لم كل هذا الحذر؟ لأنه موجود، وماذا يعني ذلك؟ أن سفكا للدماء سيحدث عن قريب، إصرارك غريب، ألا نية لك بإخباري؟ لا إجابة.
*******
في إحدى القرى، توقفت المجموعة عندما قال بولس: لحظة، أرغب بشراء شيء ما.
ذهب بولس ثم عاد بعد دقائق حاملا كيسًا ورقيًا وكيسًا صغيرًا لاحظ بهاء أنه أخفاه حال وصوله، فلم يشأ أن يسأله عن الأمر.
قال كين: ما الذي اشتريته؟
أخرج بولس الكيس وقال: هذه الأطعمة المعلبة تصنع هنا، أخبرني بذلك صاحب النزل، أعتقد أنها ستنفعنا إن كانت رحلتنا طويلة.
فتح بهاء الكيس وقال: سمك، برتقال، أناناس، أحقًا هي لن تفسد؟
قال بولس: ستأخذ عامًا على الأقل حتى تفسد، كن متأكدًا.
مرت خمسة أيام منذ مغادرتهم اجتازت المجموعة فيها العديد من القرى " خزف، عمرو، القوس، وزمهرير" حتى وصلوا إلى الجبال.
في اليوم التالي كانت الاستراحة الثالثة لمجموعتنا المرتحلة في الجبال الغربية عندما تنهد بهاء وقال: هل أنتم بخير؟ أيجب أن نبحث عن ملجأ، لقد قاربت الشمس على المغيب، يجب أن أصلي المغرب أيضا.
سكب كين بعض ماء النهر على رأسه وقال: أعتقد أن علينا ذلك.
كانت بشرة بولس البيضاء قد اكتسبت بعض الحمرة من التعب والحر، قال: لم علينا الوصول بعد أسبوعين ؟
أشار بهاء إلى الجهة الغربية وقال: القمة مرتفعة، الضباب يغطيها، لا تستطيع رؤيتها الآن بعد.
- هل هي الأكثر ارتفاعًا؟
- نعم، في منطقة جبل الجناح.
كان كين قد عاد بينما هم لم ينتبهوا لابتعاده، قال لاهثا: وجدت كهفا جيدا، لنشعل النار ونجهز الطعام، إنه يبعد قليلا عن النهر لكنه يفي بالغرض.
فرحا للخبر، وقاموا بالفعل بتجهيز عشاء جيد لذيذ في داخل الكهف، صلى بهاء قبل أن يلتفوا حول النار عندما سأل بولس: بهاء حدثنا عن نفسك.
قال بهاء: اسمي بهاء إسلام، وعائلة إسلام هي العائلة الملكية في بلانسيا وقد غيرها زريب الحقير إلى أنطوان خان، عمري سبعة عشر، والدي هو الحاكم سلمان، وهو خبير بأمور الطب، وقد توفي مع والدتي قبل ست سنوات.
قال بولس بحزن: إذن عشت وحيدا منذ ذلك الوقت؟
قال بهاء بابتسامة كئيبة: ليس تماما، فقد كان لدي أخت.
سأل كين: كان؟
قال بهاء: نعم لقد توفيت.
أراد كين السؤال لكن بولس وكزه وكزة مؤلمة جعلته يسكت، قال بهاء: ماذا عن والديك كين؟
قفز كين من مكانه بغضب وقال:" لا تذكرني بهما. " ثم اتجه نحو مدخل الكهف واستلقى على ظهره.
همس بهاء لبولس: هل يكرههما بشدة؟
ضحك بولس وقال: ليس تماما، ولكن والدا كين منشغلان بعملهما تماما ولا يعيران كين أدنى اهتمام مذ كان صغيرا، وهو يعيش برفقة الخدم، أتتصور؟ قبل أن نأتي إلى هنا كان كين قد هرب من منزله وأخذ تذكرة إلى هنا من دون أن يعلم أحد!
وصلهم اتصال آخر من الفاروق مما جعل حوارهم ينقطع: السلام عليكم بهاء، هل أنتم بخير اليوم أيضا؟
قال بولس: هل ستتصل كل يوم لتطمئن علينا؟
قال الفاروق: ليس فعلا ولكنني أردت أن أخبركم أن هنالك عاصفة قادمة باتجاهكم، إن كنتم بجانب نهر ما، خذوا احتياطاتكم.
خرج بهاء من الكهف ونظر إلى السماء وقال: لن تأتي قبل ساعتين، شكرا لك عمي، كيف حال وائل؟
أجابه: بخير ولله الحمد، يوصل إليك السلام.
- عليه السلام، هل نعمة بخير مع هذه الأجواء؟
- القبو رطب، قمت بنقلها إلى الأعلى خشية أن تعاودها الحمّى، إلى اللقاء الآن.
- إلى اللقاء.
قال بهاء بعد أن أنهى المكالمة: سمعتما، لنأخذ الحذر من العاصفة، قوما بتجميع الصخور لنصنع سدا للمياه إن فاضت، هيا.
عمل الثلاثة بجد واجتهاد وبعد أن صفوا الحجارة قام بهاء بتغطية مدخل الكهف بغطاء بلاستيكي، وقام بتجهيز بعض المصابيح اليدوية التي تعمل ببطاريات بدائية نوعا ما، خشية أن تطفئ الرياح النار.
لم ينته الأمر إلا وقد بدأت الأمطار بالهطول، ولكنهم لإجراءاتهم التي اتخذوها ناموا بسلام.
*******
كانت الشمس قد أشرقت بالفعل، لكن ولقدوم العاصفة، لم تظهر، واستحال النهار ليلا، حالك السواد.
لم تشد المجموعة رحالها إلا في وسط الظهيرة، حيث كانت الشمس قد بدأت تبزغ بين الغيوم، النهر قد فاض، والأرض قد غدت طينية موحلة، مما جعل السير صعبا، لا سيما أنهم يصعدون الجبل لا ينزلون، قال بهاء: لنمشي على الصخور البعيدة عن النهر، سنجدها في الشمال، على الرغم من أن الأمر سيأخذ وقتا أطول للوصول إلى القمة من هناك، لكنه أكثر أمنا.
*******
في قصر زريب، كانت ميس تتجول بين الإسطبلات لتختار الخيل الذي سوف يرافقها طوال الرحلة، كانت حذرة جدا، اختارته بعناية، تفحصت اللجام، غيرت السرج بنوع أفضل منه، ونظفت الركاب، أمرت بتغيير حدوات أقدامه من باب الحيطة، وحينها أصبح الحصان " سنجقدار " جاهزا.
كان بندقيا، ملمسه كالحرير، ينحدر أصله من سلالة الخيول العربية الأصيلة، سريع، عالي القفز، بدون شك كان هو الحصان المختار.
لم هذا الحذر الشديد على غير المعتاد؟ الإجابة واحدة لا ثاني لها، لأن آسر سيكون معهم.
YOU ARE READING
بلانسيا
Adventureمنذ متى بدأ الأمر؟ لا أحد يعلم.. هي قصة خيالية .. اختلط الواقع منها بالخيال .. فغبشت أحداثها وامتزجت مع ذلك الضوء القديم .. تحكي عن صديقين .. سمعوا شعرا من شيخ خرف .. وهم لم يدركوا.. أن ذلك الشيخ كان إسطورة .. وأنه سيأخذهم إلى مغام...
