||05||

9.9K 870 67
                                    


من بين الرفاق الأربعة، كان سيزار أقلّهم نوما، ففي كل المحطات التي توقفوا فيها كان يغفو لساعة كحد أقصى ثم يستيقظ متوترا ويعود للتفكير في خطة لحل مشكلتهم الحالية. لذا رغم تطوّعه لأن يسهر على البقية بينما ينامون داخل ذلك الكهف المظلم، إلا أنه غفا قريبا بعدهم.

للحظات لم يُسمع إلا صوت أنفاسهم المنتظمة وسقوط القطرات المتزامن من مكان ما، ذلك شجعهم على الغوص عميقا في عالم الأحلام وفقدان حواسهم.

من أعماق الكهف، رصد مُفترِس رائحة تعدّت على منطقته وبدأ بالزحف نحوهم. فحيح خافت صدر منه لكنهم لم ينتبهوا له، جسده الحُرشفيّ الضخم انساب بينهم بسلاسة مُتحسّسا روائحهم بلسانه المنُفلِق.

تحرّكت سِيلا وأطلقت أنينا جذب المُفترس إليها، عيناه الزمرديتان لمعتا في الظلمة بينما تفقّدها ثم التفّ ذيله العريض حول ساقيها بخفة إلى أن غطّى كامل جسدها...

----

«هل حاولتَ الاستيقاظ؟».
سألتْ بتوتّر متجنبة النظر إليه.

كانا جالِسين على مقعدهما الرخاميّ المميز مُقابل بِركة النيريد وتحت سماء داكنة تناثرت فيها النجوم بعشوائية، لا قمر يتجسس عليهما.

«ليس بعد... لا أريد أن أستيقظ غير مستعدٍ لما ينتظِرني في العالم الحقيقيّ».
رد ميكا ودلّك صدغه.

هلاوِسه قد قلّت، بل لم يعد فيها سواه وأفكاره في الحديقة الملكية، لكنه لا يرغب في الاستيقاظ بعد. إن عاد للقصر ستكون فيولين ومهام عديدة في انتظاره، لذا هو يُفضّل عيش تلك اللحظات القصيرة مع توأم روحه في عالم وهميّ على أن يُواجه الواقع.

«لا يُمكنك البقاء هكذا مُطوّلا، سيلين قد أخذت مملكتك ولا نعلم ما تُخطط له».
تحدثت سيلا مُعاتِبة.

«قليلا بعد...».
همس بابتسامة مُتعبة ومدّ يده حولها ليضمّها إليه.

«ميكايليس!».
نادت اسمه متفاجئة من حركته تلك فتفاجأ هو بدوره وتعثر ليقع كلاهما على بساط من العشب.

«مـ ماذا قلتِ للتو؟!».
تلعثم ورفع جسده بذراعيه المتوضعتين على جانبيّ وجهها.

«لم أقل شيئا».
أجابته سيلا ببرود مصطنع وتجنبت النظر في عينيه.

«لم تقولي "أيها البومة" أو تنعتيني بإهانات سخيفة... هل أنتِ حقا سِيلا خاصتي؟».
رغم كون نبرته ممازحة إلا أنه شعر ببعض الشك من أن كل هذا جزء من هلاوسه.

تورّدت وجنتاها كحبة فراولة طازجة ولكمته لاإراديا على بطنه فأنّ وكاد يقع بوزنه فوقها.

«أعيديها من جديد».
طلب بطفوليّة بينما لمعت عيناه سعادة من رد فعلها الخجول.

رفعت سيلا قبضتها لتلكمه مجددا لكنه أمسكها مُقهقها.

سِيلا ✓Onde as histórias ganham vida. Descobre agora