لأين سأهرب ❤️

164 9 0
                                    

- آه رافضة أعيش في بيت عيلة.
بَصِلي ورفع حاجبه:
- يعني أرمي أُمي في الشارع؟
رفعت عيوني لِفوق، وبعدين عدَّلت قعدتي:
- لا طبعًا، مامتك على عيني وعلى راسي.. وأعتقِد كفاية إنها مامتك، بس أنا مش هعيش في بيت عيلة.
اتنهِـد بهدوء وأتعدَّل في قعدته:
- حابِب أعرَف إيه مُشكلتك يا مريم؟
- بيتكم فيه عمتك، فيه مامتك، فيه أُختك..
اتنهِـدت وكملت:
- وفيه بنت عمك اللي كانت بتحبك، وأنا مش متجوِزة عشان أعيش في حَرب ولا أعيش في خناق كُل يوم، أنا رافضة رفض تام إني أعيش في بيت عيلة.. وأعتقِد ده حقي!
- وافرضي رفضت؟
ابتسَـمت بِهدوء:
- أنا كمان هرفُض.

حقي، حقي أرفُض أعيش في بيت عيلة لما أحِس إن هدوئي النفسي وثباتي الإنفعالي مُهدد بالأنهيار في لحظة! ليه أقعُد في مُقارنة دايمة مثلًا ما بين هيَ بتعرف تقوَر المحشي أكتر مني ولا لا، ولا ليه أحس بِأني شاكة فيه، أو عمتو تعيِّب فيا، ده بيتي.. يعني مملكتي، يعني حقي!

- وأنا موافِق.
حسيت بفرحة، فرحة خطفتني لِدُنيا تانية، إحساس إنه اشترىٰ خاطري فرحني بِشكل!
- بس أُمي هتعيش معانا.
وكأنُّه بعد ما أداني طرف الفرحة سحبُه، أنا بحب مامتُه.. بس ده حقي! ليه مُمكن أعيش متكتِفة لأن حد مشاركني بيتي!
- هتقعُد معانا دايمًا؟
في اللحظة دي لقيت مامته داخلة علينا، ابتسَـمت وقعدت جنبي وبصِتله وابتسَـمت:
- مُمكن استفرَد بِبنتي شوية؟
ابتسَـم وخرج، بصيت ليها فمسكت إيدي وبدأت تتكلم:
- مِن كام سنة كده، حوالي ٢٩ سنة لما إتجوزت بابا أدهَم ورحمة كان شرطه إني أكون في بيت عيلة، وقتها خُفت وزعقت وشوحت بِأيدي وقولتلهم لاا، أنا مُستحيل أعيش في بيت عيلة ولو السما اطبقِت على الأرض..
ابتسَـمت بهدوء وكملت:
- بس البيه كان زي ابنه، ورفض فجت حماتي كلمته وبعدها وافِق وقعدنا لوحدنا، عارفة يا مريم حصل إيه؟
بصيت لها بأستفهام فكمِلت:
- عيشت حياة هادية، جميلة، بس يوم ما وقعت لقيت بيت العيلة كله في بيتي.. فتحنا شقتنا اللي هناك وروحت قعدت فيها عشان جالي ساعتها مرض جامد، كانت أُم جوزي واخته اللي بيساعدوني.. أمي بتيجي، وأختي بتيجي بس بيروحوا عشان البيت، إنما هُمَ كانوا جنبي.
اتنهِـدت:
- كلامي مِش معناه إنك تقعدي لا، أنا اصلًا مش موافقة.. ولعلمك مش هقعد معاكم زي ما هوَ عايز، أنا بس بفهمك إنه مِش بالرعب ده.
اتنهِـدت بهدوء وكملت:
- أنا ست يا طنط، ست وبغير.
ضحكت بخفة:
- ده معناه إن خوفك مِش مني أنا ورحمة؟
حركت راسي بِسرعة:
- لا واللهِ لا، حضرتك عارفة أنا بحبك قد إيه.. بس يعني!
كملت بهدوء:
- مش عايزة حد يكتِم حُريتك في بيتك، صح؟
سِكتت فابتسَـمت:
- عندك حق، أنا لو مكانك هفكر كده.. بس عارفة؟ عندك حق، مينفعش يكون موجود في حتة فيها سارة.
حركت راسي بتأكيد على كلامها:
- أيوه حصل، قوليله.
ضحكت وحضنتني:
- أنتِ شبهي أوي يا مريم!
ابتسَـمت:
- وَه! هو أنا حلوة كده؟

