Part 22

10.5K 687 52
                                    

يومان مرا و نسرين تلازم غرفتها، لا تجيب على اى من اتصالات نورسين او حتى رسائله، حتى انها لم نذهب للعمل، فقط تظل بغرفتها على سريرها اما جالسه تنظر أمامها، أو ممدده تنظر للسقف فوقها.
قررت نسرين الخروج من تلك القوقعه الوهميه التى افتعلتها لنفسها لتذهب إلى الملجئ، حيث الأطفال و تلك الصغيره التى خطفت قلبها و بقيت هى بداخله.
وصلت نسرين للملجئ و هى تحمل العديد من الحقائب التى بها العديد من المشتريات للأطفال.
دلفت للداخل ليأتى الأطفال بإتجاهها و يتعلقوا بها لتبتسم هى بسعاده كانت مفتقداها.
قامت نسرين بتوزيع ما اتت به على الأطفال بالتساوى و ابتسامتها مازالت على وجهها.
"احمد،فين كوكى؟"
سألت نسرين احد الأطفال لينظر لها بهدوء.
"ماما اولفت قالتلنا انها راحت مكان احسن من هنا"
تحدث الصغير لتقطب نسرين حاجبيها بإستغراب.
"حد اتبناها يعنى؟"
سألت نسرين مره اخرى ليومئ لها الصغير بالنفى سريعا لتنظر له بترقب.
"ماما اولفت قالت إنها راحت عند ربنا"
تحدث الصغير بطفوليه لتنظر له نسرين بصدمه لتظل على وضعها حتى انها لم تنتبه للصغير الذى غادر منذ مده.
نهضت نسرين بتثاقل و هى تشعر ان الارض تميد بها، إلا انها ضغطت على نفسها و توجهت حيث مكتب مديره الملجئ - ماما اولفت- كما يدعوها الأطفال.
دقت نسرين على باب المكتب المديره لتدلف فور ان سمعت الأذن بالدخول.
نهضت المديره سريعا فور ان رأت نسرين أمامها.
"كاميليا فين؟"
سألت نسرين سريعا لتتنهد المديره بخفه.
"طيب اقعدى بس"
تحدثت المديره و هى تشير على ذلك المقعد لتجلس عليه نسرين و هى تنظر للمديره.
"صدقينى مكنش فى ايدينا حاجه نعملها و معملنهاش، احنا بنصحيها الصبح مصحيتش"
تحدثت المديره بهدوء لتنساب دموع نسرين على وجنتيها بهدوء.
"يعنى ايه؟ يعنى ايه؟ فهمينى"
صاحت نسرين لتتنهد المديره بخفه.
"صدقينى كلنا مصدومين اكتر منك، انا اللى حطاها فى السرير بتاعها بالليل، و كانت كويسه، الأطفال كلهم صحيوا الصبح و خرجوا يفطروا و هى لسه، دخلتلها بنصحيها ملقتهاش بترد، بهزها مبتتحركش، ملقتهاش بتتنفس و لا بتعمل اى حركه، طلبت دكتور بسرعه و هو اللى بلغنى بوفاتها، وفاه طبيعيه جدا"
تحدثت المديره موضحه بينما نسرين انسابت دموعها اكثر حتى ان شهقاتها اخذت فى العلو.
" اخر حاجه قالتها، انها بتحبك و كان نفسها تشوفك، و كانت مستنيه يوم الجمعه بفارغ الصبر علشان تشوفك"
تحدثت مديره الملجئ و هى تربت على كتف نسرين لتخرج بعد ذلك من المكتب تاركه نسرين وحدها تخرج ما فى صدرها من آلام و بكاء.
.
.
.
.
.
كانت نورسين تسير بالشركه و هى تحمل بعض الملفات التى هى بحاجه الى توقيع آدم لتدلف له بعد أن اذن لها.
