|||08|||

2.2K 179 31
                                    


وفى لِيونار بوعده ولم يتحرّك من مكانه إلى جانبِها. فلا جدوى من الاختباء منها غير أذيّتها بعد الآن، وسيقتل نفسه قبل أن يكون مصدر أذى لها.

حتى عندما جاءه كْرو ليستفزّه كم مرة بكونه جبانا وأحمقا هارِبا من واقعه، قاوم الرغبة في إبادته وركّز على صوت النبض المنتظم القادِم منها. ورغم كرهه له أيضا إلا أنه ساعده في تجاهل نعيق الغراب وذلك كل ما أراده.

مرّ الوقت بسرعة واستيقظت آسترايا قبل أن يُجهّز إجاباته لها. هو لا يجرؤ على سؤالها عن أي شيء ويتمنى لو كان بإمكانهما التظاهر أن لا علامات استفهام تحوم بينهما، لكن عليهما مواجهتها عاجلا أم آجلا ؛ والأفضل عاجلا، كي يتّضح له إن كان سيمضي أبديّته كأسعد أم أتعس مخلوق في الوجود.

«لِيو...».
تنهّدت اسمه بابتسامة متعبة.

«أنا هنا».
أجابها ومسح خصلة شبحيّة عن وجهها فأغمضت عينيها تستمتع بقربه.

لحظات صمت مرّت بينهما ثم نظرت له آسترايا بجدّية.

«ما لون عينيّ؟».
سألته.

«أحمر».
ردّ مُستغرِبا لكن دون تردد.

«ما اسمي؟».
مجددا بذات النبرة الجادة.

«سِيلا».
بدأَ بالقلق عما إذا كانت فقدت ذاكِرتها فبدت مشاعِره في صوته.

«لم اختبأتَ عني؟».
عِند السؤال الثالث فهِم المغزى من استجوابِها له.

إجاباته كانت لحظيّة وعفوَيّة لأنها حقيقة لا نِقاش فيها، وقد حفِظت تعابير وجهه خلالها. الآن إذا حاوَل الكذِب عليها ستكشِفه بسهولة.

لا مجال للهرب من المواجهة، هذا مؤكد.

«لم أعد إريميا».
نطق بأسى وأراد إشاحة نظره إلى أي مكان غير وجه آسترايا لكن رغبته في مُراقبة رد فِعلها كانت أقوى.

حاجِباها ارتفعا قليلا وثغرها انفتح في تفاجؤ. لا أثر لتهرّب، خوف أو اشمئزاز كما كان يخشى... بعد.

«ماذا؟ كيف هذا؟».
نهضت لتجلِس متربّعة وتُقابِله.

«ألا تذكرينَ أنني ميّت؟ فقدتُ طاقة النور التي كانت تجعلُني إريميا».
فسّر فلاحظ أنها أجفلت عندما تحدّث عن موتِه ؛ الأمر ما زال يؤلمُها رغم أن لِيونار أمامها وبين يديها في تلك اللحظة.

«وجناحاك...؟».
لم تُكمِل لكنه فهِم أنها تُريد معرفة أيّ كائن هو الآن.

فرَد جناحيه الكاحِليْن حذرا ألا يضرِبها بهما فتحرّكت يدها تلقائيا لتلِمس ريشه بإنبهار.

«نيكسون حوّلني إلى كروْ ؛ مخلوق ذو هيئة غراب أجمَع الأرواح التائهة».
أضاف شرحه فنظرت له بِحيرة أكثر.

«إذا مازِلتَ لِيونار، فقط يُمكنكَ الطيران الآن».
تحدّثت ببساطة وابتسمت عندما التفّ أحد جناحيه ليُحيط بها.

سِيلا ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن