|04|

26.2K 1.9K 336
                                    

فتحت سِيلا عينيها ليستقبلها ظلام دامس جعلها تهلع وترفع يدها لوجهها تتأكد أن لا شيء يُعيق رؤياها. تمكّنت من تمييز أصابعها النحيلة في الظلمة فاسترخت قليلا، سعيدة أنها لم تفقد بصرها بطريقة ما.

نهضت ببطئ شديد بسبب الآلام التي سرَت في كامل جسدها ثم نظرت حولها مُحاولة تحديد معالم المكان لتعرِف أين هي بالضبط.

وخزة في ذراعها أعلمتها بوجود إبرة تنقل سائلا مغذيا إلى عروقها، نزعتها بلمسة مترددة ثم رفعت الغطاء عن نفسها لتُسدِل ساقيها على حافة السرير.

البلاط البارد أيقظها كليّا فتفطنت حواسها أكثر وبدأت تتذكر آخر الأحداث. ذهابها للقرية، الحريق المهول الذي دمرها، وصول اللايكان وأخيرا وقوع شيء معدنيّ ضخم عليها بعد أن كانت رفقة ڤان ليسا.

تلمّست رأسها تبحث عن الإصابة أو ضمادة لكن لا شيء سوى صداع طفيف، والشعر المستعار مازال مثبتا لم يتحرك. حتى الدماء الجافة لا أثر لها.

رمشت مرتين لتتأكد من أن العدسات لم يتم نزعها ثم همّت بالنهوض قبل أن يُفتح الباب ويتسلل نور قويّ أعماها لوهلة.

«استيقظت مريضتنا أخيرا».
صوت دافئ صدر من الشخص الذي دخل الغرفة وتقدّم إليها ليجلِس على كرسيّ بسيط بجانبها.

انسحبت سِيلا للخلف قليلا خوفا من الرجل الغريب الذي لم تستطع رؤية ملامحه بعد، لكن بتعوّد عينيها على الإضاءة استطاعت تمييز مئزره الأبيض والسماعات الطبيّة حول عنقه.

«كيف تشعرين؟».
سألها بنفس النبرة اللطيفة مع ابتسامة ناصعة تُظهر غمازة على خدّيه فارتخت عضلاتها قليلا وزال بعض من خوفها.

«بخير...».
أجابته بخفوت قبل أن يتجعّد وجهها لا إراديا من حدة صداعها المفاجئ.

مدّ يده نحوها ثم وضعها على جانب رأسها فاختفى الألم بالسرعة التي جاء بها ومالت سِيلا نحو لمسته الدافئة.

«أنتِ بحاجة للمزيد من الراحة، إصابتك كانت خطيرة للغاية».
استبدلت ابتسامته نظرة قلِقة ودفعها برفق لتعود لوضعية الاستلقاء لكنها لم تودّ إفلاته أبدا حتى لا تفقِد الشعور الهادئ الذي يبعثه فيها.

داعب النوم جفنيها فاستسلمت له بكل طواعية وغفت على يد رجل لا تعرف عنه شيئا، سوى أن عينيه بلون أرجوانيّ خلاّب وشعره حالِك السواد.

----

كان النهار قد طلع عندما استيقظت سِيلا للمرة الثانية، وأحسّت براحة أكثر من اليوم السابق.

وجدت نفسها وحيدة والإبرة عادت لتضخ سائلا شفافا في جسدها. نزعتها مجددا ونهضت لِتسدل الستائر وتمنع دخول الأشعة الحارقة.

انفتح الباب قبل أن تقترب منه ودخل نفس الشاب ليضع كلتا يديه على كتفيها ويُعيدها لتجلس على السرير.

سِيلا ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن