الزهرة الرابعة و التسعون : لقاء.

339 45 18
                                    

أخذَ سيلفر يصرخُ ببحة من الألم و هو عاجزٌ عن الحركةِ تمامًا بينما كانَ هاري يحملُ ما تبقى من أعضائهِ الداخلية بيدهِ قائلًا ببرود : أنتَ لن تحتاجَ هذهِ بعد الآن ... حتى و إن فرض أنكَ خالد ... لن تستطيعَ سوى الاستمتاع بخلودك و أنتَ ممدد هنا إلى الأبد ...

هتفَ سيلفر : اللعنة عليك ! اللعنة على كلّ البشر ! اللعنة على هذا العالم !!

هنا سمعَ هاري صرخةً مكتومة صدرت من روبي ليلتفتَ نحوها ببرود و عيونٍ خالية من الحياة لكن ما لبثت أن اتسعت على مصراعيها حين أبصرت ما أمامها ... هو لم يكن في وعيه ، هذا ما أدركه هاري فورَ رؤيتهِ لماركوس و قد اخترقت أنيابهُ عنقَ روبي دونما رحمة ، أما روبي فهي لم تقاوم بل على العكس كبتت ألمها في سبيلِ عودةِ المتسبب به سالمًا ، ثوانٍ حتى تصاعدَ البخارُ من جروحِ ماركوس و التأمت كراين تمامًا ، و بعد مضيّ فترة لم يبتعد أبدًا عنها فهمست روبي بضعف : مار ...كوس ... أنا ...

و فقط هنا أجفلَ المعني و عيناه التي كانتا خاليتينِ من البريق استعادتا بريقهما متسعتين تمامًا ، تركها برفقٍ و هدوء محاولًا أن لا يؤلمها ثمّ همس : أنا آسف ! لم أقصد حقًا !

و كلّ هذا حدثَ أمام عينيّ راين و هايدن الذان وقفا مصدومانِ تمامًا مما يحدثُ حولهما، كما لو كان الزمن قد توقفَ بهما تمامًا ، ماركوس شربَ توًا دمَ رفيقته ، هاري صُبغَ بالأحمرِ بالكامل و سيلفر ممددٌ على الأرض كجثةٍ هامدة

" ماذا حدثَ هنا ؟ " همسَ راين دونما وعي ففجر هاري أعضاءَ سيلفر إلى قطعٍ من الفتات

هاري : سنشرحُ لاحقًا ! راين ، بياتريس في خطر ! تلك المدعوةُ إلينا تنوي فتحَ مدخلٍ إلى فلوريس بيوبلو في أيّ وقتٍ الآن !

انفعلَ راين و تقدّم من هاري ليهتف : كيف وصلت إلى هنا ؟

هاري : اخبرتكَ انهُ لاوقتَ لدينا ! علينا أن نسرع !

نظرَ راين إلى أليكسي الذي لا يزالُ مصدومًا مما فعله و ملابسه ملطخةٌ بالدماء و ممزقةٌ بشدة لكن لا أثرَ لأيّ جرح و هنا اتضحَ له الأمر فقال : أستبقى هنا فقط كالأحمق ؟! احمل روبي و اتبعنا سريعًا ! ليكس

أفاقَ المعني من صدمتهِ ليهتف : حـ- حالًا !

ما لبثوا أن ابتعدوا عن مكانِ سيلفر قليلًا حتى شعرَ راين بهالةٍ مألوفة ، هالة مقيتة حقدَ عليها منذ الأزل و ذلك الصوتُ العتيق تخللَ مسامعهُ لأول مرة منذ زمن قائلًا : إلى أين تظن نفسكَ ذاهبًا ؟ راين ...

عكست عيناه البنفسجية صورةَ ذاك الرجل ذو الشعرِ الأشيب ، البشرةُ شاحبة البياض و تلك العيونُ الياقوتية التي تشعُ حمرةً وسط الظلام ، اضطربت أنفاسُ راين فأخذت تتسارعُ كما ضربات قلبهِ تمامًا ، ازدرد ريقه و شعرَ بحلقهِ جافًا و شفاه متيبسة ، أطرافه بردت و اقشعرَ جسده ليهمسَ بحنق و بحةٍ حادة : لويدغير ديستيلا ! ...

