اليومُ المائة والثاني والعشرين

161 37 16
                                    


عزيزي لا أحد:

عادت الكوابيسُ بعدَ غيابٍ طويل..
بمجردِ أنّ أغلقَ عينيّ، تخفتُ الأضواء، وأنتقلُ لعالمٍ آخر.
في كابوسِ اليوم، كنتُ أشعرُ بأنني في نفقٍ متسارع، لأني كنتُ أشعرُ بأنَّ كلَ شيءٍ يعتصرني، وبأنني عاجزٌ عن التنفس، ولكن تمامًا عندما ظننتُ بأنه سيغمى عليّ، تحررتُ من كلِّ ذاك التوتر، وأصبحتُ واقفًا في أرضٍ ما فجأةً.
أمكنني الشعورُ بنورٍ يخترقُ جفنيّ، لذلك فتحتُ عينيّ لتحييها أشعةُ شمسٍ تبرقُ فوقي.

أصبحتُ خبيرًا في أحلامي لحدٍ يجعلني أعلمُ بأنني لستُ في حلمٍ عادي، لأنني أشعرُ بشعورٍ مضطربٍ في معدتي.
بدأتُ بالسير قُدمًا متفحصًا ما يحيطُ بي بنظري.
بدا لي وكأننا في منتصف الربيع، وعلى مقربةٍ من الصيف، لأنَّ تلكَ الرياح التي كانت تهبُ في كلِ آونةٍ وأخرى دافئةٌ بعض الشيءِ ورطبة.

كانَ هناك الكثيرُ من الزهورِ بألوانٍ مختلفةٍ وكثيرةٍ في ذلك الحقل الذي كنتُ أسيرُ فيه، ولكنها لم تكن زهورًا طبيعية، بل تستمرُ بالنمو بسرعة!
عندما سرتُ أكثر، لمحتُ مدينةً على بعدِ مسافةٍ مني.
أخبرني قلبي بأنه يجبُ عليّ الذهابُ إليها، ففعلت.

في كلِ خطوةٍ كنتُ أخطوها، كنتُ أرى الزهورَ بجانبي تصبحُ أطولَ قليلًا حتى نمت ونمت وأصبحت تقفُ بطولِ ما يقاربُ عشرة أقدامٍ في الهواء، لحدٍ جعلني أشعرُ بأنني أسيرُ في غابةٍ من الأزهار.
المضحكُ في الأمرِ أنه ومع كلِّ خطوةٍ أخطوها، تظهرُ زهرةٌ جديدةٌ أمامَ التي خلفِها..
ما أعنيه هو أنني في كلِّ مرةٍ أضعُ فيها قدمي على الأرضِ في خطوةٍ للأمام، يُفتحُ أمامي ممرٌ متواصلٌ من أزهارٍ عملاقة، وكأنه يقودني لمكانٍ آخر.

سرتُ لوقتٍ طويلٍ بشكلٍ لا يصدق، حتى ما بدأتُ أشعرُ بالعطشِ الشديد..
ابتلعتُ ريقي ولكن لم يكن هناك أي لعابٍ باقٍ ليرطب لي شفتيّ.
تلك الشمسُ التي تعلوني أخذت تغربُ في الأفق، ولكنني كنتُ لا أزالُ في طريقي نحو المدينةِ التي كانَ من المفترضِ أنّ أذهبَ إليها، وتمامًا عندما ظننتُ بأنني أسافرُ بلا وجهةٍ في غابةٍ من الأزهار، حُمِلتُ على الجذوعِ الطويلةِ لتلكَ الأزهارِ نحو المدينة.

كانت مدينةً صغيرة، وجذابة. لم يكن هناك أحدٌ في الخارج، ولكن ذلك لم يكن شيئًا غير مألوف، بما أنّ الشمس كانت على وشكِ الإختفاء، فقلتُ لنفسي لابد بأنهم جميعًا في منازلهِم يرتاحون مع عائلاتهم استعدادًا للنوم.

صادفتُ المنزل الأول، وطرقتُ الباب.
لم يُجَب طرقي فورًا، ولكن الباب فُتحَ بعدها على أي حال.
ظهرت لي من ورائِه امرأةٌ جامدةُ التعابير، لها وجنتين متوردتين، وكنتُ متأكدًا من أنني إنّ صافحتُ يدها سأجدُها دافئة. ولكن، كلما حدقتُ في عينيها أكثر، بدت لي وكأنها ميتة!

رسائلٌ إلى لا أحد.Where stories live. Discover now