41 - حجر

1.8K 189 82
                                    


ألف زاوية لشيء واحد، ولكن البشر يحدقون بزاوية واحدة، ويهملون التسع مئة والتسعة والتسعون الباقية، تماما كما يحدقون بالحصاة الوحيدة بين لآلئ البحار.

*******

يحاول من جديد أن يقدم الطعام لها، لكنها لاتزال كعادتها، تشرب الماء وهي تغطي رأسها بتلك القلنسوة، قال وائل: عليك بأن تأكلي.

ترمقه بنظرات غاضبة ثم تدفعه خارج الغرفة وتغلق الباب بقوة تاركةً إياه يتنهد بينما تدور في خلده ذكريات لشقيق روحه الذي لم يشأ أن يفارقه لولا أن حالت بينهما الظروف.

*******

تحسس الشجرة بيده، علم أنها شجرة معمرة عما يزيد عن المئة عام، أخذ يبحث عن مدخل بين جذورها، لكن قدميه غرقت في المستنقع الذي يحيط بها.

أخرج قدميه بثقل واستدار حول الشجرة وأخذ يطرقها بحثا عن مكان يستطيع الدخول منه، حتى وجد جذرين كبيرين يمكنه الدخول عبرهما، طرق خلفهما ثم أخذ يركل اللحاء حتى انكسر بعضه، نادى: بولس، كين، لقد وجدت مدخلا.

تقدم كين متكأً على كتف بولس، غاصت قدميهما بالطين، أخذا يمشيان خطوة خطوة، حتى دخلا إلى جوف الشجرة، إلى ذلك المكان الرطب والمظلم، والمضيء!

فتح بولس فمه عن آخره وهو يقبض على كاكاو ثم قال: ما هذا؟!

تأمل كين جوف الشجرة المشع كالمجرة، العديد من الأحجار الكريمة الحمراء تشع بهدوء، وبعضها كانت ذات ضوء خافت أكثر من الأخريات.

قال بهاء بعد أن التقط إحدى الأحجار: أهذا نوع من العنبر؟

أخرج كشافا يدويا أخذه من القرية ووضعه على الحجر فأشع بطريقة غريبة، قال: إنه يتفاعل مع الضوء.

أبعد الضوء ثم أتبع: ويخفت مع اختفائه.

قال كين: أين الدواء؟!

أعاد الشعر من جديد:

~ جَاءَ صَبَاحٌ بَعدَ مَسَاء ~

~ وَحَّدَ الزَّمَنَ فِي الأَرجَاء ~

~ عَلَى جَنَاحِ طَائرٍ فَي السَّماء ~

~ ومض ضوءٌ من فضاء ~

~ قرع جرسًا في صفاء ~

~ ليوقظ سلامًا بلون العنقاء ~

همس: الضوء هو الشمس، الجرس هل يكون الشجرة؟ إذا هل.. السلام هو الدواء؟ أي الحجارة هذه؟! هل ستفيد هذه الأحجار حقًا.

تأمل الشجرة، كانت كمجرات الفضاء، الأحجار تومض كما لو أنها استيقظت بعد سبات طويل، وجد ثقبا في الشجرة يدخل من خلالها القليل من ضوء الشمس، قال: الأحجار تتفاعل مع الشمس بشكل أكبر، وحين تشرق الشمس في الاعتدال الخريفي، يدخل ضوؤها عبر الثقب فيشع الضوء الأحمر.

بلانسياWhere stories live. Discover now