||02||

14.6K 1.2K 336
                                    


بعد أن أعادوا القبطان إلى البرّ الرئيس واعتذروا له على تحطيم مركبه، وبعد أن لعنهم كثيرا وأقسم على عدم خدمتهم مجددا، أدركوا أنهم في حاجة إليه للوصول إلى جزيرة كاليبسو.

كان الوقت متأخرًا ولم يوجَد أحد في الميناء لذا عادوا إلى غرفهم في النّزل للاستراحة وحتى لا يجذب الألبينو انتباه السكان.

تلك الساعات القليلة لم تسمح لهم بأخذ القسط الكافي من النوم لكنها كانت كافية لانتشار أخبارهم بين البحارة، وبحلول الصباح وعند بحثهم عن قارب آخر يُقلّهم، لم يكن أحد من أصحاب القوارب والسفن مستعدا للمخاطرة بمصدر رزقه خاصة في رحلة للجزيرة المحرّمة.

«هل نسبحُ الآن أم ماذا؟».
تذمرت ڤاليرا بعد أن رفضهم قبطان آخر رغم أنهم عرضوا عليه إحدى المجوهرات الملكية بالمقابل.

«لا يمكننا البقاء في مدينة واحدة مطوّلا. خبر تحطّم القارب البارحة قد انتشر بهذه السرعة، فما بالكم إن علِم أحدهم من نكون...».
حذّر سيزار وعيناه تجوبان محيطه بحذر.

هو متعوّد على هذه الحياة، الهرب الدائم، عدم الاستقرار في أيّ مكان وخِشية أن يكون من ينوي به سوءً ينتظره في المنعطف القادم. أسلوب صعب للعيش إلا أنه هو ما أبقاه حيا إلى هذه اللحظة.

«هل نجرّب ميناءً آخر؟».
اقترحت سِيلا تُغطي عينيها من الشمس التي تكاد تنتصف السماء.

كانت مُغطاة من رأسِها حتى أخمص قدميها بالملابس، تماما كالثعلب إلى جانبها رغم دفئ الجوّ. أوشِحة غطّت نصف وجهيهما وقبعات منخفضة أخفت الجزء الباقي، إضافة إلى نظارات شمسية للاحتياط.

تعويذة سيلين جعلت الألبينو منيعين للأشعة الفوق بنفسجية لكنها كشفت لهما أن تلك الحساسية كانت تحميهما من أن تتم ملاحظتهما بأنهما غريبان. فبشرتهما تتوهج عندما ينعكس عليها ضوء القمر وما ضوؤه إلاّ انعكاس لنور الشمس وبالتالي فعندما يصلها ذلك النور فإن وهجها يتجاوز ذلك الليليّ بأشواط.

«المشكلة ليست في الميناء، لا يوجد بحّار مستعدّ للاقتراب من جزيرة كاليبسو... ما عدا غريب أطوار وحيد».
صوت طريف غير مألوف انضمّ لحديثهم، انتمى لعجوز أشعث تمدد إلى جانب باب المحلّ الذي كانوا يستظلّون بسقفِه.

هيئته دلّت على أنه متسوّل لم يبرح مكانه ذاك منذ بضعة أيام وانبعثت منه رائحة الطحالب البحريّة التي تعفّنت على البرّ.

«عفوا؟ هل تعرِف شخصا يمكنه أن يأخذنا إلى هناك؟».
سأله لِيونار مُنحنيا نحوه قليلا.

«يأخذكم؟ ربما... لكن هل سيُعيدكم؟ لا أحد يعلم!».
ابتسم ليكشف عن أسنان صفراء متآكلة بينما قلب عينيه وحرّك رأسه في حلقة كمن أصيب بالدوار.

«سنعود على ظهر سلحفاة ما، أخبرنا من يمكنه أخذنا؟».
أجابه سيزار بجفاء.

«غريب الأطوار غيلمور... لكنه لا يُبحر إلا بعد الغروب، يمكنكم انتظاره هنا».
وربّت على الأرضية الخشبية بجانبه مُشيرا لهم بالجلوس.

سِيلا ✓Where stories live. Discover now