اليومُ المائة والثالث والستين

105 29 9
                                    

عزيزي لا أحد:

سيد؟ يقرأني ككتابٍ مفتوح..
أولُ شيءٍ قاله لي اليومَ هو، لا تبدو سعيدًا كثيرًا اليوم، سيد كيم.

كنا نجلسُ في غرفتي مُجددًا.
بهذا السحر الخاص به، وصلَ إليّ بطريقةٍ ما.

- كلا، أنا بخير..

حاولتُ التملصَ من التعليق..
لا أريدُ أن أتحدث وأفكر بساني وسوك جين مُجددًا.

- قلتُ بأنكَ لا تبدو سعيدًا وليسَ أنكَ لستَ بخير.

- أليسا نفس الشيء؟ أنّ تكونَ سعيدًا وأنّ تكونَ بخير؟

شخرَ بسخرية، شيءٌ وجدته معتادًا كثيرًا على فعلِه.

- إن الشيئين مختلفين كليًا.. يمكنني التظاهرُ بأنني بخيرٍ في الخارج، ولكنني في حالةٍ مزريةٍ من الداخل.

إنه ما أشعرُ به هذه الأيام..

- البشرُ يرتدون قناعًا كلَّ يومٍ، وفي كلَّ مرةٍ يقابلون فيها أشخاصًا آخرين، كتلكَ الأقنعةِ على الرفِ هناك. يخفون ما يشعرون به وراءها، ويعرضون للناسِ فقط ما يريدون لهم أنّ يرون.
إنّ قالَ أحدهم دعابةً جرحتك، تضحكُ على أي حال، وإنّ  بكى أحدٌ وأنت لا تهتمُ بأمرِه، ستبكي على أي حال، وإنٌ جعلكَ أحدهم ترغبُ بالصراخِ والعويل ونتفِ شعرك، ستبتسمُ فقط وترتدي قناعًا يوحي له بأنكَ بخير.

هذا أنا..
أرتدي قناع أوحي به سوك جين وساني بأنني بخير كلّما كنتِ حولهما، وفي داخلي عوالمٌ تموت.
أشعرُ بأنني خارج المكان.. مستثنى..

- هناكَ استثناءٌ واحدٌ لى الرغمِ من ذلك.. قال. إنه الغضب.. لا يجبُ عليكَ أن ترتدي قناعًا وأنتَ غاضب.

حدقتُ به بحيرةٍ.

- على الأقلِ ليسَ لوقتٍ طويل. يمكنك ارتداءه لوقتٍ قصير، ولكن عندما تغضب، لابد أن تُعلِمَهم بغضبِك، وإلا سوف يستغلون قناعك ويستمرون بجرحك..

- وكيف تُعلِمهم بذلك؟ أنكَ غاضب؟

- تخطط، تراقب، وتجمعُ كلَ شيءٍ تعرفه عن هؤلاءِ الأشخاص، كلُّ الأشياءِ التي ستبكيهم وتؤلمهم تمامًا كما فعلوا بك. وبعدها، على غفلةٍ منهم..

ضربَ بكفِه الطاولةَ كما لو أنه يطعنها.

- تقتلهم..

نظرتُ إليه، مرتجفَ الأوصال..
رأى سيد؟ تعابيري وارتعشَ فمه.

- مجازيًا بالطبع. لا يمكنكَ التجولُ وقتلُ الناسِ، أليسَ كذلك؟

أخرجتُ نفسًا مرتاحًا.
مجازيًا..

- هذا صحيح. ليس ذلك شيئًا جيدًا لتفعله.

- صحيح.. ليس شيئًا جيدًا على الإطلاق..

جلسنا في صمتٍ لوقتٍ قصير، ثم سمعنا صوت اهتزاز العربة وهي تقتربُ في الرواق.

- إذًا، من الأفضلِ لي أنّ أذهب.. وقفَ ومسحَ سرواله. كان حديثًا لطيفًا معكَ سيد كيم.

انحنيتُ له، فأومأ برأسه بالمقابل.

- دائمًا ذا منفعة.. تمتمَ. سأراكَ مُجددًا..

- نعم.. أراكَ لاحقًا.

****

رسائلٌ إلى لا أحد.Where stories live. Discover now