الزهرة المائة : النهاية و البداية و النهاية و البداية.

382 49 16
                                    

مشهدٌ حيثُ ذاتُ الشعرِ الأحمرِ طريحةُ الفراشِ، يجلسُ على الكرسي قريبًا منها ذا الشعرِ الأسودِ شابكًا يديهِ مطأطأ رأسهُ لتغطي غرته عينيهِ و شقيقتهُ تجلسُ على حافةِ السريرِ تدفنُ رأسها في صدر والدتها

قالت ذاتُ الشعرِ الأحمرِ بلطفٍ و وهن : لا تبكي إيلينا.. و أنتَ كذلكَ راين..

هتفَ راين بنبرةٍ مهزوزة و صوت مبحوح : أنا لا أبكي !.

أجابت : كذاب.. حتى و إن كنتَ تنكرُ ذلكَ، تخفضُ رأسكَ و تحجبُ ملامحكَ عني.. أعرفُ أنكَ تحاربُ دموعكَ بصعوبة الآن.. أنتَ ألطفُ من أن لا تفعل...

سكتَ راين دون إجابةٍ و أمسى يعض على شقتهِ بقوةٍ لتردفَ والدته : كما توقعت.. لَم يعُد لدي الكثيرُ منَ الوقت...

شهقت إيلينا بقوةٍ لترفعَ رأسها قائلة : لا تقولي شيئًا كهذا !، انظري إلى نفسكِ !، لا تزالينَ شابةً أمي !.

أجابت والدتها : إيلينا.. نحنُ المشعوذونَ نمتلك أجسادًا لا تشيخُ من الخارج.. لكن من الداخلِ فهي متعبةٌ تمامًا.. انا لَم أعد أمتلكُ غير دقائق معدودة..

عادت إيلينا تذرفُ دموعها بغزارةٍ لتدفنَ رأسها في صدرِ والدتها : رجاءً لا تقولي ذلكَ أمي..

ابتسمت والدتها قائلة : أتعلمان ؟، وددتُ لَو أرى والدكما في العالمِ الآخر .. أتسائلُ إن كُنتُ سأفعل ؟.

أخذت نفسًا عميقًا ثُمّ أردفت : وداعًا راين، إيلينا.. اعتنيا ببعضكما من أجلي ..

صمتٌ صارخٌ حلّ على المكانِ فلا يسمعُ لهم نفسٌ و لا نبض، و في اللحظة الأخرى تعالت شهقات إيلينا التي انهارت باكية بينما رفع راين رأسهُ عاليًا علّ دموعهُ تتوقفُ عن الانهمار، قلبُ والدتهما قد توقفَ مرةً و إلى الأبد.

" راين : في ذلك اليوم.. أنا و أختي بقينا ساكنينَ في أماكننا ننتظرُ من أمي أن تفتحَ عينيها من جديد.. منذُ ذلكَ الصباح و حتى الصباح الذي تلاه.. لكن في النهاية... هي لَم تفعل... في ذلكَ الوقت، كانَ الأمرُ كما لو أنّ العامَ قَد توقفَ فجأة... في هذهِ القرية التي صنعتها تضحيةُ والدي الذي لَم أرَ وجههُ يومًا.. كانَ من المفترضِ بنا أن نعيشَ ثلاثتنا معًا إلى الأبد .. لكن و قبلَ أن ندرك، نحنُ أصبحنا إثنينِ فقط.. في ذلكَ اليوم... انتهت حياةُ أمي .. و بدأت نهايةُ العالمِ الذي أنقذهُ جان."

وقفَ أسودُ الشعرِ و شقيقتهُ أمام ذلكَ القبرِ على تلكَ التلةِ دونَ أن يهمسَ أحدهما حرفًا للآخر

و أخيرًا قالَ راين : فلنذهب، أختي..

أجابتهُ إيلينا بشرود : إلى أين ؟، لطالما كُنا حيثُ تكونُ أمي .

راين : هي أخبرتنا صحيح ؟، إن حدثَ لها أمرٌ ما علينا التوجهُ غربَ التلة في خطٍ مستقيم.. فلنذهب.. إيلينا.

flores pueblo - قيد التعديلWhere stories live. Discover now