" مفيش اى اخبار عن نسرين؟"
تسائل آدم و هو يوقع على تلك الأوراق الموضوعه أمامه لتتنهد نورسين بقوة.
"للأسف مفيش،قافله موبايلها من امبارح"
تحدثت نورسين بحزن ليرن هاتفها الذى فى جيب بنطالها لتخرجه سريعا.
"دى نسرين"
"طيب ردى بسرعه"
تحدث آدم بلهفه و هو ينهض من على مقعده لتومئ له نورسين سريعا.
"ماتت يا نورسين، ماتت و سابتنى، ماتت"
تحدثت نسرين ببكاء شديد و شهقاتها العاليه تخبرك بمدى سوء حالتها.
"هى مين اللى ماتت؟"
صاحت نورسين بعدم فهم ليشير لها آدم بفتح مكبر الصوت.
" كاميليا، كاميليا ماتت و سابتنى يا نورسين، ماتت و هى لسه صغيره، صغيره اوى"
تحدثت نسرين مره اخرى لتنظر نورسين إلى آدم الذى نظر للهاتف بصدمه.
"اه يا حرقه قلبى عليكى، اه يا حرقه قلبى"
صاحت نسرين مولوله فى الهاتف لتتنهد نورسين بخفه.
"طيب أهدى، أهدى، هى فى مكان احسن و الله، عمرها لحد كدا يا نسرين"
تحدثت نورسين تحاول تهدأه صديقتها التى لم تتوقف عن البكاء.
"خليكى عندك و انا جيالك"
تحدثت نورسين بعد قليل من الوقت التى قضته تُسمع صديقتها فى كلام تشجيعى يجعل من جراحها تلتئم و لو بنسبه واحد بالمئة.
"لا متجيش، انا هروح "
تحدثت نسرين بهدوء بعد أن هدأ بكائها قليلا.
"سلام"
تحدثت نسرين مره اخرى مغلقه الاتصال لتنهض من مقعدها ذاهبه إلى منزلها مره اخرى.
سائت الأوضاع اكثر، و انزوت نسرين على نفسها اكثر، أصبحت هادئه ساكنه و كئيبه، الهالات السوداء ملئت منطقه أسفل عيناها بغزاره، حتى انها فكرت بالانتحار اكثر من مره، بل و اقدمت عليه بالفعل.
فى ذلك اليوم و بعد مرور ثلاث ايام منذ وفاه الصغيره، دلفت والده نسرين إلى غرفته ابنتها لتيقظها من نومها على غير العاده. 
"نسرين،قومى يلا كل ده نوم"
تحدثت والدتها بنبره دافئه و هى تقوم بفتح الستائر حتى يضئ نور الشمس الغرفه المظلمه.
نظرت والدتها إليها و هى نائمه هكذا لتذهب إليها و تقوم بهزها، إلا انها لم تجد اى رد فعل من نسرين ليدب القلق و الخوف بداخلها.
"نسرين يا حبيبتى"
تحدثت والدتها بهلع و هى تهزها بقوة الا انه ما من مجيب، كما أن صوت نفسها ضئيل للغايه و يكاد يكون منعدم.
جذب انتباه والدتها اشرطه الدواء الفارغه الموضوعه على الكومود بجانب السرير لتنظر لهم بصدمه.
"الحقنى يا محمود"
صاحت والده نسرين بهلع و خوف مناديه على زوجها الذى قدم إليها سريعا بخوف.
"الحق نسرين، الحق البت مبتردش عليا و لا بتقوم، و مش حاسه بنفسها، اتصل بالاسعاف بسرعه"
صاحت والده نسرين و هى تبكى بشده لينظر لها زوجها قليلا غير مستوعب ما تقوله زوجته.
" انت هتفضل مبحلقلى كتير، البت بتضيع من أيدى اطلب الإسعاف"
صاحت والدتها بقوة مره اخرى و هى تحتضنها بشده و تربت على وجنتيها و دموعها تجعل الرؤيه منعدمه.
