اليومُ المائة والثمانون

116 31 19
                                    

عزيزي لا أحد:

شيءٌ كبيرٌ قد حدث.
شيءٌ لا أستطيعُ استيعابه قد حدث..

لا أعرفُ بَمَّ أفكر..
لستُ متأكدًا من ماهيةِ ما يجبُ عليّ الشعورُ به..
ربما أشعرُ بالخواء.
كلا، إنني.. خاوٍ..

كنتُ جالسًا في غرفتي هذا الصباح.
سُمحَ لي أخيرًا بالخروجِ لرؤيةِ سوك جين، ولكنني رفضتُ الذهاب.
كنتُ لا أزالُ غير مستعدٍ لرؤيته بعد كلِّ ما فكرتُ به.
فكرتُ بأنني ربما سأقتُلُ الوقتَ بالكتابةِ بما أنه لم يكن هناك شيءٌ آخرٌ لأفعله.
كان كلُ شيءٍ هادئًا ومسالمًا حتى سمعتُ صوتَ ضربٍ شديدٍ على بابي.

- افتح الباب! افتح!

كانَ صوتُ سيد جاكسون، وبدا عجولًا
قفزتُ من على السرير متبعًا تعاليمِه، بقلبٍ ينبضُ شوقًا وفرحةً برؤيتِه بعدَ طولِ غياب.
ولكن المنظرَ الذي رأيتُه بمجردِ أنّ فتحتُ له الباب لم يكن أيًا مما توقعته بتاتًا.

أسرعَ للداخل، بشعرٍ كثٍ أشعثٍ أكثرَ من أيّ مرةٍ سابقةٍ رأيتُه فيها.
أمسك بقناعٍ من على الرفِ ووضعه على وجهه وقبعةٍ كي يغطي بها رأسَه.
كان لديه جرحٌ بليغٌ طويلٌ على وجنته، مما اضطره لوضعِ قناعٍ آخر فوق السابق لعلّ الدماء تتوقفَ عن التدفق.

- إنكَ تنزفُ سيد جاكسون! صرختُ بهلع محاولًا تهدئته ولكنه دفعني عَنه وركضَ فورًا نحو المكتب.

بصوتٍ عالٍ، سحبه نحو منتصف الغرفة، تمامًا تحتَ النافذةِ العلويّة.

- لقد خدرتهم. فعلتُها أخيرًا حينَ انشغلوا عني.

كان مهتاجًا كثيرًا وغاضبًا..

- فلتجلب الكرسي إلى هنا أيها الفتى. افعلها بسرعة. افعلها الآن!

لم أعرف كيف أستجيب لتصرفاتِه المريبة، لذلك تبعتُ ما كان يأمرني به.
جلبتُ الكرسي ولكنني بقيتُ ممسكًا بِه، متخبطًا في مكاني وأنتظرُ كلماته القادمة.

- أعطني هذا الكرسي اللعين!

انتشله من بين يديّ بقسوةٍ ووضعه على الطاولةِ ثم تسلقه ليقفَ على المكتب.
وضعَ قدمًا على الكرسي، ولكنه أخذ يتمايلُ بسببِ عدمِ ثباتِه.

- المهدئاتُ اللعينة، قلتَ لي. المهدئات اللعينة.. إنها ليست مهدئات! بل مجردُ مضاداتُ اكتئابٍ سخيفة! ظننتُ بأنها ستخَدِرُهم ولكنني اكتشفتُ بأنّ الرجلَ اللعينَ خارجَ غرفتي نائمٌ فقط! سيكونون هنا في أيّ لحظة.. يجبُ عليّ الخروجُ من هنا قبل أن يفعلوا. كان لا يزالُ يصرخ.

رسائلٌ إلى لا أحد.Where stories live. Discover now