رسائلٌ إلى لا أحد.

#الخاتمة

فُتِحت أعين سون آه باختفاءِ آخرِ أحداثِ تلك الليلةِ من مخيلتِها.
عامٌ كاملٌ مضى.. ولكنه يبدو وكأنه الأمسُ بالنسبةِ لها.

تجلسُ في نفسِ الغرفةِ الهادئةِ البيضاء التي كانت تزورها طوالَ نصفِ السنة الماضية.
أصبحت الجدران هذه مألوفةً بالنسبة لها، ورائحةُ الدواءِ فيها أصبحت عطرًا لجسدها.

قبل نصف سنة، أتت لهذه الغرفة بساقين تتدليان بلا فائدةٍ من على كرسي مدولب، وشعرها الذي كان يومًا ما لامعًا ومموجًا كما أحبَّه كان يرقدُ ميتًا حول رأسِها بعد أشهرٍ من سوءِ التغذية.
قبل نصف سنة، ربما كانت هي أيضًا ميتة..
ولمَّ لا؟
أخبروها حينها بأنه ميتٌ أيضًا..
مع ذلك، عندما سمعت بأن سوك جين أخذَ على عاتقه معالجةَ تايهيونغ، غلبها فُضولُها.
أتتها الأخبار تبشرها بأنه أستيقظ أخيرًا..

في بادئ الأمر، تظاهرت بأنها لم تسمع شيئًا عمَّ كان يخبرها به سوك جين.
كيف أن تايهيونغ بدأ يتحدثُ مُجددًا، ويتناولُ طعامَه بنفسِه، ويذهبُ إلى الحمامِ بنفسِه.
ولكن قلبها أبى تجاهلَ صوتَ سوك جين، وضدًا عن رغباتها، طورت بداخلها فضولًا ناحيته..

بعفويةٍ، بدأت تسأله إنّ كانَ لا يزالُ يحبُّ شرب قهوته الباردةِ كلَّ صباح..
إنّ كانَ لا يزالُ يعضُ باطن وجنته قبلَ أنّ ينام..
وإن كانَ لا يزالُ مُحِبًا لإلتقاطِ الصور كالماضي..

سألته الكثير من الأسئلة، لحدٍ لم يستطع فيه سوك جين أنّ يُجيب عليها، وفي الأخير.. أخبرها أنّ تأتي لتزوره بنفسِها.
رفضَت الإقتراحُ بشدةٍ، ولكن بطريقةٍ ما.. وجدت نفسها بعدها في هذه الغرفة البيضاء الهادئة.

كانَ الحديثُ معَه مؤلمًا في بادئ وصولها، فقد كان عليها تزييف السعادةِ بلقائِه من جديد.
كان هو الذي أذاها..
هو الذي قتل ابنهما أمام عينيها..

أرادت أن تصرخَ عليه وتسأله، أنّ كيفَ له أنّ يفعل شيئًا كهذا.. بعد كلِّ ما فعلته لأجله، وكلِّ ما تكبدته معه..
توسلت لسوك جين كي يجعلهما يلتقيان وجهًا لوجه، ولكنه أخبرها بأنه لم يرغب بإحداثِ صدمةٍ في تايهيونغ بذكريات ماضيه.

استمر الغضبُ بالتفاقمِ بداخلها، واستمرت المحادثاتُ بالتتابع.
أرادت أنّ تتوقف عن الذهابِ لرؤيته، ولكن شيئًا ما كانَ يعيدُها دائمًا إليه..

في الواقع، كانت تعلمُ سبب كرُهها للأمر، وتعلمُ لماذا هي غاضبةً منه هكذا.. لم يكن ذلك بسبب ما فعلَه.
ذلك الغضبُ كان لها هي..
لطالما لامت نفسها لأنها لم تستطع أنّ تتنبأ بأنّ شيئًا كهذا قد يحدث
علمت بأن لديها القوة لتمنعه من الحدوث.. لو أنها فقط حاولت أقوى قليلًا.. ربما ما آلت لأمورُ لهذا المآل.