48 - صرخات

2K 192 208
                                    

صرخات تصم أذان سامعها، تضعه في حيرة، ما سببها، أهي صرخات ألم مرير؟ أهي صرخات من تجرع كأس المرارة؟ أم صرخات من وجد المضاد المناسب لبحار الحزن هذه؟

*******

في القصر ذو السبعة قباب، انحنى حيدر أمام زريب المحاط بالعديد من الفتيات الذين يعدلون مظهره بهدوء، قال زريب وهو يقف عن مقعده: لننطلق حيدر.

أومأ حيدر له بصمت وأخذ يتبعه بهدوء، وهو يفكر بفعلته، يفكر بأمور كانت لتكون أفضل لو تركها، أمورًا ستكون في مصلحته، نعم، لقد كان من المستحيل أن يحمل حيدر أية مشاعر ندم، لقد كانت مصلحته الوحيدة من بقائها، هي أنها كانت ستكون مساعدة جيدة في قتل زريب.

لم يأكله الندم حيًا يومًا إلا بسبب ذكرى واحدة، ذكرى ذلك اليوم الذي قرر فيه إنقاذ نفسه تاركًا جزءً من روحه وراء ظهره، لأنه يعلم إنه إن لم يفعل، لما بدأت سلسلة القتل هذه أبدًا.

يغمض عينيه كلما مر بشخص ما خشية أن يرى ذلك الشخص به ذلك العيب.

يقبض يديه بتوتر وألم خشية أن يحدث له شيء بسبب عيبه هذا، ويتنهد.

*******

في يوم هائل، منصة ضخمة متحركة تجرها العديد من الأحصنة في شوارع المدينة، فوقها، وعلى مقعد مبهرج، جلس الحاكم زريب خوري أنطوان خان، كانت الصيحات السعيدة والمزيفة تعلوا تدريجيًا مع حركة المنصة، الأطفال يجرون حولها بفرح حقيقي جاهلين عن حقيقة هذا العالم، حتى استقرت، في إحدى ساحات العاصمة، كان حيدر يقف خلف المنصة للحراسة، تقدم شخص منمق وبدأ بالحديث: مع هذه المناسبة المباركة، الذكرى السادسة لمولانا خوري أنطوان خان، فإننا نركع ونسجد، لهذا الحاكم العظيم الذي أنشأ دولتنا المباركة به، وأقام فيها العدل و.....

خرج صوت من بين الجمهور الهادئين: كذب!

انتفض زريب ووقف ليبحث عن صاحب ذلك الصوت، وما كان إلا بهاء الذي يرتدي رداء أسودًا ذو قلنسوة ويقف خلفه شخص لم يعرفه أحد من الحضور، يرتدي ما يرتديه بهاء ويغطي وجه بلثام أحمر.

صرخ زريب: أيها المتمرد! أتجرؤ على التقليل من جهود الحاكم؟

نظر بهاء في عيني زريب نظرة حادة وقال: أنا لست متهورًا لأفعل، ولكن خلاصة الأمر هي أنك لست الحاكم يا خوري.

- ماذا؟!

تقدم بهاء وصاحب القلنسوة بين الجمهور متجاوزين إياهم وليصعدا تلك المنصة  المبهرجة.

قال بهاء: الحكام السبعة، إنهم الحكام الأصليين، قمت بقتلهم جميعًا قبل ست سنوات.

قال زريب بعد أن التف ليصبح بهاء أمامه: هراء، لقد كانوا فسدة، أنا من أنقذ هذه الدولة من الهلاك، أيها الجنود قوموا باعتقاله فورًا.

بلانسياWhere stories live. Discover now