بينما حالُ ماركوس لم تكن أفضل من راين أبدًا لكنهُ تراجعَ بضع خطوة إلى الخلف و آثرَ الصمت على الكلام

همسَ راين و غرته تغطي على تقاسيمِ وجهه قائلًا : ابتعد عن طريقي ...

شدّت تلك الجملة انتباهَ لويدغير ليصرخ راين بسخط : لقد قلتُ لكَ ابتعد عن طريقي !! ماذا تود بعد ؟ لقد سلبتني صديقاي الوحيدان ! القريةُ التي اعتبرتها كمنزلٍ لي ! الناسُ الذين أحبوني و تقبلوني بصدق كما لم تفعل أنت ! الأشخاصُ الذين لم يرموا بي داخلَ شجرةِ الدم مواجهًا الموت كما فعلت يا مَن مِن المفترضِ أن تكون والدي و أبي ! و الآن ماذا ؟ أتود أن تسلبَ مني كلّ شيء مجددًا ؟ أليسَ لديكَ شيء لتفعله سوى تدميري ؟!

فقالَ المعني بهدوء : راين ...

سكتَ ثمّ أردف : ثق بي ... هذا لمصلحتنا جميعًا ... لا تكن أنانيًا ...

شدد راين على قبضتهِ بقوة و ابتسمَ ساخرًا مع حدة تبرقُ في عينيه : فلتذهبوا إلى الجحيم ! سأكونُ ما أريد و أفعل ما أريد ! ثم أحقا تقولُ ثق بي ؟ بعدَ كلّ هذه المدة ؟ أحقًا تتوقع أن أقول أجل بكلّ تأكيد ؟

لويدغير : راين.

هتفَ راين : ماذا !، فلتشرح كما يجب !، انتَ دومًا هكذا !، فقط تقومُ بكُلِ شيءٍ بصمتٍ ودونَ مبررات !!، لقد كنتَ هكذا دومًا وستبقى !، بحق الجحيم فقط تنحى جانبًا !!.

زفرَ لويدغير بحدة و قالَ بهدوء : جاك ذا ريبير

*جاك السفاح.

اتسعت عينا راين و هتفَ من فوره : ابتعدوا عنه حالًا !

و كرد فعل طبيعي من أجسادهم قفزوا متراجعين إلى الخلف ، و طاقةٌ سوداء تشعُ بالأحمر تتلوى كما الأميبا خرجت من خلف لويدغير لتحول كلّ ما أمامها إلى أشلاءٍ صغيرة

لويدغير : كن مطيعًا راين ... أنتَ و أليكسي أكثر من يعرف أنّ هذا السحرَ لا يرحم ...

أمسكَ راين مقبضَ سيفه الطويل و الكبير، ذاك الذي لم يسحبهُ قط منذ سلّمه معلمه له قبلَ موته

غطت غرته على عيناه و همس : امنحني قوتك ، سيف إمبراطور الرياح ، فينيا .

هتفت الرياحُ داخلَ رأسه : أأنتَ مجنون راين !!، توقف حالًا !، أ انت مدرك لما انت على وشكِ ان تفعله !!.

فجأةً غرائزُ لويدغير أخبرته بالتراجع و احتدت نظراته مركزًا على الدفاع استعدادًا لما سيحصل ، فأصبحَ الجو عاصفًا حولَ راين الذي بدأ جسده ينتجُ ريحًا بقوة حتى أصبحت تبدو بيضاء لكثافتها ، تقدّم راين بهدوء من لويدغير ليقول : التعويذةُ صفر من أصل خمسة ... سيد الكوارث ... تفـ ...

ازدرد لويدغير ريقه ليقاطعَ راين هاتفًا : مهلًا ! مهلك راين ...

بقي راين يحدّق به و قد توقفَ مكانه ، إلا أنه لم يكن يبدو و كأنه سيعدلُ عن قراره هذا فأكملَ مردفًا : أواثق أنكَ تود القيام بهذا ؟ صحيح أنها ستكونُ آخرتي لكن ... ماذا عنك ؟ أمستعدٌ للموت ؟

سكتَ البقية فهم لا يعلمون ما ينوي راين على فعله إنما استنتجوا من الحديث أنه أمرٌ سيء

فأجابَ راين : لا تقلق ... لا أنوي الموت بعد ... و ذلك لن يحدث بكلّ حال ...

flores pueblo - قيد التعديلWhere stories live. Discover now