الزهرة الثامنة و التسعون : زاك 2.

320 42 12
                                    

بعدَ مرورِ نصفِ عامٍ على لقاءِ زاك بإيلينا، و قبلَ عشرةِ أعوامٍ منَ الانِ، دخلَ زاك عابسًا إلى الكوخ الذي سكنَ فيهِ مع إيلينا بثيابٍ متسخة كلهُ كدمات و جراح

تقدمت إيلينا نحوه لتحوط خداهُ بكفيها قائلة بقلق : زاك ؟، ما الذي حدثَ لكَ ؟، أدخلتَ في قتالٍ مجددًا ؟.

تشبثَ زاك بملابسهِ مطأطأ رأسهُ إلى الأسفل : هذا لأنهم كانوا ينعتونكِ بالمشعوذة مجددًا...

ابتسمت لهُ إيلينا بلطفٍ قائلة : هيــه، أنتَ حقًا لطيفٌ ألستَ ؟، لكن لا بأس.. إنهُ لا يزعجني على الإطلاق.. لذا...

ربتت على شعرهِ بلطفٍ لتكمل : عدني أن لا تؤذِ نفسكَ مِن أجليَ مجددًا !.

أومأ زاك إيجابًا دونَ أن يتفوه بأيّ كلمة لتنهضَ إيلينا هاتفة : و الآن !، ماذا تريدُ على العشاء ؟.

هتفَ زاك بسعادة : حساء الدجاج !.

" زاك : وهكذا مرّت الأيام كما المعتاد.. لكن، هذه الحال لَم تَدم طويلًا.."

جلست إيلينا قريبًا من زاك قائلةً : زاك...

همهمَ المعنيُ كإجابةٍ على ندائها لتردفَ هيَ : ماذا لَو أخبرتكَ أني مشعوذةٌ حقًا ؟.

رفعَ أحدَ حاجبيهِ مستنكرًا : هاه ؟.

اقتربَ منها ليضعَ إحدى يديهِ على جبينها و الأخرى على جبينهِ قائلًا : أمتاكدة أنكِ بخير ؟.

إيلينا : لنكونَ أكثرَ دقة.. فأنا شيطانة...

تحولَ لونُ عيناها منَ البنفسجيِ للأرجوانيِ ثُمَ الوردي الداكن وصولًا إلى الأحمرِ تحتَ أنظارهِ ليزدردَ زاك ريقهُ قائلًا ببلاهةٍ و خفوت : بجدية ؟

إيلينا : خائف ؟.

أومأ زاك نافيًا من فورهِ ليقولَ : إيلينا هيَ إيلينا مهما كانت !، لِمَ سأخاف بعدَ كُلِّ هذا الوقت ؟.

إيلينا : زاك... أنا عائدةٌ إلى عالمي.. تعرفُ ماذا يعني هذا صحيح ؟.

عقدَ زاك حاجبيهِ و يديهِ مفكرًا ثُمَ قال : إما أن نَفترقَ هُنا أو أن أذهبَ معكِ..

ابتسمَ مردفًا : أختارُ الثاني !.

" زاك : و هكذا... تبعتُ إيلينا إلى عالمها، و لأجلِ ذلكَ شربتُ من بحيرةِ الدمِ لأمسيَ نصفَ شيطان... كُنتُ سعيدًا جدًا كوني سأعيشُ معها إلى الأبد.. دونَ أن أدركَ أني سأحطمُ نفسيَ شيئًا فشيئًا مستقبلًا... إيلينا.. لا، أمي كانت شخصًا مختلفًا هُناكَ، قاسية، باردة، و غيرُ مهتمة... لكن.. حينَ كُنا نجتمعُ بمفردنا تعودُ إلى أميَ القديمة اللطيفة و الحنون... هيَ أعطتني الكثيرَ من المهماتِ المؤلمة.. كأن أسيطرَ على هذا أو أن أتلاعبَ بذكرياتِ ذاك.. كُنتُ أجبرُ نفسي على طاعتها رغمَ أنهُ مؤلم... رغمَ أني لا أودُ القيامَ بهِ... متشبثًا بتلكَ اللحظاتِ القليلة السعيدة التي نقضيها سويًا... فبعدَ كُلِّ شيء.. هيَ المرأة التي أنقذتني منَ التعفنِ في ذلكَ الزقاقِ القذر حتى آخر يومٍ في حياتي.. و في أحدِ الأيام... أصدرت أمي أمرًا معينًا "

داخلَ غرفةِ زاك و تحديدًا على حافةِ سريرهِ تجلسُ إيلينا و تمسدُ على شعرِ زاك الذي يريحُ رأسهُ فوقَ فخذيها مغمضًا عينيهِ بهدوءٍ، قالت : زاك.. أتستطيعُ أن تساعدَني بأمرٍ آخرَ بعد ؟.

