الزهرة الرابعة و السبعون : بياتريس.

354 49 10
                                    

زفرَ راين قائلًا : وبما انَ سوء الفهمِ قد حُل... حانَ الوقتُ للكشفِ عَن الماضي... قبل ما--

وضعت بياتريس كلتا يديها امامَ وجهِ راين الذي دُهشَ بالكاملِ من تصرفها لتبقي الاخيرة على سكوتها بضعَ وقتٍ

اخيرًا قالت : رجاء... دعني ابدأ اولًا...

اومأ راين أيجابًا ببطأ شديدٍ ليخيّم الهدوء على المكان فتبدأ بياتريس بالحديث : لقد أتيتُ من قرية سميت إسترياس كلايس ... بالفيلادية تعني تساقط النجوم ... حيث كانت سماءها صافية ، لم تتجمع الغيوم فيها يومًا ، في المساء تتزاحم النجوم في سماءها حتى تكاد تبدو سماءً بيضاء بنجوم سوداء ، و القمر الهلالي الكبير لم يتركها أبدًا ، لم يكن ليكونَ بدرًا يومًا ، هلال على الدوام فقط ، حتى حين تمطر ، سمائنا لم تتلبد بالغيومِ قط ، كان فقط كما لو أنّ النجوم تسقط إلى الأرض و كذلك الأمر مع ثلوج ...

لذا ... قبل تسعةِ أعوامٍ و نصف ... حين كنتُ في الثامنة

- قبل تسعةِ أعوام ( قرية تساقط النجوم) -

الشمس الساطعة تنشر أشعتها على المكان ، المنازلُ الخشبية و الأشجار و العشب و كل شيء يبرق بألوانٍ مشعة ، حيث تقف تلك المرأة كستنائية الشعر بنفسجية العينين لتنشر الغسيل في الهواء الطلق و قربها تجلس طفلة واضعةً يديها على خديها بملل و ذلك السنجابُ الفضي يطفو قرب كتفها

فتذمرت الفتاة متململة : يا ليتني فقط أبصرُ نهارًا ، لكنتُ ساعدتكِ في أعمالِ المنزل لينا !

قهقهت لينا لتردّ بلطف : أتريدين الإبصار نهارًا لتلك الدرجة ؟ بياتريس

بياتريس : خطأ ! أشعر بالسوء لأنكِ تقومين بكل شيءٍ وحدك ! أريد أن أساعد لينا !

تركت لينا ما بيدها لتجلس قربَ بياتريس و تقبل جبهتها : مشاعركِ وحدها تسعدني ! كم أنتِ لطيفة ! لينا سعيدةٌ حقآ الآن !

ضحكت بياتريس بسعادة و عانقت لينا بقوة : أحبكِ كثيرًا ! لينا !

فبادلتها لينا : و أنا أكثر ! عزيزتي !

ابتعدت بياتريس عنها لتقول بالقليلِ من الحزن : لكني ما زلت أودّ الإبصار نهارًا !

لينا : إن أبصرتي حقا ، ماذا ستفعلين ؟

ابتسمت بياتريس ابتسامةً عريضة لتقول : سأساعد لينا في المنزل ! ثم أطهو طعامًا لذيذًا كلينا ! ثم أذهبُ لقريةِ الزهور ! ثم أحلق في السماء !!

قالت جملتها الأخيرة و هي تفردُ يديها في الهواء كالأجنحة بينما لينا تقهقه و تشجعها على ما تقوم به من تصرفاتٍ طفولية ، مرّت الأيام و هن يقضين أيامهن في القرية بهدوء بعيدًا عن أهلها فهم مع أنهم طيبون إلا أنّ الأطفال يؤذون بياتريس لاختلافها و لا والدين ليقران بخطأ طفلهما بل ينعتون بياتريس بالكاذبة ، و بالنسبة لبياتريس فلينا و لوكي يكفيان و أكثر

و في أحد الأيام ، فتحت بياتريس عينيها لتجد نفسها في غرفتها ، جاثيةً على الأرض ، و مكبلة

همست بياتريس بقلق : لينا ؟...

ابتسمت لينا لتقولَ بلطف : لا بأس بياتريس ! هذا من أجل مصلحتك

بياتريس : عن ماذا تتحدثين ؟

لينا : ما إن أنتهي من هذا ... ستبصرين ضوءَ النهار

لم تعرف بياتريس لماذا لكنها شعرت بالفزع ! لينا على وشكِ أن تتلاشى فصرخت بصوتٍ عال

بياتريس : لا تفعلي لينا ! رجاءً ! لا أودّ أن أبصر نهارًا ! لن أتمنى هذا ثانيةً !

بدأت تذرفُ الدموعَ بغزارة بينما تبتسم لينا برضى لتردِفَ بعد أن بحّ صوتها : أنا آسفة أنا آسفة، أنا فعلًا آسفة، رجاءً لا تتركيني ! أعدكِ أن أكون فتاةً مطيعة سأفعلُ أيّ شيء !، سافعلُ أيَ شيءٍ لذا...

اتسعت ابتسامة لينا لتقول : قايضتُ حياتي ببصرك ! لا تستطيعين منعي ، لذا ... اقبلِ هديتي و ابتسمِ ... الوداع بياتريس !

فصرخت بياتريس : لينا !!!

- عودة إلى الحاضر -

بياتريس : لكن هذا لَم ينجح ... لطالما كانت لينا مريضة بجسدٍ ضعيف ، لذا لم تكن طاقةُ حياتها كافية..

أضاءت القرية بموجةٍ حلقية من الضوء ، و حين أفقت لم يكن في القريةِ أحد غيري و لوكي ... تعويذة نور الحقيقة ليست سحر ضوء ، إنها سحرٌ أسود قدمته لي لينا ، لذا ، أنا أبدًا ، لم أعتقد أني قتلتها ! لأنه حينئذٍ سيكون موتها دون معنى ... لكن ... أن يكون كل ذلك كذبة ...

راين : أنا آسف... لا بد أنه سحر لوكا ... لقد تسبب شقيقي بمتاعب كثيرة !

ابتسمت بياتريس و هزّت رأسها نافية : غير صحيح ! أنا سعيدة كونه وهمًا و أنه فقط تمّ العبثُ بذكرياتي قليلًا ، لقد جعلني أشعرُ بشعورٍ أفضل !

زفر راين الهواء ليقول بهدوء : لقد حان دوري إذًا ...

بياتريس : لا بأس أن لم تخبرنا ، لا تجبر نفسك ...

راين : لا ، أودّ إخباركم بالفعل ، ليس أنتم فقط ، حتى روبي و البقية ...

فقصّ عليهم راين حكايته كاملةً .

flores pueblo - قيد التعديلWhere stories live. Discover now