49 - هراء

2K 201 219
                                    


كانوا كيانًا واحدًا لعدة أجساد، كانوا أمة واحدة لأعراق مختلفة، لكنهم أصبحوا كذرات التراب حينما تهب عليه الرياح، فلا يؤثر بأحد ويجلب الألم.

*******

خلع الفاروق خاتم الحكم من يد زريب المبتورة وارتداه أمام الجمهور، قال: أتعرفون ما الذي أعطاني العزيمة على إكمال الطرق؟

صمت الجمع، فقال: إنه شيء تركتموه بإرادتكم أيها الجمع، أرأيتم ما الذي حدث حينما صدقتم هراء هذا الكاذب عن الإسلام؟ هل حقًا صدقتم أن الرفاهية والعيش الآمن الذي قدمه لكم أصدقائي قد كان بسبب لا شيء؟

صمت الجميع من جديد، لم يكن لديهم الشجاعة الكافية للرد عليه، قال الفاروق: فرقتم شملكم بعد أن كنتم بنيانًا مرصوصًا، افتحوا أعينكم واصغوا بآذانكم، الجميع يعلم ما الذي كان السبب.

قال أحد الحضور ببطء: أنا أشهد.. أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله.

ما إن قالها، حتى بدأ كل فرد يتشهد، مما خلق ضوضاء لطيفة، وسعادة غامرة في قلب الفاروق، صرخ أحدهم: نبايعك على السمع والطاعة أيها الحاكم، نبايعك.

ابتسم الفاروق ونزل من على المنصة ليعانقه كين وبولس ونعمة ووائل، وأيضًا بهاء، ثم أخيرًا مروان، قال مروان: نجحنا أيها الحاكم، نجحنا.

قال بولس: يا لك من شرير! لماذا لم تخبرنا أنك فارس المجرة.

قهقه الفاروق وقال: أعتذر لقد نسيت هويتي.

تأفف بولس بعد أن أدرك أن الفاروق قد عاد إلى مزاحه المعتاد.

قالت نعمة: هل سنعود إلى القصر الآن؟

ربت الفاروق على رأسها وقال: في القريب العاجل.

فجأة طعن كتف الفاروق من الخلف، وسحبت نعمة من ذراعها بقوة وقال الصوت: لم تنجحوا بعد!

التف الفاروق ليجد حيدر المصاب بسهم في صدره يقف خلفه يلهث وهو يضع المسدس على رأس نعمة.

توجه حيدر ببطء إلى الخلف حتى ابتعد عن المنصة وقال بصوت متألم: أعطني الخاتم!

ابتلع الفاروق لعابه حينما رأى نعمة بين يدي حيدر.

أيخلع الخاتم؟ نعم، فلا مجال للمناقشة هنا، ما إن خلع الخاتم، حتى ابتسم وأعاده إلى إصبعه، لأنه عرف أن الأوان لم يفت بعد.

فوجئ حيدر من تصرفه، ولكنه فوجئ أكثر بذلك الخنجر الذي يعرفه جيدًا أمام عنقه، قال بصعوبة: مستحيل! ألم تغادر روحك جسدك أيها القط البري؟

قالت ميس المتعبة خلفه: للقط سبع يا رجل، أترك الفتاة حالًا!

شد حيدر نعمة إليه ووضع إصبعه على الزناد، فقامت ميس بجرح عنقه جرحا عموديًا لتنزف الدماء منه، لكن حيدر لا يزال يتنفس، قالت: المرة القادمة سأجعله أعمق، أتركها على الفور!

بلانسياWhere stories live. Discover now