_حضرتك مطلوبة في بيت الطاعة يا مدام
الإنسـان مادة..وآي مادة بيصيبها التلف طالما مفيش عناية كافية ليها، دليل على كدا إن العقل ممكن يصدأ، العيون تذبل، والروح تهرم، الكلمات تشح، والقلب يشيخ.
بصيت ورايا في كل اتجاه هنا وهناك، يمين وشمال، فوق وتحت ورجعت تاني بصيت للراجل اللي ماسك ورق وواقف قدامي وبإيدي شاورت على نفسي وقولت بتعجب:
_مين اللي مطلوبة في بيت الطاعة دي..؟
زفر بنفاذ صبر وبص حواليه بسخرية وحطلي الورقة في ايدي وقال بصوت غليظ وحاد:
_أنتِ اللي مطلوبة في بيت الطاعة، مش حضرتك مدام رهف عبد الرحيم زوجة الباشمهندس حمزة البدري.
فتحت عيوني بذهول وقولتله بصدمة:
_أيوه..أيوه أنا هي رهف عبد الرحيم
ضرب كف على كف وحولق وقال بعصبية:
_طب يست مغلباني معاكِ ليه من الصبح وعامله نفسك مندهشة أو فاقدة الذاكرة.!!..يلا من فضلك حضري شنطتك بسرعة مش ناقصة عطلة على الصبح خليني أوصلك بيت جوزك.
"حمزة" جزيت على سناني وأنا بنطق اسمه في سري، دايرة اللامبالاة عنده وسعت، وأغلب الحاجات مابقتش جديرة بالاهتمام في قاموسه، ضربت برجلي في الأرض وقولت للراجل بنفاذ صبر وضيق:
_ماشي شكرًا هبقى أروح لوحدي اتفضل أنت
حط ايده على وشه يهدي نفسه وبعدين نطق:
_أستغفر الله العظيم، لا حول ولا قوة إلا بالله..يا فتاح يا عليم يارب
تروحي لوحدك فين يا مدام..دا أمر محكمة عارفه يعني إيه أمر محكمة ولا مسجلينك دكتورة على الفاضي، ودا شغلي مش ماشي من هنا غير لما أسلمك لجوزك..وياريت تخلصينا بسرعة.
هزيت رأسي بيأس وسبته واقف ودخلت ألم هدومي بس سمعته بيقول:
_هو يوم باين من أوله..أستغفرك وأتوب إليك ياربي
محدش مدرك أنت ممكن تكون بتتأثر ازاي من جواك، إنك تمر بموقف وكل اللي حواليك يشوفوه بسيط، فحين إنك مدرك كليًا إنه مش بسيط، وفي الأول والأخر محدش فاهم حاجة غيرك.
لبست شنطتي على دراعي وشنطة الهدوم الكبيرة في ايدي وطلعت لقيت الراجل لسه واقف بره زي ماهو بينفخ.
ركبنا تاكسي ووصلنا ونزل معايا ومستنيني أطلع، اتنهدت بقلة حيلة ودخلت من باب العمارة والتفتت بصيتله:
_مش هينفع أطلع السلم علشان حامل والأسانسير عطلان
عادي أطلع السلم وأنا حامل مفيهاش أي مشكلة، بس أنا اللي شكلي كدا والله أعلم بتلكك علشان يزهق ويسبني ويمشي بس كان عامل زي اللزقة، وقبل ما ينطق ويتكلم، اتكلم اللي أنا متغاظة منه وقال:
_مُتشكرين يا حضرة الأستاذ، تقدر تتفضل أنت أنا كدا استلمتها
ومن غير كلمة زيادة كان وطى شالني بين ايديه، شهقت وعيني وسعت بإندهاش وهمستله بغيظ من تحت سناني:
_نزلني عيب الراجل واقف...نزلني بقولك
رفع حاجبه بمكر وقال:
_عيب إيه..!! هو أنا عملت حاجة دا أنا يادوب شيلتك، مش برده مش قادرة تطلعي السلم، والأسانسير عطلان..!!
