اليومُ الواحد والتسعون

185 35 13
                                    

عزيزي لا أحد:

أغشي عليّ على الطاولة بالأمس، وعندما دخلوا للداخلِ ووجدوني فاقدًا للوعي.
لم أستطع أن أنهضَ إلا قبل ساعةٍ فقط لأنهم قاموا بتنويمي؛ وضعوا لي شيئًا في الطعامِ أجبرني على النوم.

إنها أولُ مرةٍ أنامُ بها بدونِ أنّ تقصفني أفكاري منذُ وقتٍ طويل..
لهو شعورٌ رائعٌ يا عزيزي..

أنا في زيارةٍ الآن.

- تايهيونغـآه! هل أنت بخير؟ سمعتُ بأنه أغمي عليكَ بالأمس!
كان هناك قلقٌ صادقٌ في صوتها عندما سألتني.

- إنني بخير.. لم أكن قادرًا على النومِ جيدًا مؤخرًا، ذلك كلُّ ما في الأمر.

صمتت قليلًا.
شعرتُ بأنها أرادت قولَ شيءٍ آخر ولكنها اختارت ألا تفعل بعدَها.

- اليومُ يومٌ مميزٌ لي..

- مُمَيز؟

- أجل. إنه يومُ ذكرانا الخامسة أنا وصديقي..

- ظننتُ بأنكما كنتما تعرفان بعضكما منذُ أنّ كنتما صغارًا؟

في عقلي، بدأتُ أتساءلُ إن كانَ هذا الصديقُ.. أنا.

- لقد عرفنا بعضنا منذُ وقتٍ طويل، ولكن اليوم يعتبرُ تغيُّرًا في علاقتنا.

- تغيُّر... أهو تغيُّرٌ جيد؟!

- بل الأفضل..

رانَ صمتٌ بيننا للحظاتٍ وجيزة..

- هلا باركتَ لي؟ إنّي.. أرغبُ بسماعِ أحدهم يقولُ ذلكَ لي..

ترددتُ في نطق الكلمات تلك. لم أعلم لمَّ، ولكنني شعرتُ كما لو أنها لا يجبُ أنّ تخرجَ من فمي.

- تهانينا، ساني. أتمنى كلَّ الخيرٍ لكما..

لم يكن هناكَ أيُ جوابٍ منها بعد ما قلتُه، إنّما سمعتُ أنفاسها تصبحُ أقل انتظامًا، وسمعتُ صوتًا مكتومًا..
كانت تبكي يا عزيزي.. كانت تبكي..
هلعتُ، وربتُّ على كتفِ سوك جين بجانبي، الذي كان غارقًا في غفوته، فاستيقظ مفزوعًا من صوتي الوَّجِل.

- سوك جين! سوك جين! ساني تبكي.. ماذا أفعل؟ كيفَ أتصرف؟!

حدقَ سوك جين في الفراغِ بقلقٍ لبرهة، وبدا لي أنه ركزَ نظره على مكانٍ معينٍ في الغرفة، ولم أعلم أينَ بالضبط، ولكن قلقه ببطءٍ أخذَ يتلاشى.
استدارَ لي وأمسكَ بيديّ الباردتين برفق.

- ستكونُ بخيرٍ بعد قليل. دعنا فقط ننتظر..

جلسنا في حضرةِ الصمتِ معًا، وما قالهَ سوك جين فعلًا حدث.
عادت أنفاسها طبيعيةً مُجددًا وعاودَ صوتها الظهور.
قالت بأنها بخير، ولكن لا أعلمُ لِمَّ لم أستطع تصديقها.
لم أفهم لماذا كانت تبكي، ولكنني تأكدتُ من أنها كانت تفكرُ بشيءٍ سيء، لأن صوتها كانَ محملًا بالكثيرِ من الألم.

- تايهيونغـآه.. أنا آسفة..

في هذه الأيام، أصبحت ساني تعتذرُ مني كثيرًا..

- ساني، توقفِ عن الاعتذار لي. لم تقترفي أيّ خطأ! يجبُ أنّ أعتذرَ أنا منكِ.. لابد من أنّ كلماتي جرحتكِ.

كان هناك اهتزازٌ في الهاتف، فخيلَ لي أنها هزت رأسها نفيًا، كما لو أنها نسيت بأنني لا أستطيعُ رؤيتها.

- كلا، أنتَ لم تخطئ بأي شيء. تايهيونغـآه، إنني حائرةٌ كثيرًا الآن. أريدُ رؤيةَ أحدهم، وأتوقُ للقياه كثيرًا، ولكنني خائفةٌ جدًا.

- لِمَّ؟!

- لا.. لا أعلمُ ماذا سأفعلُ حين أراه.. أخافُ أنّ أسقطَ أمام قدميه وأبكي مدى شوقي إليه، أخافُ أنه قد نسيّني، أخافُ الذنب الذي سينهشني مجددًا عندما يقفُ أمامي.. وأكثرُ من كلِّ شيء، أخافُ من أني حينَ أطلبُ سماحَه، لن يسامحني..

-  أنا متأكدٌ من أنه سيسامحُكِ..

- حتى وإنّ كنتُ قد هجرتُه؟!

لم يكن لدي جوابٌ لذلك.
لو أن أحدهم هجرني، هل سأكونُ قادرًا على مسامحته؟

- لو أنَّ هذا الشخصُ يهتمُ لأمركِ بصدقّ.. لو أنّه يحبُّكِ بقدرِ حبِّكِ له، فأنا متأكدٌ أنا من أنه سيسامحكِ بنبضةٍ واحدةٍ من نبضاتِ قلبِه لكِ..

غلفنا الصمت مرةً أخرى.

- شكرًا لك..

****
قمتُ بنشرِ قصةٍ قصيرة جديدة..

لمن يريدُ أن يقرأها..
اسمُها، إنني هُنا أنتظرُكِ..
لجونغكوك.

رسائلٌ إلى لا أحد.Where stories live. Discover now