29 - غزو اليأس

2K 199 37
                                    


الحياة كقفز الحبل عند الفتيات، مرة، مرتين، ثلاث، أربع، سقوط، مرة، خمس، ست، سبع، عشر، نجاح، الأمر يحتاج لتدريب ومواصلة، وقليل من الجهد، ومحاربة لغزو اليأس.

*******

ليلة الثامن ترصعت بالنجوم، خرج كين وبولس وبهاء في آخرها، انتصبوا واقفين، كلهم حدقوا بالسماء الواسعة، البحيرة عكست الأضواء لتلك المجرات في السماء، قال كين: أتذكر الذي بدأ كل هذا؟ بولس.

أجاب بولس: نعم، لعبة.

ضحك كين وقال: يال السخرية، بالتفكير بالأمر، لم لَم أشتق لزمننا حتى الآن؟

أجاب بولس على الفور: لأن مشاهدة مثل هذا المنظر في زمننا ضرب من الخيال.

قال بهاء: لا بأس عندما تعودون، زوروا هذا المكان ثانية.

صمت الاثنان للحظة، فقال بهاء: ما الأمر.

قال كين: أنا فقط لم أعد أرغب بالعودة، أخشى أن آتي إلى هنا ثم، أجد أن هذا المكان قد انهار.

تساءل بهاء: الجبال تنهار؟

-                  لم يعد هناك أي شيء مستحيل، لقد جعلونا نحلق، ونسافر نحو الفضاء كرحلة ترفيهية، ليس من المستغرب أن يتمكن الإنسان من تحطيم الجبال، يمكنني أن أضحي بحياتي مقابل الحفاظ على هذا المنظر.

قال بهاء منهيًا حوارهما ومستديرًا ليعطي البحيرة الغربية تلك ظهره: الشمس ستشرق بعد قليل، ثم سنتحقق ما إن كان تخميننا صحيحا.

أنهى كلامه لينطق الثلاثة في داخلهم: إنه صحيح!

شعاع من الضوء انطلق من خلفهم ليبدأ بعضه بالانعكاس عن البركة، ببطء ارتفعت الشمس، وأعصابهم على أشدها، ارتفعت بصمت، مع ارتفاعها ازداد أملهم في ظهور أي علامة تدلهم على المكان، ارتفعت أكثر وأكثر، أشعة الشمس لامست وجوههم لتجفف عرقهم، تلك كانت مهمتها الوحيدة، فلم يحدث شيء.

سقط كين على ركبتيه وقال: لم يحدث شيء! لم نجد أي شيء أحمر!

قبض بهاء يده بشدة حتى نزفت منها الدماء قهرًا، بينما نظر بولس إلى السماء ليمنع دموعه من النزول، وضم شفتيه نحو الداخل، نعم، لم يحدث شيء.

ساعات مرت، والمجموعة على حالها، انزوى كل واحد منهم في أحد أطراف القمة، يتأمل في الفراغ، بعيون جاحظة وأنفس منهكة، وكل فترة يتجه أحدهم نحو الغابة ليشرب شيئا، أو يبحث عن شيء يفرغ عليه قهره وغضبه الكبيرين، بهاء فقط من تمالك الأمر، وأخذ الإجراءات اللازمة، أعد العشاء واتصل بالفاروق الذي ما لبث أن استعاد هدوءه بعد غضبه الشيطان ثم قال جملة شدت من أزره ورفعت عزم بهاء " أمر المؤمن كله خير "

كين، أخذ يفكر باحتمالات شتّى عن معنى الشفرة، ولكن كلما فكر في الأمر ازداد تعقيدًا، أيعقل أن يكون هنالك معنىً وغفلت عنه؟ أخذ يردد الشفرة من جديد:

بلانسياOnde histórias criam vida. Descubra agora