اتصل والد نسرين بالإسعاف بأيدى مرتعشه و هو يرى ابنته تفقد حياتها أمامه و هو يقف كالعاجز.
"انت السبب، انت اللى مخلتنيش احسس بنتى انى امها و معاها دايما، انت السبب و كلامك اننا نأمن مستقبلها ده أهم من اننا نهتم بيها، انت السبب فى انك تخلينا متغربين دايما، انت السبب فى ان بنتنا تضيع من ايدينا و بمزاجنا، انت السبب فى موت بنتى"
صاحت والده نسرين و هى تحتضنها بقوة و تبكى بقهر و بشده ليتقدم والدها من جسدها الممدد.
" نسرين كويسه مجرلهاش حاجه، هى كويسه بس بتدلع بس، طيب قومى و انا مش هبعد عنك تانى، و هعملك كل اللى انتى عايزاه، قومى يا نسرين، مش لما نفض كل حاجه عملناها و نرجع علشانك تسيبينا انتى، احنا مكناش بنفكر فيكى بس كنا بنفكر فى مستقبلك، كنا بنفكر نأمنك ازاى، قومى يا نسرين متحرقيش قلبى عليكى، متحرقيش قلب ابوكى عليكى يا نسرين"
تحدث والدها و هو يبكى هو الاخر بينما والدتها ظلت تقبل جبينها و يديها و دموعها تنساب بغزاره.
" فيه ايه ؟"
همست نسرين بهدوء و هى بالكاد تفتح عيناها مستغربه وضع والديها الغريب و الجديد.
" نسرين،اجمدى شويه الإسعاف فى الطريق، اجمدى شويه يا قلب أمك "
تحدثت والدتها و هى مازالت تبكى بشده لتقطب نسرين حاجبيها بإستغراب محاوله النهوض الا ان قواها خائره.
"متتعبيش نفسك،الإسعاف جايه فى الطريق، هنلحقك و مش هنسيب حاجه تحصل ابدا، مش هسيبك تانى ابدا يا نسرين"
تحدث والدها و هو يبكى هو الاخر بينما هى لا تستطيع فهم ما يحدث حولها، و هل هاذان والديها حقا ام انها تحلم فقط، و اذا كان حلم تتمنى الا تستيقظ منه ابدا، فهى اخيرا رأت الاهتمام و الخوف فى عينى والديها.
" انا لو متت دلوقتى مش هبقى عايزة حاجه من الدنيا "
همست نسرين بخفه و هى تغلق عيناها مره اخرى و ابتسامه خفيفه ترتسم على شفتيها.
"متقوليش كدا يا نسرين، فتحى عينك، فتحى عينك يا بنتى، فتحى عينك متقهريش قلبى عليكى"
تحدثت والدتها و هى تحتضنها بقوة جعلت نسرين تفكر ان ما تراه الان مستحيل ان يكون حلم، أو أحداث يخترعها عقلها الباطن.
"فيه ايه يا ماما انا كويسه"
همست نسرين و هى تفتح عيناها بالقوه فأثار النعاس مازالت موجوده.
" خليكى معانا لحد ما الإسعاف تيجى"
تحدث والدها و هو ينظر لها لتنظر هى له بإستغراب.
"إسعاف ليه؟ فيه حد فيكم تعبان؟"
تسائلت نسرين بإستغراب و آثار النعاس بدأت فى الذهاب، و اخذ عقلها يبثها بالتنبيهات حتى تحصل على صحوة كامله.
"فهمونى فيه ايه؟ حد فيكم بيشتكى من حاجه؟ "
تسائلت نسرين بقلق و هى تعتدل فى جلستها لينظر لها والديها بإستغراب.
"انتى كويسه؟ "
تسائلت والدتها و هى تهدئ من نفسها قليلا لتومئ لها نسرين بهدوء.
"انتى رجعتى طيب؟"
تسائل والدها هذه المره لتنظر له نسرين بإستغراب.
