عزيزي لا أحد:
ذِكرَى..
- متى سنخرجُ معًا مُجددًا؟
كنتُ منكفئًا على عملي في مكتبي، وهناك ملفاتٌ يجبُ عليّ توقيعها، وإقتراحاتٌ يجبُ عليّ إضافتها، والكثيرُ من الاجتماعات المصطفةِ حتى الشهرِ القادم.
- أنا مشغول. قلتُ متنهدًا. تعلمينَ مدى انشغالي..
- أوبا، لم تُجب على سؤالي.
- لا أعلمُ متى ساني! أظنُ في الشهرِ القادم أو ما شابه.
- ولكنه وقتٌ طويلٌ جدًا! لقد مضى شهرٌ منذُ أنّ رأيتُك جيدًا!
- إذًا؟! ماذا تريدين؟!
رنَّ الهاتفُ بجانبي.
انتظرتُ الشخص الذي في الجانبِ الآخر كي ينهي الاتصال، ولكنه بدا شخصًا مُلِّحًا لذلك أجبت.
- نعم؟
- اللجنةُ تنتظرُ قرارك، أيها الرئيسُ كيم. لا يمكنهم الإكمالُ بدونك. لقد أجلوا الإجتماع حتى مساءِ اليوم.
هززتُ رأسي بشكٍّ وأنا أهمسُ: اللجنةُ الغبية، إنها المرةُ السادسةُ التي يأجلون فيها الإجتماع.
- شكرًا، هاي شين. سأكونُ هناك..
عندما أغلقتُ الهاتف، أدركتُ لحظتها وجودَ طنينٍ في الغرفة.. صوت طنينٍ كهربائي.
صحيح، كنتُ أتحدثُ مع ساني.
ضغطتُ على شاشةِ هاتفي الذكي ووضعتُ الاتصال على المكبر، ولم يكن هناكَ إلا صمتٌ مطبق.
- ساني؟
صمت.
- أسمعتَ أي شيءٍ مما قلتُه للتو؟
رنةُ ذنبٍ واهنةٍ ترصدت بي، ولكنني حاولتُ تجاهلها.
- امم، أسف. اتصل هاي شين ليخبرني بأن لدي إجتماعٌ الليلة.
- أوبا، أحقًا أنت مشغولٌ لهذا الحَد؟
تنهدتُ.
- سانيـآه.. بالكادِ يمكنني تركِ مقعدي. أسف..
- أظنُ بأن ذلك يعني بأنكَ لن تعود للمنزلِ على العشاء اليوم؟
- أسف..
بقي الصمتُ حاضرًا قليلًا، ثم سمعتُها تقولُ وداعًا بصوتٍ خفيض.
فركتُ وجهي بيدي بإرهاقٍ مؤنِبًا نفسي، وفي داخلي كان هناكَ شعورٌ يقولُ لقد خيبتُ أملها، مُجددًا..
أخذتُ شهيقًا من أنفي ثم أخرجته تنهدًا من فمي..
لم يكن هناكَ وقتٌ لأفكرَ بمَّ يجبُ عليّ فعله لحظتَها، وكان لابدَ عليّ بأن أذهبَ للقاءِ غداءٍ مع رئيس المشروع السيد لي، فأمسكتُ بسترتي وأسرعتُ خارجًا من الغرفة.
أتذكرُ بأنني كنتُ أشعرُ بتعبٍ شديدٍ تلك الليلة عندما استقليتُ الحافلة عودةً للمنزل.
حتى أنني غفوتُ في الحافلة وكنتُ سأفوتُ محطتي لولا السائقُ الطيبُ الذي أيقظني.
متعثرًا عند عتبةِ بابِ منزلنا، تحسستُ الباب بحثًا عن ثقبِ المفتاح، ولكن لدهشتي.. كان البابُ غير موصدٍ بالفعل.
****
YOU ARE READING
رسائلٌ إلى لا أحد.
Romanceحينَ تصحو في اللامكان، بدونِ أي ذِكرى، إلا من تُرَّهاتٍ يُقالُ أنكَ كُنتَها.. حينَ تتوقُ لِمعرفةِ كينونَتِك، ولكنكَ كُلَّما أبحرتَ فيها أكثر، كلما أضعتَ برَ الأمان.. حينَ يرحُمكَ الله بالنسيان، فتختارُ أنّ تحيي بداخلكَ الذِكرى، ظنًا منكَ أنّ النسيا...
