اليومُ المائة والسابع والأربعين

103 28 6
                                    

عزيزي لا أحد:

زارني سوجونغ في حُلمي..
أعلمُ الآن بأنّ لا وجودَ لَه في هذا العالم، ولكنه زارني.

- ما الذي تفعله هنا؟ أنتَ لا تنتمي لهذا المكان. قلتُ له.

بدا لي كما كان دائمًا..
نفسُ الأعينِ التي لا تتغير، والابتسامةُ الصغيرةُ على شفتيه اللطيفتين.
لا يزالُ جميلًا كما أتذكرُه..
لا يزالُ الطفل الذي أحببتُه وعرِفتُه.

- اشتقتُك.. همسَ لي.

- أنتَ وهم.. لا يمكنُ أن يكونَ لك وجود!

كان قلبي ينبضُ بسرعةٍ جنونيةٍ وأنا أهمسُ بكلماتٍ ما كان يجبُ عليّ قولها.

- ولكني... اشتقتُ لكَ أيضًا.

سارَ إليّ وحدقَ بأعيني..
تلك الطريقةُ التي كان يحدقُ بها بي أجبرتني على أن أدنو إليه رافعًا إياه بين ذراعيّ.
عانقته بقوة، وبقدرِ انكساري ووحدتي، وتركتُ سيولًا من الدموعِ تغادرُ أعيني كيفما تشاءُ عندما شعرتُ به يلفُ ذراعيه حولَ عنقي.

لم يكن ليديه أيُ دفء، بل شعرتُ بها تتركُ إحساسًا باردًا على جسدي.
ولكن ذلك لا يهم، لأنني هناك معه، لم أشعرُ بالوحدةِ أبدًا.

- إنكَ حزينٌ كثيرًا.. قال.

سقطتُ على ركبتيّ، وبقينا في أحضانِ بعضنا لوقتٍ طويل.

- أنتَ كلُّ ما أملكه الآن. لا يمكنُ أن يكونَ لكَ وجود، ولكنكَ كُلُّ ما أملك..

بكيتُ كثيرًا يا عزيزي.. كثيرًا.

- لا تبكي.. لم تقم بأي خطأ.

- بل فعلت. لقد آلمتُ كلَّ من أحببت.

- كلا. لا تفكر بهذه الطريقة.

- حتى وإن أخبرتني بألا أفعل، لا زلتُ أفعل. إنه فقط تفكيرٌ لا يتركني. لقد أحبَّ سوك جين ساني منذُ أولِ مرةٍ رآها فيها، وكان هناك معها عندما لم أستطع أنا.
أحببتُها، وهي أسعدتني، ولكنني بعد ذلك تركتُها، وفعلتُ الشيءَ الأسوأ على الإطلاقِ ونسيتُها.
ليس لي حقٌ بالبقاءِ معها. ليس لي حقٌ بأن أغضبَ لأنهما معًا! إنني شخصٌ سيءٌ وطالح!

- أكانَ سوك جين هو الذي التقى بساني أولًا؟
كلا، كان أنت..
أنتَ الفتى صاحبُ القميصِ الأحمرِ الذي تتحدثُ عنه ساني دائمًا!
كانت هي من اقتربت منكَ أولًا واعترفت لك، وأنتَ هو الفتى الذي أعطته قُبلتَها الأولى.
ولكن هو مجردُ شخصٍ ظهرَ في الصورةِ لاحقًا..
أنت كنتَ الأول، وهي اختارتك أنت! لم تنسك! أنا وأنتَ نعلمُ ذلك. لقد سرقها منكَ سوك جين..

- كلا.. كلا! إنه صديقي العزيز! لم يسرقها مني!
عندما ذهبتُ أنا، كان هو متواجدًا.. إن تقبلت هي حبه لها، فكذلك حدثَ الأمر.
حتى مع أنني أتذكرها، إلا أنها لا تعلمُ بذلك. أنى لها أنّ تتقبلَ حُبِّي وهي لا تعلمُ حتى عن وجوده؟!

- إذًا لِمَّ تسكتُ عن ذلك؟ إن أخبرتَها ستعرف، وستكونُ معك!

- لا أستطيع.. إنها معَه الآن.. لا يمكنني تفريقهما. لقد انتظرَ لأجلها كثيرًا، وهو يحبُّها بصدق..

ابتعد عني سوجونغ محدقًا بي بأعين مستاءة.
غضبه أخافني، لأنني لم أجرب قطُّ غضبًا كذلك من جسدٍ صغير.

- أنتَ غبي! هو صديقٌ قام بخيانتك! وهي حبيبةٌ تركتكَ لأجله!

- لا تنعتني بالغبي!

بدأ صوتي يهتزُ باهتزازِ الغضبِ الذي بدأ يغلي بداخلي.
ليسَ سوى وهمٍ من عقلي، وليس لديه حقٌ أنّ ينعتني بالغبي..

- أنتَ غبيٌّ لسماحكَ لكلِّ هذا بالحدوث. هذا كلُّ ما كنتَ عليه وستكونُ ما حييت، غبي!

زأرتُ عليه بغضبٍ قابضًا كفيّ، ثم هجمتُ بقبضتي عليه، ولكنها لم تقابل شيئًا عدا الفراغ..
واختفى كلُ شيءٍ ووجدتُ نفسي أحدقُ في السقف.

لستُ غبيًا...

ثلاثُ حباتٍ أخريات..
والعلبةُ نفذت..

إنّ كلماته تطنُ في أعماقِ عقلي..

خيانة..

****

رسائلٌ إلى لا أحد.Où les histoires vivent. Découvrez maintenant