" و هرجع ليه؟ "
تسائلت نسرين مستغربه لتمسك والدتها بأشرطه الدواء الفارغه ملوحه بهم أمامها.
"علشان الحبوب اللى انتى اخدتيها دى كلها"
تحدثت والدتها لتتنهد نسرين بقوة.
"انا مأخدتهومش ،فضيتهم كلهم و كان فاضلى ثوانى و ابلعهم بس اتخليت عن الفكره و رميتهم كلهم فى الزباله، تقدرى تشوفيهم لو مش مصدقانى"
تحدثت نسرين بهدوء ليتنهد والديها براحه، و والدتها قامت بضمها إلى صدرها بقوة.
" انا اسفه"
تحدثت والدتها و هى تضمها إلى صدرها بينما نسرين لا تعلم ما الذى يحدث، و ما سر هذا التغير المفاجئ.
" اوعدك اننا مش هنبعد عنك تانى "
تحدث والدها هذه المره لتنظر له بصدمه كبيره، لا تستطيع التصديق انها تسمع مثل ذلك الحديث من والدها.
"احنا بعدنا عنك بما فيه الكفايه، احنا نقلنا كل شغلنا لمصر علشان نفضل معاكى و نعوضك عن اللى فات، سامحينا يا بنتى، احنا كنا بنبص لقدام و إننا عايزين نأمنلك مستقبلك، و محسناش بالوقت و هو بيجرى، و لا حسينا بيكى و انتى بتكبرى، سامحينا"
تحدث والدها مره اخرى لتنظر له قليلا و لوالدتها قليلا.
" هو ده مش حلم؟ "
تسائلت نسرين بذهول و هى تنظر إلى والديها ليضمها والدها إلى صدره مربتا على ظهرها بحنان لتغمض هى عيناها متنهده براحه.
.
.
.
.
.
" انا مش مصدقه، انا لحد دلوقتى حاسه انى بحلم، قوليلى انى بحلم، قوليلى ان ده حلم"
تحدثت نسرين فى الهاتف بذهول لتقهقه صديقتها عليها.
"لا يا ستى ده مش حلم، ده واقع انتى كنتى مستنياه من زمان و اديه بيتحقق دلوقتى اهوه"
تحدثت نورسين و هى تبتسم براحه على وضع صديقتها الذى تحسن بشكل كبير مما أسعدها.
"و الله حاسه انه هيجرالى حاجه، حضن ماما دافى اوى، و لا حضن بابا و هو بيطبطب على ضهرى، اه على الراحه اللى كنت حساها"
قصت نسرين مشاعرها و ما شعرت به و والديها يحتضناها.
" ربنا يطول فى عمرهم و تفضلى مبسوطه كدا يا نسرين"
تمنت نورسين لتبتسم نسرين بخفه فى الهاتف.
" بس قوليلى صحيح، ازاى محستيش باللى بيحصل حواليكى؟ "
تسائلت نورسين معلقه على ما قصته صديقتها لها.
" انا كنت واخده حبوب منومه لانى مكنتش بنام خالص"
وضحت نسرين فى الهاتف لتذم نورسين شفتيها مهمه لها بخفه.
" يلا يا نسرين علشان ناكل قبل ما الأكل يبرد"
سمعت الفتاتان صياح والده نسرين مناديه عليها لتناول الطعام.
" سمعتى؟سمعتى اللى انا سمعته؟ سمعتى؟"
تسائلت نسرين بحماس شديد لتقهقه صديقتها عليها بشده.
" سمعت، و الله العظيم سمعت، روحى يلا علشان تاكلى، سلام"
انهت نورسين المكالمه الهاتفية بإبتسامه و هى تتنهد براحه.
ها قد حلت مشكله، و لكن ماذا عن الباقى؟!
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
" يتبع💙"

عائله للرجال فقطحيث تعيش القصص. اكتشف الآن