42 - سفلة

1.8K 202 130
                                    


قد تتفاقم المشاكل كما تتفاقم الأمراض والجروح، وينتشر خبرها كما ينتشر الوباء في الجسد، ولكن هذا لم يكن ليحدث، إن تم الاعتذار.

*******

مرت أربعة أيام منذ غادروا القمة، أيام مرت عليهم من دون أن يتذوقوا طعم النوم، يسيرون أثناء الشروق بخطوات كبيرة بين جذور الأشجار والصخور، تنهد بولس وقال: بهاء هل لنا أن نستريح قليلا؟ لم أعد أرى خطواتي من شدة النعاس.

تثائب بهاء وقال: ليس أمامنا حيلة أخرى، لننم قليلًا.

ما إن قالها، حتى ألقى بولس حقيبته التي أهدوها له قرية السلام واستلقى على جذع شجرة ثم غط في نوم عميق.

ترك بهاء حقيبته التي تحتوي على الأحجار وقال: سأشعل النار، لدي شعور أن هذه الاستراحة ستسمر حتى المساء، استرح يا كين ريثما أجمع يعض الفاكهة أيضًا.

انتصب كين في وقفته وقال: لا بأس سأفعلها أنا.

تثائب بهاء من جديد وقال والنعاس يملأ عينيه: ما الذي تقوله؟ أنت مريض!

قال كين بعد أن ربت على كتف بهاء: لقد تحسنت، لدي من الطاقة ما يكفيني أكثر منك.

تنهد بهاء بينما ربط كين لجام الحصان سنجقدار الذي أحضروه معهم، ثم جلس على الأرض وقال: أعتقد أنني أحتاج إلى الراحة فعلًا.

تسللت إلى أذنه أصوات الطيور وحفيف الأشجار وحركة بعض الحيوانات الصغيرة الموجودة في الجوار، وما هي إلا لحظات، حتى أغمض عينيه نائما وهو يحتضن الحقيبة الجلدية.

*******

تأمل الشخص المختبئ بين الأشجار تلك المجموعة، تأمل بولس النائم وقد اصفر وجهه جرّاء تعبه من الرحلة، ثم قبض على يده عازمًا على أن ينفذ قراره.

*******

استلقت على فراشها بعد أن خلعت رداءها ذو القلنسوة، تدور في داخلها أحداث بالكاد تذكرها، لكنها تذكر ذلك الوجه جيدًا كما لو أنه نقش في داخل قلبها.

تنهدت واتجهت نحو النافذة لتنظر إلى الشارع المقابل والذي لم تخرج إليه منذ سنوات، فلطالما كانت غرفتها ملجأ وعالمًا لها.

رأت الصغار الذين يعيشون معها والذين لم تعرف أسماءهم قط يلعبون في الأسفل، أخذت نفسًا عميقًا لتنهمر الدموع بهدوء على وجنتها الشاحبة.

*******

" انتما، استيقظا، بهاء! بولس! "

فتح بهاء عينيه على أثر اهتزاز طفيف في كتفه، ليرى كين الذي نمى شعره أثناء الرحلة جاثيًا أمامه.

فرك بولس عينيه وقال: ما الذي تريده يا...

- " شششش " قال كين واضعا سبابته على فمه وأتبع: هناك من يراقبنا.

بلانسياWhere stories live. Discover now