أجابَ زاك بينما يفتحُ عيناهُ اللتانِ تبرقانِ حزنًا و رجاءً منهُ أن لايكونَ طلبها هذِه المرة كسابقاتها فأجاب : بكُلِّ تأكيد.. أمي..

إيلينا : لوكا ديستيلا.. أودُ منكَ أن تقلبَ مشاعرهُ رأسًا على عَقِب... معَ ذلكَ اترك مشاعرهُ تجاهَ شقيقتهِ الصغرى كما هيَ...

استغربَ زاك استثنائها فسأل : ما السبب ؟

توقفت عن العبثِ بشعرهِ للحظةٍ لتكملَ تزامنًا معَ قولها : أوتعلمُ زاك ؟، لقد كانَ لديَ شقيقٌ قبلَ زمنٍ بعيد... لكنهُ أنهى حياتهُ بيديهِ لبعضِ الأسباب.. كُلُّ ما في الأمرِ هوَ أنني لا أريدُ من شقيقةِ لوكا أن تمرَ بنفسِ ما مررتُ بهِ..

زاك : شقيق ؟.

إيلينا : أجل... هوَ قد عادَ مجددًا، و شقيقُ لوكا يكونُ حاويةَ شقيقي.. كُلُ ما قمتُ بهِ حتى الآن.. هوَ مِن أجلِ استعادةِ ذلكَ الشقيق.. لاستعادةِ راين...

" زاك : أتعرف.. في هذهِ اللحظة... أنا كرهتُ راين ديستيلا من أعماقِ قلبي... وددتُ لَو لَم يكُن موجودًا من البداية !، لَو أنني أكونُ محلهُ !، لقد كنتُ أغارُ منهُ بشدة.. كيفَ يجرؤ على إنهاءِ حياتهِ و هوَ يمتلكُ شقيقةً كهذه ؟، شقيقةً تشاركهُ الدمَ و الطفولة.."

أخذّ زاك يمشي في غرفتهِ ذهابًا و إيابًا بخطواتٍ عريضة سريعة و متوترة بينما يعقدُ حاجبيهِ و يتحدثُ إلى نفسهِ غاضبًا : تقولُ أنهُ شقيقها !!، و كُلُّ ذلكَ من أجلهِ ؟!، لا تمزحي معي !، ماذا عني إذًا ؟، أدوري أن أتلاعبَ بالآخرين من أجلِ شخصٍ كهذا ؟، أقسمُ أني سأحولُ حياتكَ جحيمًا.. راين ديستيلا.

" زاك : وَ مِن فوري توجهتُ نحوَ قصرِ آلديستيلا لأقابلَ ضحيتي التالية، هذا صحيح، أنا سأمهدُ الطريقَ نحوَ جعلهُ حطامًا في منتصفِ منزلهِ... و بالفعلِ سمحَ ليَ بالدخولِ بكُلِّ سهولة لأتوجهَ نحوَ غرفتهِ بدونِ مقدمات، هُناكَ حيثُ صُدمتُ تمامًا، إنهُ مجردُ ساذجٍ احمقَ لا يكفُّ عن الحديثِ عن روعةِ شقيقهِ الأكبر !، يتكلمُ بحماسٍ و عيناهُ تلمعانِ بشكلٍ مقرف.. ابنُ زعيمِ الشياطين ماهوَ إلا طفلٌ بعينانِ بنفسجيتانِ تفضحانِ كونهُ لَم يتذوق قطرةً مِن دِمِ البشرِ في حياته و لا يبدو كما لو أنهُ قَد كذبَ يومًا حتى، و ببضعِ كلماتٍ زائفة هو وضعَ كُلَّ ثقتهُ بي ليبدأ بالحديثِ عن نفسهِ و أسرارهِ دونَ توقف... في ذلكَ اليومِ عُدتُ إلى المنزلِ مترنحًا.. انتابني شعورٌ فظيعٌ للغاية بشأنِ ما أنا مقدمٌ على فعلهِ.. لكنني فعلتهُ على أيةِ حال.. لَم يحدث شيءٌ مثيرٌ للاهتمامِ بعدها.. أنا فقط استمررتُ بكونيَ الحثالة الذي أنا عليه حتى هذهِ اللحظة."

flores pueblo - قيد التعديلWhere stories live. Discover now