اليومُ المائة والخمسون

105 26 6
                                    

عزيزي لا أحد:

لم أسمح لكلماتِ سوجونغ أنّ تؤرقني، ولكن ككلِّ شيءٍ آخر حاولتُ دَحرَه عن تفكيري، لم تتركني.

- تايهيونغ، أأنت بخير؟

حدق بي سوك جين بأعينٍ مليئةً بالإهتمام.
التفتُ له.

- كلا هيونغ. أنا بخير.. فقط أفكر.

- تفكرُ بماذا؟

- أفكرُ بـ... الحياة. أفكرُ عن معنى العيش. أفكرُ عن سببِ كوني لا زلتُ حيًا..

وصمتٌ مرةً أخرى..

أحلامُ الأضواءِ اللامعةِ تزدادُ يا عزيزي..
في بادئ الأمر، ظننتُ بأنه عقلي فقط يختلقُ لي قصصًا.. قصصًا تجعلني أشعرُ بشعورٍ أفضل بتلكَ الألوانِ اللامعة، الموسيقى، والرقص..
كي استبدلَ كلَّ ذلكَ السواد والفراغ والخواء الذي كان يبتلعني في الأيامِ الأخيرة..

مع ذلك، ببقائي في كلِ حلمٍ لوقتٍ أطول في كلِّ مرة، بدأت كل الأضواءِ تخفتُ وتبهت، حتى ما رأيتُ كلَ شيءٍ بوضوحٍ في ليلةٍ ما..

كنتُ واقفًا على ساحةِ الرقص في أحدِ النوادي الليلية. عرفتُ بأنه نادي لأنني رأيتُ جماهيرًا من الناسِ تحيطُ بي.
نساءٌ بملابسٍ مغريةٍ تكشفُ أكثر ما استطاعت من أجسادهنّ، رجالٌ سكارى لحدِ الإنهيار، والنشوةُ تذهبُ بهم كلَ ليلةٍ لامرأةٍ مختلفة، وأناسٌ مثلي كانوا هناك للشرب، الاحتفال، وتضييع الليالي لينسوا المشاكل في النهار..
أناسٌ يحاولون الهرب من واقعهِم المؤلم.

تتقلبُ معدتي بشعورٍ ممرضٍ عندما أدركُ أن ما قاله سوجونغ كان صحيحًا..
أنا غبي..

فيما كانت حبُّ حياتي تنتظرني في منزلنا، كنتُ هناك أحتفلُ وأقضي ليلتي مع امرأةٍ أخرى بدونِ عودةٍ حتى الصباح، أو أحيانًا بدونِ عودةٍ أبدًا.
أقولُ في وجهها أنني في اجتماع، بينما في الواقع، أكونُ بين ذراعيّ امرأةٍ أخرى..

كنتُ غبيًا عندما صدقتُ أنني كنتُ شخصًا عظيمًا فيما أنا في الواقعِ شخصٌ غبيٌ مقرفٌ كاذبٌ خائنٌ بغيضٌ وقذر.

هي.. تستحقُ شخصًا أفضلَ مني.

التفتُّ لسوك جين وابتسمتُ بانسكار.

- أنا غبي، ألستُ كذلك؟

وضعَ يده على فخذي وهزَ رأسه نافيًا.

- كلا، تايهيونغ. لستَ كذلك. الأشخاصُ الذين لا يستاءلون عن هدفِ عيشهم هم الأغبياء. يعيشون بعشوائية، بدونِ غاية، يقومون بأشياءٍ بلا سبب، ويفوِّتون كلِ نَفَسٍ من أنفَاسِهم بدونِ أنّ يعلموا لِمَّ هُم أحياء. سأقولُ أنا بأنكَ بعيدٌ كثيرًا عن الأغبياء والخرقى..

طأطأت برأسي بعدها وأنا أشعرُ بالدموعِ وهي تغشي عليّ بصيرتي.

****

رسائلٌ إلى لا أحد.Where stories live. Discover now