|08|

22.4K 1.7K 440
                                    

"يُمنع الدخول منعا باتا لأي غرض كان"

هكذا كُتِب على اللوحة الخشبيّة المعلقة من مقبض الباب الفضيّ الذي يُخفي خلفه مهمة سِيلا لليوم حسب كلام بريتا.

«متأكدة من أن داني طلبت مني هذا؟».
تساءلت ببعض الشك بينما ناظرت الخادمة واسعة الابتسامة.

«بالطبع! أنا آخذ عملي على محمل الجد ولا وقت لديّ للمزح! والآن خذي هذا، عليّ غسل الأطباق».
ردّت بريتا ومدّت المرشّ والممسحة ثم غادرت وفي خطواتها وثبة غريبة.

وقفت سِيلا لبضعة دقائق أخرى تُطالع اللوحة والتفاصيل المنحوتة على الخشب، كان لديها شعور بأن بريتا لم تكن صادقة تماما لكنها لا تريد أن تتكاسل عن عملها وألا تنجز مهامها.

لذا أخذت نفسا وفتحت الباب مستعدة لأن ينقض عليها تنين أو مخلوق مشابه لكن لا شيء تحرّك نحوها، السكون كان طاغيا على المكان. ما قابلها كان أرففا متعددة تكتظ بالكتب مختلفة الأحجام والأعمار. أغلقت الباب خلفها وتمعنت النظر حولها.

مكتبة. لقد دخلت إلى مكتبة.

كل التوتر سابقا كان من غير داعٍ لأنها الآن أين تمنّت أن تجد نفسها دوما، بين عدد لا نهائي من الكتب التي تنتظرها لتكتشف كل سطر ونقطة من صفحاتها.

قاومت سِيلا فضولها مُتذكرة واجبها هنا، الاعتناء بالنباتات فقط.

تجولت حول المكان متجاهلة العناوين التي شدتها لمطالعة محتواها وفتحت بابيْ الشرفة حتى يدخل هواء جديد ويستبدل الموجود المليء بالغبار.

لمحت إصيصا قذرا في الزاوية فتقدمت نحوه، كان لنبتة الجيرانيوم ذات الأزهار الوردية، مسحت عنه الأتربة الزائدة ورشّت قليلا من الماء حتى تشبّع وانتقلت لغيره.

لم يمر وقت طويل ووجدت مؤخرتها على البلاط البارد، ساقاها الشاحبتان منكمشتان تحتها وبيدها كتاب عن تلك النبتة الغريبة التي صادفتها البارحة في الحديقة، تلك ذات الأوراق الزرقاء الشائكة. نسيت سِيلا مهمتها تماما ودخلت إلى عالمها الخاص إلى أن تبادرت إلى أنفها رائحة اليانسون الحلو.

كانت الرائحة صادرة من مصدر قريب جدا وكأنها تحت أنفها تماما.

«من أنتِ؟».
جاء صوت من أمامها جعلها تنتفض مُبعِدة الكتاب عن وجهها لتلمح امرأة يافعة داكنة الشعر ورمادية العينين تحملق فيها بفضول طفوليّ.

نهضت سِيلا بسرعة ولم تدرِك أن شعرها المستعار علِق بمسمار بارز من الرفّ إلى أن وقفت باستقامة وشعرت ببعض البرودة المفاجِئة على رأسها.

سِيلا ✓Where stories live. Discover now