ساني#2

124 26 8
                                    

...

لطالما كانت شخصًا كثيرَ النسيان..
وبقدرِ ما تريدِ إنكارَ ذلك، تلكَ هي حقيقتُها.

كانت شخصًا سينسى تذكرة سفرِه قبل رحلتِه، أو سينسى هاتفه في مطعم. حتى أنها مرةً نست أن تحتسي قهوتها، لأنها عادت ركضًا للمنزلِ بسببِ تذكرها أنها نست أنّ تطفئ نارَ الموقدِ قبلَ خروجِها.

لذلك، لم يكن أمرًا مفاجئًا كثيرًا أنها نست أنّ ترتدي الفستانَ الفاخرَ، حتى بعد أن أتصل جونغكوك ليذكرِها بذلك..
ظنت ساني بأنه أمرٌ غريبٌ عندما أصرَّ صديقها أن يذهبا للتسوقِ ليشتريا فستانًا فجأةً من اللا مكان.

- أنا لا أرتدي الفساتين كثيرًا حتى!
كررت ذلك مرارًا وتكرارًا ولكن بدونِ حياةٍ لِمَن تنادي.

ولكن برؤيةِ أنّ المقاومة لن تفلح معَ شخصٍ كجونغكوك، سايرت الأمر وحسب. وبعد ساعاتٍ طويلة، وجدت فستانًا بلونِ الشمبانيا الفاخرة مع كثيرٍ من الأجزاءِ المكشوفة بشكلٍ في قمةَ الجراءة.

على أي حال، وهي تقفُ يومها في وسطِ ذلك الجمعِ يومَها، كم تمنت لو أنها لم تكن شخصًا شديد النسيان ولو لمرة.

لم تستطع حتى سماعَ الموسيقى، لأن الصوتَ الوحيدَ الذي كانت تسمعُه هو صوتُ نبضاتِ قلبها وهي تصدو في أذنيها.

سوفَ يغشى عليّ! أو أسوأ، ربما سأصابُ بسكتةٍ قلبيةٍ وأسقطُ قبل أن يصلَ إليّ حتى! لحظة.. كلا.. ماذا لو سألني ذلكَ السؤال؟!

وكلّما اقتربَ منها أكثر فأكثر، كلّما حاولت الالتفاتَ لأي شيءٍ عدا وجهِه..

وثمَ وقفَ تايهيونغ بخجلٍ أمامها..
أخذت نفسًا بتروٍ، ولكن بدا لها وكأنها لم تفعل أيَ شيءٍ جراءَ ذلك التوتر.

من خلفه كان ممسكًا بباقةِ وردٍ جميلة، وكانَ يبدو في قمةِ وسامتِه بتلك البذلةِ الرسمية.

سيدعُوكِ على الغداءِ فقط. أو ربما العشاء! صحيح صحيح، فقط عشاء.. لِمَّ تفكرين كثيرًا هكذا كيم سون آه؟!

وحدقَ بها بأعينٍ مليئةٍ بالتصورات.. وكلِّ التوقعات..

تبًا، هناكَ شيءٌ خاطئٌ في شكلكِ أليس كذلك؟ كان يجبُ عليّ كيُّ الفستان صباحًا.. آه تبًا لهذا النسيان!

قربَّ لها الباقة أكثر، فتدحرجت يدها خلسةً لتمسحَ تجعدًا غير مرئيٍّ في فستانِها قبل أنّ تأخذها منه أخيرًا بضحكةٍ مرتبكة.
فقط عندما كانت على وشكِ الزفير، ركعَ الفتى على ركبتِه وبدأ يتحدث.

- أنا، كيم تايهيونغ، وقعتُ في حبِ أعظمِ امرأةٍ في هذا العالمِ بأسرِه.
تضحكني هي عندما أحزن، وتشاركني ألمي...

لم تسمع أيًا مما قاله بعد ذلك..
رأت فمه يتحرك، ولكن بدا وكأن شيئًا لم يدخل لأذنيّها، وعقلها بدا وكأنه لم يستطع استيعاب كلمةٍ مما قاله.
ربما كان يتحدثُ لغةً فضائية حينها..

إنه يحدث! يا اللهي إنه يحدث حقًا! سوف يسألني ذلكَ السؤال! ما الذي يفترضُ عليّ فعله؟! أيجبُ عليّ أنّ أضحكَ بخفةٍ وأمدَ يدي ليلبسني الخاتم؟
كلا.. سيبدو هذا مبتذلًا جدًا..
إذًا، أيجبُ أنّ أصمت بشكلٍ دراميّ ثم بعدها أقولُ نعم؟ لا.. هذا أسوأ.
ماذا لو صمتُّ لوقتٍ طويلٍ فظنّ بأن ذلك يعني ' لا' ؟!  سيكون هذا أسوأ بكثير!
حسنًا تنفسي.. فقط تنفسي..
ما الذي يفعلونه في الدرامات؟!
عادةً... آه لا أعلم!
لماذا لا أستطيعُ تذكرَ أي شيء؟!

- أتتزوجينني؟

فتحَ صندوقًا أحمرًا، وكان بداخلِه أجملُ خاتمٍ وضعت عليه عينيها قط، لحدٍ فغرت فيه فاهها لذلك الحجرِ الكريم اللامع.

كان هناكَ حرقةٌ في عينيها، وملاحِظةً بأنّ نظرها أصبحَ ضبابيًا، رفعت إصبعًا على عجلةٍ ومسحت به دمعةً هاربة.

التوقعات في الغرفةِ أخذت تكبرُ كبالونٍ متوسع.

رباه!
فقط قولي أجل، أيتها الخرقاء!

- أجل..

****

رسائلٌ إلى لا أحد.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن