اليومُ المائة والسادس والعشرين

129 31 4
                                    

عزيزي لا أحد:

لا أريدُ التفكيرَ بهذه الأفكارِ أكثر.
أقومُ بتناولِ الدواءِ وكأن حياتي بأكملها تعتمدُ عليه. أتناولُ دواء الصباح، الظهيرة، ومنتصف الليل بجديّة، وقبلَ الذهابِ لأي مكانٍ أيضًا أتناولهم لأبلدَ عقلي.

إنني أُجنُ يا عزيزي..
وقتُ نجاتي الوحيد، هو الوقتُ الذي أتحدثُ فيه مع ساني.
صحيحٌ بأنها لم تعد بعد، ولكن سوك جين أعطاني رسالةً منها، وقد تفاجأتُ عند رؤيتي للرسائلِ تستلقي على الطاولة.

أعينُ سوك جين كانت حذرةً مني كثيرًا في الآونةِ الأخيرة، يمكنني الشعورُ بذلك..
على الأرجحِ استطاعَ الشعور بالاختلاف.
تصرفاته بدت أكثر خجلًا وترددًا، وتلك الابتسامةُ التي كان يريني إياها بسهولةٍ أصبحتُ نادرًا ما تُرى، وعندما أكون معه، لا نتحدث.
على سبيلِ المثالِ الآن، إنني أكتبُ لكَ وهو يجلسُ بجانبي على الأريكةِ يقرأ كتابًا. أو ربما هو ممثلٌ بارعٌ في القراءة، لأنني أقسمُ بأنني أسمعُ صوت خربشةِ قلمٍ على ورقةٍ من حينٍ لآخر.

هذه الرسالةُ الثانيةُ التي حصلتُ عليها منها..
أتساءلُ إن كانت تكتبُ الرسائل ليلًا كما أفعلُ أنا أحيانًا.. أتساءلُ إن كانت تؤمنُ بأنَ ضوءَ القمرِ سيحملُ كلماتها ويوصلها لشخصٍ آخر في مكانٍ بعيد.. شخصٍ مثلي.

مرحبًا! تايهيونغ!
كيفَ كُنت؟
أنا ممتنةٌ جدًا لأنكَ قررت أن تكتبَ لي أيضًا..
كنتُ خائفةً من ألّا تتلقى رسالتي الأولى!
لقد اشتقتكَ كثيرًا كثيرًا.. وأنا آسفةٌ لحدٍ لا يصدق لأنني لم أستطع الظهور في الأسبوعِ السابق.
في الواقع، أريدُ إخباركَ عن سببِ عدمِ قدرتي على المجيئ طوال الأسبوعِ والنصفِ السابقيّن.
فلتعلم بأنني حقًا أعني ذلك حينما أقولُ لكَ بأنني حقًا أتمنى لو كان بإمكاني العودة.

إنَّ كلَ في الأمرِ هو أنني مريضة..
إنني أفضلُ حالًا بكثيرٍ الآن، ولكن في بادئ الأمر عندما كان كلُ شيءٍ سيئًا، كان هناكَ أوقاتٌ رغبتُ فيها بإنهاءِ حياتي.
لم يبدو لي بأنّ للحياةِ معنى بعد فشلي في عيشِها..
كنتُ عالقةً في المنزلِ طوال الوقت، أفكرُ وأفكرُ طوالَ اليوم.
لم أقم بشيءٍ قد يحسنُ من حالي.. رفضتُ أخذَ الدواء، ورفضتُ زيارة الطبيب.
بدت لي الحياةُ خاويةً كثيرًا..

ولكن كلَّ شيءٍ تغير بمجردِ أن قابلتُكَ مرةً أخرى يا تايهيونغ..
كلُّ شيءٍ أصبحَ أجمل، وأصبحَ له معنى من جديد.
أشعرُ بالدفء، وهو شيءٌ لم أشعر به منذُ وقتٍ طويلٍ في قلبي.
أتطلعُ لمحادثتك في كل أسبوع، وعلى الرغمِ من أنكَ لا تستطيعُ رؤيتي، أحببتُ دائمًا أن أتأنقَ كلما حادثتك.
هههههه.. إنني حقًا مجنونة.
على أي حال، لا أريدُ أن أبدو كعجوزٍ صغيرةٍ تثرثر.  ما أردتُ إخباركَ به هو بأنه وعلى الرغمِ من أنني لستُ بجانبكَ في الوقت الحالي، فإن قلبي وروحي معك.. دائمًا وأبدًا.
لذا عندما تشعرُ بالإحباطِ أو بالوحدة، على الرغمِ من أنكَ لست وحيدًا على الإطلاق، تذكرني دائمًا..
صديقٌ ما قال لي بأنني كنتُ صيفَه، وبأنني الحياةُ التي بُعثت في اسمِه.
لم أفهم يومًا ما كان يقصدُه آنذاكٍ، ولكن مؤخرًا، أظنُ بأنني بدأتُ أفعل.. ما أعنيه هو أنني بدأت أفهمُ ما كانَ يعنيه ذلك.
أشكرك.. كيم تايهيونغ..

دغدغت ابتسامةٌ شفتيّ وأنا أقرأها يا عزيزي..
لأنني للتو أخيرًا عرفت.. أنها لم تنسني..
لم تنسني أبدًا..
وذلك الشعورُ أدفأني.. من أخمصِ قدميّ، وإلى طرفِ أنفي.

****

رسائلٌ إلى لا أحد.Where stories live. Discover now