
ذو هيئة المرّيخ؛
جوزافي الطيف البُرتقاليّ،
ذو هيئة زحل؛
سيلين الطيف الأبيض،
ذات هيئة القمر،
خليط منهم وأضعفهم.

«ترى؟ أقربهم إلى الأرض أشدّهم بلاء...».
ثم تنهّدت مُتذكّرة سيلين وكلّ ما فعلته لها.

كم كانت جميلة، آسِرة وخلاّبة -وهذا دون أن ترى هيئتها الحقيقيّة- لكن أفعالها الأنانيّة وتضحيتها بالعديد من الحيوات لقرون طويلة، تجعلها أقبح مخلوق في الكون.

زفرت آسترايا مجددا وأغلقت الكتاب، لا تُريد التفكير في ذلك.

«كيف المنظر من هناك؟».
غيّرت الموضوع وسألت الغراب.

لم يُجبها -ولا جديد في هذا- لذا نهضت وسارت نحوه بهدوء كي لا يرفرف هربا منها. وحين وقفت بجانبه تقريبا، حلّق للخارج واختفى بين الضباب القاتِم المحيط بكلّ شيء.

«نيكسون قال أنك غير اجتماعيّ... أعتقِد أنه قصد جبان».
تذمّرت ووضعت كفّيها على حافة النافذة الزجاجيّة.

كانت بارِدة ومنعشة، على عكس الأرضيّة التي بدا أنها تُماثل درجة حرارة آسترايا فلا تشعر بالفرق عند لمسها. تشبّثت بها لكنّها في الحقيقة أرادت التشبّث بذلك الشعور فهي لم تُحسّ بشيء منذ وقت طويل جدا حتى نسيت ما هي المشاعر.

سِيلا ✓Where stories live. Discover now