|||13|||

3.6K 162 74
                                    


وسط الغابة المظلِمة، سار ميكايليس بعزم وتركيز ساعداه على تجاهل الثعابين السامّة التي تتسلل بين رجليه والعناكِب المتدلّية فوقه.

لم يأبه لغرابة النباتات والحشرات التي تومِض بوهج أزرق غير عاديّ ولا للروائح العبِقة لأزهار تفتّحت حتى في الليل السرمديّ ؛ نظره كان مُعلّقا بالبوصلة على كفّه ينتظِر توقّفها.

فتلك تعليمات سيزار له بعد أن أخبره أنه وجد في الركام كتابا يصِف مدخَلا للعالم السفليّ، قد مرّ عليه صدفة عندما كان يبحث عن بقية الآلبستارز مع لِيو، سيلا وڤاليرا.

«عميقا في الغابة التي لا يصِلها نور الشمس بل خلقت نورَها بنفسِها، أين تتذبذب الموجات المغناطيسية وتفشل البوصلة في تحديد الشمال من الجنوب، داخِل كهف بارِد يسكنُه وحش نصفه ثعبان والآخر إنسان عليك تجنّبه وأنيابَه، اتبع مجرى الماء إلى العالم السفليّ ثم الضوء الأبيض إلى سِيلا».

هكذا ترجم له وهكذا فعل.

لم يجِد الوحش، لحسن حظّه، فلا مزاج له في توسيخ ملابِسه بالدماء مجددا ؛ هو سيُقابِل توأم روحه بعد فِراق طويل ولا يُريد إخافتها بأيّ شكل. إلا أنه وجد مجرى الماء واتّبع سطحه اللامِع راكِضا حتى بلغ نهاية الكهف واستقبلته غابة أشدّ ظلاما من سابِقتها، وقفت أشجارها الشامِخة بجذوع وأغصان مُتفحّمة نقيضة للحياة.

وكما فعل عندما كان يتجوّل في حديقة قلعته في الليل، اتّبع الوهج الأبيض إلى الخادِمة التي تحدّته رغم خوفِها الشديد منه ؛ التي عاش معها أجمل ذكرياته رغم كونِ أغلبها في لاوعيه فقط.

خطواته تباطأت تدريجيا حين سمِع صوتَها القريب، ومشى نحوها كي لا يُفزِعها بوجوده المفاجئ.

ذلِك إلى أن استوعب ما تفوّهت به وسارع إليها كي يُكذّب سمعه.

«آه، ما أظرفَك، سيري! من أظرف مخلوق في الكون؟ أنت! طبعا أنت دون منازِع!».
تحدّثت آسترايا تُلاعِب الجرو الأسود في حضنِها بينما لهثَ سعيدا يحاول لعق وجهها وهي تتجنّبه.

«شرِس مؤخرتي، رفقتكَ أفضل من كروْ الذبابة البكماء».
أضافت مقهقهة بعد أن تذكّرت تحذير الغراب لها وجاء ردّه في نعيق من أحد الأغصان حولها.

كان مُعارِضا في البداية، لكنه ازداد حدة كأنه تحذير ثم طار مُبتعِدا. أدركت آسترايا السبب في ذلك حين رفعت رأسها باتجاه وقعِ الخطوات.

ميكايليس رأى أخيرا من كانت تُداعِب فاسترخى وابتسم لا إراديا يرمِش عينيه كي لا تدمعا كثيرا. أما آسترايا فشعَرَت بقلبِها يقع إلى معدتِها بقوة دون سابق إنذار، وتجمّدت مكانها من شدّة توتّرها.

«سِيلا... وجدتكِ أخيرا».
نطق في تنهيدة وتقدّم منها إلا أن الجرو زمجر عليه ثم غادر حضنها وتحوّل إلى كلبٍ ذو ثلاث رؤوس، أكبر حجما حتى من ذئب اللايكان.

سِيلا ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن