الزهرة الخامسة و الستون : اشتقتُ إليكَ.

364 51 7
                                    

وضعَ السكينَ مكانها متلمسًا سطح المكتبِ بشرودٍ حتى انتشلهُ صوتُ صريرِ الباب يفتحُ من شرودهِ معيدًا إياهُ إلى الواقعِ، التفتَ إلى البابِ فإذ بهِ يبتسمُ بلطفٍ فورَ رؤيتهِ لمن يقفُ على عتبتهِ

همسَ صوتها الناعمُ بهدوء : أ- أخي الأكبر...

حدقت عيناها البنفسجيتانِ بهِ باتساعٍ بينما نسيت فاها مفتوحٌ لتنزلَ دموعها بغزارة، أخذت تمسحها سريعًا غيرَ أنَّ الأخيرة تأبى التوقف

روزماري : ماذا ؟، إنها لاوتتوقف.. لـ لا بد بأنني أحلم..

اقتربَ منها راين ليحتضنها بقوةٍ فهمسَ في أذنها مطمئنًا : هذا ليسَ حلمًا ماري... لقد عدت.

بادلتهُ شقيقتهُ العناقَ فقالت من بينِ شهقاتها : لقد اشتقتُ إليكَ !، اشتقتُ إليكَ حقًا !، أخي الأكبر !!.

ربتَ على رأسها بهدوءٍ ثُمَ قادها نحوَ سريرهِ يجلسانِ على الحافةِ معًا، أحاطَ وجنتيها بكفيهِ آخذًا يمسحُ دموعها بإبهاميهِ بلطفٍ

قالَ : لا تبكي ماري.. ستفسدينَ جمالَ عينيكِ.

اكتفت بالإيماءِ إيجابًا متمسكةً بيديهِ لتهمس : أنتَ حقًا هُنا.. لا أصدقُ ذلكَ..

أردفت بقلق : لكن كيف ؟، لوكا ني لم يفعل شيئًا صحيح ؟، أعرفُ أنَّ آلي تشان لن يفعل لكن لوكا ني قد تغيرَ كثيرًا..

ابتسمَ لها راين بلطفٍ مجيبًا : لا بأس، لقد جئتُ إلى هُنا بإرادتيَ الخاصة.. لا أحدَ يعلمُ لذا ابقيهِ سرًا حسنًا ؟.

أومأت ماري إيجابًا ثُمَ سألت : لكن لِمَ عدتَ إلى هذا المكان الفظيع ؟.

تحولت ملامحهُ إلى الجدية ليقولَ : استمعي إليَّ جيدًا ماري، و إلى ماوحدثَ معي خلالَ السنةِ الأخيرة.

أومأت لهُ روزماري إيجابًا ليبدأ بسردِ ما حدثَ معهُ إبتداءً من كيفَ أبحرَ مع غوبر داخل مثلثِ الشيطانِ و كيفَ انتهى بهم الأمر في مقبرة الجشعِ و لقائهِ مع بياتريس، أخبرها عن سكانِ أتلانتس و عن غابة المساءِ ووالشجرة العظيمة و كذلكَ الجزيرة العائمة و غابة المحيط، عن لوكي و هاري، جوليا، روبي وعن كُلِّ شيءٍ بالتفصيل، بينما كانت روزماري تعرفُ كُلَّ تلكَ الأمورِ كونها تراقبهم بفضلِ ماركوس لكن ما أمتعها حقًا هي سخرية أخيها و تعليقاتهِ المضحكة على أشدِّ الأوضاعِ جديةً و قسوة.

راين : و لذلكَ، أحتاجُ رؤيةَ أمي من أجلِ الترياق.

روزماري : فهمت !، إذًا سأساعدُ أخي الأكبر أيضًا !، سأتركُ المكانَ معكَ حينَ تغادر !.

اعترضَ راين من فورهِ : لا تستطيعين، سيكونُ خطرًا !.

ابتسمت روزماري قائلة : لكنكَ ستحميني صحيح ؟.

حدقَ بها راين متفاجئًا فابتسمَ لها بلطفٍ بدورهِ وربتَ على شعرها مجيبًا : بكلِّ تأكيد.

ثُمَ أردفَ سائلًا : لكن إن كُنتِ حقًا تراقبيننا من خلالِ ليكس طوالَ الوقتِ كيفَ لكِ أن لا تعرفي شيئًا بشأنِ غابة المحيط و قدومي إلى هُنا ؟.

هي أخفضت نظرها إلى الأسفلِ مجيبة : بشأنِ هذا أخي الأكبر.. لقد كُنا مشغولينَ في التحضير لمراسمِ سن الرشد.

سألَ راين متعجبًا : سن الرشد ؟.

روزماري : بدأوا يقومونَ بها بعدَ أن رحلتَ.. أصبحوا يقيمونها لمن يبلغُ السابعة عشرةَ من العمرِ.. هُم يشربونَ فيها دماءَ البشرِ لأجلِ الخلود.. و بالطبع هيَ تقامُ للنبلاءِ أو أصحابِ القوة السحرية الكبيرةِ فقط..

سكتَ راين دونَ إجابةٍ لتردفَ هي : لقد امتنعتُ عن شربها بحجةِ أنني أودُ أن أبدو بالغةً أكثر لكن.. لوكا ني قد...

أخذ راين نفسًا عميقًا مغلقًا عينيهِ مقطبًا حاجبيهِ : قبلها دونَ تردد.

أومأت روزماري بهدوءٍ و الحزنُ يهيمنُ على ملامحها لكنها سرعانَ ما وجهت نظرها نحوَ ميرا لتهتفَ بسعادة : إذًا فأنتِ هي ميرا !، لطالما وددتُ شكركِ لبقائكِ قريبًا من أخي !، لذا شكرًا لكِ على كُلِّ شيءٍ ميرا.

ابتسمت ميرا بلطفِ لتقول : لأقولَ الصراحةَ لقد ظننتُ أنكِ كتوأمكِ الأحمقِ ذاكَ لكنكِ لطيفةٌ حقًا، سررتُ بلقائكِ ماري !.

روزماري : و أنا كذلكَ !.

التفتت نحوَ راين لتنهض مبتسمةً فقالت : لا بدَّ و أنكَ عطش !، سأذهبُ لجلبِ بعضِ الدماءِ لأجلكَ اخي.

بادلها راين الابتسامةَ مومئًا بالإيجابِ لتخرجَ مغلقةً البابَ خلفها فإرتمى راين على سريرهِ بتعبٍ واضحٍ مغطيًا عينيهِ بساعدهِ الأيسر لترتسمَ ابتسامةٌ خفيفةٌ على شفتيهِ، بعدَ بضعِ دقيقةٍ أقبلت روزماري على الغرفةِ تحملُ دلوًا و كوبينِ بينَ يديها

أغلقت البابَ خلفها بينما تقول : لقد عدتُ أخي.

لم تتلقى أيَ إجابةٍ فالتفت نحوَ سريرهِ فتجدهُ قد غطَّ بالفعلِ في نومٍ عميق، كانَ نائمًا على جانبهِ الأيمنِ متوسدًا كفَ يمينهِ و ميرا قربهُ فأشارت لها الأخيرة بأن تلتزمَ الهدوء لتقتربَ ماري من شقيقها تداعبُ شعرهُ الناعم، و ها هيَ عينهُ اليسرى تذرفُ بضعَ دمعةٍ كالعادة.

flores pueblo - قيد التعديلWhere stories live. Discover now