ساني#3

123 28 16
                                    

...

وَجبَ عليها استخدامُ كُلِّ طاقتِها كي تمنعَ نفسها عن الصراخِ باستياءٍ منه.
مشغول..
لطالما كان دائمًا كذلك..
ولطالما كان ذلك هو العذرُ الذي يتعذرُ به دائمًا.

قالت في سرِها.. حسنًا، هذه المرة لن يكون بإمكانه استخدامُ هذا العذر.
ستجهزُ كلَ شيءٍ في منزلهما، حتى إذا ما عاد، سيكونُ مستعدًا للإرتياح، معها..

تخبأت في أعلى السلالم، متعطرةً بالعطرِ الفاخرِ الذي يفضلُه، وارتدت ثوبَ نومٍ شفاف.
كانت تعلمُ بأن ذلك لم يكن كثيرًا، ولكنها غامرت، متأكدةً من أنها قادرةٌ على إغواءِ زوجها.

خرخشت المفاتيحُ على البابِ فانحنت قليلًا أقرب إلى الحائط، مخفيةً نفسها.
دخل للداخل، وعلقَ سترته على المعلّقِ بتنهدٍ.
شاهدته وهو يلوي رقبته ويرخي من ربطةِ عنقه، ولم يناديها، ولكنها تفهمت أن ذلك بسببِ كونه متعبًا.

بدأ يسيرُ نحو غرفةِ الجلوس فيما يرفعُ أكمام قميصِه، فسارت هي بهدوءٍ على أطرافِ أناملِها للأسفلِ واختلست النظرَ من وراءِ الحائطِ كي تضمن أنّه لن يراها.
كان بإمكانها رؤيته يتعثرُ بخطواته عندما دخل للغرفة.

هناك، كانت الفتاةُ قد وضعت شموعًا في كلِ مكان، وعلى الطاولةِ التي تواجدت في المنتصف، حيثُ اعتادا أين يبنيا قلاعًا من البطانيات والوسائد معًا، وضعت قلبًا كبيرًا.

- ما هذا بحقِّ الـ!

كان على وشكِ قولِ ما في جعبتِه، ولكن ركضها إليه بكلِّ سرعتِها ومهاجمتِها له من الخلفِ أخرسَه.

- مرحبًا بعودتك! قالت مغلفةً إياه بعناقها.

حاولَ دفعَها عنه، ولكنها اقتربت منه لتقَبِلَه، وعندما ارتأى بأنها لا تنوي تركَه، أمسكَ بذراعيّها وأنتزعهما مِن على جسدِه بترفُع.

تعثرت للوراء من جراءِ دفعِه لها وعلى وجهها خليطٌ من ملامحِ الاستغرابِ والألم.

- أوبا..

مسحَ يديه بقميصِه وحدقَ بها بتململ.

- ما هذا الذي تقومين به؟ وما هذه الرائحةُ التي تنبعثُ منكِ؟

رفعت معصمها لمستوى أنفها، ولم تجد إلا رائحة العطر على بشرتِها.

- إنّه عطرُكَ المفضل..

تعداها ببضعِ خطواتٍ مشعلًا النورَ في الغرفة.

- إنه يشعرني برغبةٍ بالتقيؤ..

بدأ يقتربُ نحو كلِ شمعة، ويطفئها واحدةً تلو الأخرى.
بعد عشرِ شمعاتٍ على الأرجح، أسوى من ظهره والتفتَ لها من جديد.
فقط لحظتَها رأت وجهه المُحمّر..
لقد كان ثملًا..

رسائلٌ إلى لا أحد.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن