الزهرة الثالثة و الأربعون : لَيلَةٌ قِرمِزيَةٌ مِنَ الصَيفِ.

448 52 22
                                    

المكانُ حولهُ يتوهجُ لونًا برتقاليًا متأججًا و الأرض تُغمرُ بالأحمر شيئًا فشيئًا.. صوتُ تأجج النيران و ضوضاء الطعن و تهاوي الأخشاب هُنا و هناك، رائحة الرماد المتطاير في الجو ممزوجة مع الرائحة الحلوة للدماءِ الطازجة، يجثو ذلكَ الطفل أسود الشعر وسطَ هذهِ الفوضى يُحدقُ بها بعينيه البنفسجيتين المتسعتين و تقاسيم وجههِ يغلفها الرعب، بشرتهُ شاحبةٌ، شفتاه ترتجفان، يجثو على ركبتيه اللتان بالكاد يشعرُ بهما، أطرافهُ باردةٌ بعكس حرارة المكان المشتعلة حولهُ و قلبهُ يسحقُ بلا رحمة... يشعرُ بأمعاءهِ قد اختفت و لعابهُ قد جفّ تمامًا

نطقت شفتاه أخيرًا بصوتٍ خافتٍ مرتجف : توقف... تو..قف..

ثُمَ تبعها صُراخهُ المبحوح : أترجاك !، أرجوكَ توقف فقط !

أردفَ بصوتٍ خافت : سأفعلُ كُلَ ما تُريد لذا رجا--

فجأة تناثرت الدماء فوقهُ لتصبغَ وجههُ ووبضعَ خصلاتٍ من شعرهِ بالأحمر، اتسعت عيناه أكثر و شعرَ بالحرارة تغلي متصاعدةً في حلقه، ازدادَ إرتجافهُ ليهمسَ بصوتٍ مهزوز سائلًا : إد.. غار ؟

ما كان أمامهُ سوى رجلٌ يرتدي معطفًا أسودًا غُمرَ بالأحمر على حين غرة، غزا الشيب شعرهُ ووشعت عيناه حمرة، و ما كانَ أمامهُ سوى جسدُ طفلٍ أشقر يتدلى و مخالبٌ قد غرزت في منتصفِ صدرهِ سابحًا في دِماءه

ابتسمَ الرجُل لأسودِ الشعر قائلًا : هيا راين... كُفّ عن صُنعِ وجهٍ كهذا.. رائحته لذيذة أليست كذلكَ ؟

التفتَ إليهِ المعني بوجهٍ شاحب وبطء شديد ليحدثَ ذاتهُ قائلًا : رائحة الدم... حقًا... لذيذة...

ازدردّ ريقهُ بصعوبة حينّ أخذَ يشتمُ تلكَ الرائحة العالقة بهِ ليسقطَ جسدُ الطفلِ الأشقرِ أرضًا معيدًا راين إلى الواقع

نادى الأخير بفزعٍ ناهضًا من مكانهِ بصعوبة : إدغار !!

أمسكّ بهِ راين بينّ يديهِ، تجمعت الدموع في جحرا عينيه و أخذَ يقول بفزع : أنا آسف، أنا آسف !!، أرجوك !، فقط لا تمت !، إدغار !!

سأل إدغار بصعوبة من بينِ أنفاسه الثقيلة : علامَ تعتذر ؟، راين...

فسّر الآخر : لأنه.. لو أنني لم أستمر في المجيء إلى هُنا.. لما حدثَ أيٌ من هذا !

إدغار : إنهُ ليسَ... خطأكَ رايـ..ن، لكن رجاءً... سارا...

فهتفَ بهِ راين بفزع : ما الذي تقولهُ !، ماذا عنكَ !، يستحيلُ أن أترُككَ هكذا !

إدغار : استمع إلي أيها الأحمق !، أعضائي.. الداخلية... قد تضررت بالكامل... لَن أصمُدَ كثيرًا...

هتفَ راين بقلقٍ و رجاء : لن تعرف ما لم تحاول !

بصوتٍ حَملَ الكثير من الإرهاق و الأكثرَ من الحزن : راين... دعني أقم.. بدور الأخ الأكبر.. و لو لمرةٍ.. واحدة.. رجاء...

flores pueblo - قيد التعديلWhere stories live. Discover now