16- وحدة طفل

2.8K 361 95
                                    

كذبة، لم يكذب طفل بعمره؟ هو قد عانى أيضا، ولكن لسبب مختلف تماما.

*******

مع غروب الشمس في عاصمة بلانسيا " الزهراء "، مشى رجل في شوارع بلانسيا وهو يعد النقود التي نشلها من جيوب الأشخاص في الشوارع، إن أيامه باتت حربًا إما أن تُسرق وإما أن تَسرق، لقد أصبح الجميع كالحيوانات وقوانين حياتها، الأقوى يأكل الأضعف، أخرج نقودا أخرى من جيبه وتذكر العبارة التي جلبت له السعادة، وعندما قابل بعدها ميس القط البري وأخبرها بكل شيء، قال لنفسه وهو يتجه نحو القصر ذو السبعة قباب: إنه يوم السعد بالتأكيد، كل معلومة أحضرها تساوي قطعة ذهب! إنني لذو حظ عظيم! لا أكاد أطيق صبرا حتى أخبرها ببقية المعلومات، بعد أن سمعت ذلك الطفل ينطق تلك العبارة، فتحت لي أبواب السعادة على مصرعيها، والآن، عرفت إلى أين هم متجهون، بكم سوف أكافأ اليوم؟

دخل القصر، وبالأصح غرفة قديمة بجانب القصر يصطف فيها الكثير من الفقراء، رمقهم بنظرة اشمئزاز، فها هو اليوم ليس مثلهم، إنه غني، ليس فقيرا، أو مسكينا، إنه المراسل السري لكتيبة الحاكم الخاصة، على الرغم من أنه لم يكن كذلك، لكنه رأى ذلك في نفسه، انتظر حوالي العشر دقائق حتى نطق الجندي باسمه ليدخل ويقابل من يريد أن يقابل، سأله جندي آخر: من تريد أن تقابل اليوم؟ قال بفخر: ميس القط البري.

رمقه الحارس بنظرة اشمئزاز هو الآخر، خرج الحارس من الغرفة ثم عاد وقال له: سيدتي بانتظارك، لا تزعجها، فهي ليست بمزاج مناسب.

ذهب لمقابلتها، ما إن دخل حتى قال: أتيت لأحدثك عن المتمردين.

لم تتحدث ميس فتابع: إنهم متجهين إلى المنطقة الجبلية الغربية، بعد أسبوعين كحد أقصى.

قالت ميس: احسنت، سأتولى المهمة منذ الآن، انصرف!

قال: سيدتي؟ و..

تأملته بنظرة تساؤل فأتم بتردد: مكافأتي؟

أخرجت من كيس كان بجانبها قطعتي ذهب ورمتها على الأرض فقال وهو ينظر إليها وكفيه منقبضتان: هذا لا يكفي!

أخرجت ميس شيئا لامعّا من كم ثوبها الطويل، ظنّ الرجل أنها المزيد من النقود، لكنه فوجئ بشيء يخترق صدره، لهث بصعوبة وقال: أيتها الحقيرة.

زادت نظرات ميس برودةً وحدة، أدرك أنه يموت، سقط على الأرض ثم همس: لينتقم الله منك، أيتها القطّة.

وأغمض عينيه إلى الأبد.

وكل هذا وسط مراقبة حيدر، بسرية.

*******

في منزل في وسط العاصمة، حيث يسكن أفراد عائلة الفاروق الجديدة، كانت السعادة تعمّ أرجاء المنزل وتحديدا قلب كلّا من كين وبولس.

رغم أن حياتهم قد انقلبت رأسا على عقب، رغم أنهم كانوا يبذلون جهدّا أكثر من المعتاد، إلا أنهم كانوا يزدادون قوة وصلابة في كل يوم، ابتساماتهم كانت تكبر أيضا، اعتادوا على مواجهة كل تلك المصاعب، وفي كل مرة كانت النهاية تمدّهم العزيمة لإنهاء الأخرى، تلك كانت حياتهم الجديدة، تركوا تلك الرفاهية وراء ظهورهم، ولم يرغبوا بالعودة.

بلانسياWhere stories live. Discover now