مامِت أدهم خوفي الدايم مِش منها، بس من الفكرة عمومًا، خايفة مثلًا تتدخل في تربية ابني او بنتي، في بيتي، ليه وقت ما اتخانق انا وجوزي الخناقة توصل لحد؟ ليه مقدرش أعمِل شيء لنفسي، أنا اكيد مش بقول متجيش عندنا.. بس في نفس الوقت، بيتي ده حقي!
***
- أنتَ مش بترُد عليا ليه؟
صوته وصِلني من الناحية التانية:
- زعلان منك.
ضيَّقت عيني بأستغراب:
- ده ليه؟
- حاسِس إنك مش حابة عيلتي يا مريم، وده أحساس وحش بجد.
أنا وأدهم كاتبين الكتاب بعد خطوبة سنتين بسبب ظروف شُغله، اتنهِـدت:
- أنا مش حابة عمتك وبنت عمك، دايمًا بحسهم مش حابين وجودنا يا أدهم.
- بس أنا حابِب، وبقينا سوا غصب عن الكُل.. أنا حاسس بس إنك مش بتتنازلي عن شيء، الحاجة الوحيدة اللي اتنازلتِ فيها يمكن تكون علاقتنا!
حسيت بِنغزة في قلبي، زعلت لِأنه مش مقدر تعبي ولا مُحاولاتي، اتنفِست بهدوء:
- ده معناه إني الوحشة صح؟
- دايمًا بتفسري الكلام علر مزاجك!
- أدهم، محتاجة أقعُد شوية لوحدي.
- يا مـ..
قاطعته بِهدوء:
- لو سمحت!
قفل السكة، عملت كوباية قهوة، شغَلت نشيد بِدون مُوسيقى مِن اللي بحبهم لحد ما وصِل لأكتر حتة بتلمسني:
"يُنادي فُؤادي بليلِ السكُون، بِدمعِ العيونِ برجع الصدا.. لكَ الحمدُ إني حزينٌ حزين."
دموعي نزلت بِهدوء وأنا بفتكِر كلامه، اللي كان شوية قاسي على قلبي.. أنا موسوِسة من فكرة بيت العيلة، بس أنا كنت هرضى لو معنديش فيه اعداء!
***
- أتفضلِ انزليلي حالًا، أنا تحت البيت.
اتخضيت مِن نبرة صوته، رديت بِهدوء:
- خير، فيه إيه؟
رد بنفس الجمود:
- في لحظة لو سمحتِ، دقيقة وهطلعك.
اتنفِـست بهدوء، لبست العباية والخِمار ونزلتله.. كان وشه على عكس نبرة صوته، ليِّن، هادي.. قرب مِني بهدوء وبنبرة لطيفة مَدلي ورد:
- أنا آسِف عشان قُلت كلام غلط ومش حقيقي، أنا لما عديت المرات اللي اتنازلتِ فيها حسيت إن أنا اللي متنازلتش ولا مرة.
كنت مصدومة، ابتسَـمت وأخدت الورد فَمال على راسي وطبع بوسة صغنونة، ابتسَـمت بخجل:
- الناس تقول إيه دلوقتِ؟
- الاه! زوج بيبوس زوجته!
- في الحوش يا أدهم؟
ضحِك:
- وفيها إيه الحوش، ها! ها! فيها إيه.. ده سُكر خالص.
ابتسَـمت بهدوء:
- كنت زعلانة منك.
قعدني على السلِم وقعد جنبي:
- كُنت عارِف، باين على عيونِك العياط.. عيطتِ كتير؟
- مش أوي يعني.
ابتسَـم وباس إيدي:
- حقك على قلبي يا ستي.. وبعدين عندك حق، هيبقى فيه خوف مِـ..
قاطعته بِهدوء:
- موافقة أعيش في بيت أهلك.
- بس أنا مِش موافق، هنعيش برا عادي، وماما رفضت تقعُد معانا.. بس قالتلي هتيجي تزورنا.
بصيت لِبعيد بخوف، وبعدين ميلت على كتفه:
- أنا خايفة يا أدهم الظروف تبعدنا، أو يحصل شيء محدش فينا قدُه.
- يا مريم أنا يوم ما حبيتك مغضبتش ربنا فيكِ، شيلت حُبي في قلبي وأنتِ غضيتِ بصرك ولما ربنا أراد اجتمعنا، فكرك ربنا هيفرق قلوب اتجمعت على طاعته؟
ابتسَـمت براحة:
- أنا بحبك أوي.
- هو أنا ليا غير عيون مريوم أغرَق فيهُم؟
ابتسَـمتله وبعدين رجعت ميِّلت تاني على كتفه وبدأت أتكلِم:
- من كام سنة كده، سمعت صوت خِناقة كبيرة، لما خرجت لقيت ستي ماسكة أُمي وبتزعق فيها.. ماما كانت خايفة، فساكتة، وأنا كُنت طفلة صغيرة، ساعتها ماما قالتلي دي مُشكلة صغيرة بينهُم فسكتت.. أصل أنا مالي! اتكرر الموضوع تاني مرة، والتالتة، والرابعة.. لِحد ما ماما وقعت على السلم وهيَ حامِل في أُختي، وساعتها بابا قاطِع اهله وأخد ماما وخرجوا برا، اتبنى عندي عُقدة ورفض لِفكرة بيوت العيلة، أكيد مِش كُلها وحش.. بس بالنسبالي، كُلها جحيم.
مسِك إيدي، طبطب عليها:
- أوعِدك طول ما أنا هِنا، كُل حاجة هتكون بخير، أنا جنبك.. ومش هحسسك بِحاجة توجعك او تضايقك يا عيون أدهم.
- أدهم، أنتَ جميل أوي!
ضحِك بخفة:
- ششش، كده هتغَر.
ضحِكت وخبطته في كِتفه:
- اسكُت، ويلا على بيتك بقى.
غمَزلي الوقِح، بيغمزلي!
- كُلها اسبوع وتبقي في بيتي يا سُكر أنتِ يا سُكر.

إسكريبتات💫✨️Where stories live. Discover now