في تلكَ القريةِ نفسها ، داخل ذلك الكوخ ، جلس إدغار و سارا أمامَ تلك المرآةِ نفسها ، جلس الاثنانِ يحدقان بها بنظراتٍ ثاقبة هيمن عليها الإصرار كأنما ينتظرانِ شيئًا منها و هاهي تتموجُ حلقيًا كالمرةِ السابقة أخيرًا و يسقطُ منها ذلك الفتى ذا الشعرِ الأسود
ارتطمَ بالأرض ليهتف : مؤلم !!
فتحَ عينيه سريعًا ليجدَ سارا و إدغار يحدقانِ به بتركيز فسأل : مـ .. ماذا ؟
إدغار : لا ... ظننتُ أني كنتُ أحلم فقط ...
راين : و كيف لكما الحلمُ بالأمرِ ذاته جديًا !
سارا : الأمرُ يحدث كثيرًا بين التوأم ، لا فائدة من سؤالِ بعضنا بعضًا ...
همهم راين بهدوء بينما ينهضُ من على الأرض لتهتف سارا مشيرةً إليه
سارا : أنظر إتشان ! إنه حقيقيٌ بالكامل!
اقتربَ إدغار من راين ثم قال : اوه ، أنتِ على حق !
هتفَ بهما راين منزعجًا: بالطبعِ انا كذلكَ !!...
سارا : ماذا يعني هذا ؟ لم يحدث أمرٌ مماثلٌ من قبل !
راين : لا يهم صحيح ؟ فلنذهب لنحضى ببعضِ المرح !
" راين : هكذا أصبحت زياراتي إلى قريةِ الزهور شبه يوميّة ، اكتشفتُ كون تعاقب الليل و النهار فيها مقلوب عنه في عالمنا ، أصبحتُ إن حلّ الليل و ذهبتُ للنوم ، أتسللُ إلى قريتهما ، أما والداي ، لوكا و ماري ، أصبحوا يعتقدون أني بدأتُ السير أثناءَ النوم ، لا ألومهم فلسببٍ ما وعيي هو كلُّ ما ينتقل إلى القرية ، و جسدي ينهار أمام شجرةِ الدم فقط ، على ما يبدو فإنهم يعثرون عليه هناك في كلّ ليلة ، في النهاية أخبرتُ ليكس عن تلك القرية ، و منذ وقتٍ ليس ببعيد عن ذلك أصبحَ جسدي ينتقلُ إليها كذلك ، و في أحد تلك الأيام ."
يجلسُ إدغار فوق أغصانِ الأشجار كالعادة ، سارا تطاردُ الحلزونات العائمة في الأسفل و راين يتشبثُ بالشجرة بمفاصلِ ركبتيه و يعلّق جسده رأسًا على عقب على الغصن أعلى إدغار كالعادة
سأل إدغار بهدوء : نيه يا أسود ...
فردّ راين بهدوء بدوره : ما الأمر يا أشقر ...
إدغار : لِمَ كان نبضُ قلبك ضعيف حين وجدتك آنذاك ؟ بالأحرى هو ضعيفٌ دومًا ...
أمسكَ راين بكفّ يد إدغار و وضعه على يمين صدره قائلًا : ما الذي تقوله ؟ انظر إنه طبيعي ...
فقالَ إدغار بتعجب : أقلوبُ مصاصي الطماطم على اليمين ؟
فردّ راين بتملل : و هل الشمس هنا ساطعة ؟ بالطبع هي كذلك !، كما أنني شيطان !.
إدغار : قـ ... قلوبنا على اليسار أتعلم ؟
تأرجحَ راين ثمّ ترك غصنه و تشبّث بالغصن قربَ إدغار فجلسَ فوقه القرصاء ليهتف : أقسِم !! أنتم كائناتٌ غريبةٌ بحق !!
إدغار : هذه جملتي أنا !!
حوّطت سارا فمها بكفيها و هتفت : ران تشان ! إتشان !
أشارت بإحدى يديها إلى الخلف و أردفت : الشمس على وشك أن تغرب !!
راين : هذا سيئ !
التفتَ إلى إدغار ثمّ قال : ننهي المحادثةَ لاحقًا !
هبطَ راين عن الشجرة و تقدّم نحو سارا مربتًا على شعرها بلطف : سأعود قريبًا !
فأومأت له سارا بالإيجاب و هتفت بسعادة : أجل !
