2- ضوء

9.8K 601 75
                                    

كم من الألعاب لعبنا؟ وكم ضحكة ضحكنا؟ لكن هل فكرنا للحظة، أن تلك الأيام ستنتهي؟

*******

في صباح اليوم التالي وفي أحد المنتزهات، تنهد بولس بعد أن ركل حجرا ليستقر في البركة التي تقبع في منتصف المنتزه: هي كين، ماذا تظن بشأن الرجل العجوز من الأمس؟

قال كين: "أتقصد ذاك؟" أشار بإصبعه نحو رجل كان يمشي في الرصيف المقابل.

قال بولس: "نعم إنه هو ماذا يفعل هنـ." قطع بولس كلامه عندما رأى عيني كين قد اتسعتا، كما لو أنه قط مستعد للقفز على فريسته ثم أعاد سؤاله: ماذا تظن بشأنه؟

- إنه مريب جدا، شعوي غريب نحوه، إنه غامض، على الأغلب إنه لم يقض حياته في نعيم مثلنا.

- هل تريد .. أن نتبعه؟

ارتدى كين معطفه الذي كان ملقًا على الكرسي الذي يجلس عليه ب على عجل وقال: فكرة جيدة مضى زمن منذ أن فعلنا هذا، ارتد حذاءك العائم يا بولس سوف نتبعه وأحظر كاكاو معك.

أجابه بولس بإيماءة بسيطة وعيناه تكاد تشتعل حماسا.

بدأ الأمر كلعبة ولكن كيف ستكون النهاية؟

********

تبعاه عبر شوارع المدينة المزدحمة حوالي الساعة حتى بلغا أطراف المدينة، حيث تقع العاصمة القديمة التي هجرها سكانها منذ عشرات السنين سعيًا للعيش في الترف المقدم لهم من قِبل المدينة الحديثة.

دخل الشيخ إلى المنزل بخطوات واثقة، بدت منه كشاب أكثر من كونه عجوزا قارب الستين، ومرت عدة دقائق، عم المكان فيها سكون لم يقطعه سوى أصوات المركبات الخافتة في المدينة، كسر بولس حاجز الصمت وقال: لنعد يا كين، لقد وصل إلى منزله، لا جدوى من اللعبة الآن.

- بولس، فكّر قليلا، ألم تدرك أن العيش في هذا المكان يؤكد شكوكي؟ لقد مَنع النظام العيش هنا منذ سنوات، لابد أن هذا العجوز قد هرب من إحدى الدول المجاورة لسبب ما واستقر هنا خشية أن يفتضح أمره.

- هذا غير معقول، لو كان ما تقول صحيحا لما لفت الأنظار إليه بتلك الطريقة الغريبة.

- معك حق..

قَعُدَ الاثنان يفكران بصمت حتى حدث أمر غريب، جعل الفتيان يستنفران من مكانهما ودعا أجسامهما للارتعاش.

حدث، داعهما لإغماض عينيهما قدر استطاعتهما.

" ضوء؟" برق سؤال في نفس بولس وكين عندما رأيا ضوءًا يشع من ذلك المنزل المتهالك، ضوء كان شعاعه أقوى من أي ضوء شاهداه في حياتهما.

غطى كين عينيه بذراعه بينما فعل بولس ذلك بكلتا كفيه.

لم تمر ثوان حتى انتهى ذلك الأمر وعاد السكون ليخيم على المكان.

- لندخل يا بولس، هيا إلى المنزل.

أبدى بولس اعتراضه قائلا: لكن العجوز لا يزال في المنزل يا كين.

- يبدوا أن عقلك قد تبدد بعد ما حدث للتو، لن يبقى أحد على قيد الحياة إذا تعرض إلى ذلك الضوء مباشرة، إنه كالإشعاع النووي.

- لست واثقا بعد.

- " لا تقلق سنكون بخير" قال مطمئنا بولس."

مرت لحظات قليلة استجمع فيها الاثنان شجاعتهما واتجها نحو المنزل.

فتح كين الباب ببطء الذي أصدر صريرا بدوره.

دخل ومشى عدة خطوات ثم مسح بإصبعه طاولة مصنوعة من الرخام كانت بجانب الباب وقال: لا يوجد غبار، لقد تم تنظيف هذا المكان، بولس ابحث عن ذلك الرجل معي، لنبدأ من تلك الغرفة. قال ذلك واتجه نحو غرفة بدت كالمطبخ.

تبع بولس كين بصمت وبدءا بالبحث عن الشيخ، أو على جثته على الأقل.

انشغل كين بالبحث، وللحظة خيل إليه أنه سمع صوت صراخ بولس، التفت بسرعة بحثا عن بولس لكنه لم يجده بل وجد ما هو أعظم.

" هذا الضوء مرة أخرى" صرخ كين في نفسه، لكن لا، هناك ما هو مختلف هذه المرة، إنه يأخذ أجزاء جسده على التوالي، " أنا أموت؟ "

حيرة أخرى وقع بها كين لكنه لم يملك الوقت للتفكير فقد كان أمامه خياران، إما أن يحاول النجاة وإما أن يختفي عن ذلك الزمان

*******

بلانسياDove le storie prendono vita. Scoprilo ora