عادَ راين إلى المنزل و وقفَ أمام المرآة ، مدّ يده إليها فإذ بصاعقةٍ تجري في جسده تدب فيه فزعا فهتف مستغربًا و الفزع يهيمن على وجهه : لـ ... لا يمكنني العبور !! لِمَ ؟
و ما لبثَ أن أنهى جملته حتى شعرَ برئتيه على وشكِ الإنفجار ، حاولَ أن يأخذ أنفاسه لكنه توقفَ قبل أن يبدأ ، إن تنفس مات ، و إن لم يتنفس مات ، وهنَ جسده بعد أن شعرَ بتلك الصاعقة تأتيه من جديد تسري من رأسه وصولًا إلى قدميه ، جثا راين على ركبتيه ، فقدَ وعيّه تزامنًا مع سطوعِ المرآة وهجًا بنفسجي اللون ، غرقَ راين في الظلام ، غرق فيه في تلك الليلة ، فعليًا و معنويًا ، جسديًا و عاطفيًا ، بعد برهة تسلل الضوء إلى عينيه ليلمحَ تلك النيران التي أحرقت قلبه ، القرية التي لطالما أشارَ إليها بقريتي ، تحترق أمام عينيه ، إدغار يموت متوسلًا له إنقاذَ شقيقته ، يهرولُ راين إليها ، الدماءُ داخل عينيها ، يمسكها من يدها ساحبًا إياها نحو الغابة ليصدمهُ ذلكَ الشخصُ الواقفُ امامهُ.
توقف راين فجأة ليهتف : مايكل ؟ ما الذي تفعله هنا ؟ اهرب سريعًا
كانَ فتى يكبرُ راين بأكثرِ من خمسةِ أعوام ، برتقالي الشعر أخضر العينين ، بشرة مائلة إلى السمرة
همسَ الفتى : مايكل ؟ تقول ...
قهقه الفتى باستهزاء : من كانَ ذلك يا ترى ؟
تشبثت سارا بيد راين الذي عادَ خطوةً إلى الخلف خطوةً أكثر ، فسألَ بتردد ما الذي تقوله ؟ مايكل ...
خطا المدعو مايكل خطوةً إلى الأمام مترنحًا ، طأطأ رأسه إلى الأسفل لتغطي خصلاتُ غرته عينيه
مايكل : كما قلت ... لم يعد مايكل موجودًا ! لقد وقعت في حب قاتلة والداي ! المجرمةُ التي مزقتهما بينما ترتشف دماءهما !، يا والدي غوردون ، و يا والدتي بِرونيكا ، من أجل ألا أنسى من تكونان ... من الآن فصاعدًا ، سيكون اسمي ... غو.. بر ، هذا هو دليلُ كونكما كنتما على قيدِ هذه الحياةِ البائسة !
فتحَ راين عيناه على أوسعهما و هو يراقبُ الفتى الذي أمامه يضحكُ بهستيرية كالمجنون و هو يمسكُ بطنه و هو يترنح هنا و هناك ، لكن راين سرعان ما حمل الجدية في ملامحه و قطّب حاجبيه و ضغط على كف سارا ، لم يمضِ الكثيرُ من الوقت حتى جرى متخطيًا غوبر و غاصَ عمق الغابة
هتفَ أسمرُ البشرة : إلى أينَ يا فريستي !، سيكونُ تمزيقكما هوَ أولُ عملٍ لي من أجلِ التقربِ إليها !!.
همس لنفسه : حتى لو دفعتُ حياتي ثمنًا ، أنا فقط سأحميكِ سارا !!
كانَ راين يجري سريعًا، و سارا بالكادِ تجاريهِ في السرعة، و أما مايكل أو غوبر كما يدعو نفسه فسرعتهُ نافست فهدًا، و على غيرِ هُدى، فقط لأجلِ الخلاص، استمرَ الاثنانِ يركضانِ نحوَ المجهولِ.
![](https://img.wattpad.com/cover/99178369-288-k484558.jpg)
أنت تقرأ
flores pueblo - قيد التعديل
الخيال (فانتازيا)في عصرٍ عَجَ بالخرافات، حيثُ عاشَ السحرة والمشعوذون.. ذاعَ صيتُ قريةٍ إجتاحتها زهورٌ وهاجة، وبحيرةٌ سَرمدية تَمنح الخلود. قَريةٌ عَلى حيادٍ بَينَ الضوء والظلام، بَينَ عالمينِ كالشمسِ والقمر... وفي بُعدٍ أسطوريٍ حَتى بالنسبةٍ لِمَن عاشوا بَينَ الاساط...