Part 29

10.6K 769 82
                                    

"هاتف مغلق"
للمره المائه يأتيه نفس الأشعار عند اتصاله بنورسين ليلقى بهاتفه بغضب على سطح مكتبه.
منذ تصريح آدم صباح هذا اليوم و رأسه تكاد تنفجر لا يعلم ماذا سيفعل لاحقا.
"يا رب"
همس مستنجدا و هو يمسح على وجهه بعنف شديد لتدمع عيناه، ايتذكر ربه الان؟
نهر نفسه بشده و لعن نفسه آلاف المرات على حماقته التى ارتبكها، على الشيطان الذى اخذ يوسوس بعقله و يخبره بأشياء لم و لن تحدث.
لا يعلم كيف سيصلح مثل هذا الخطأ الذى لا يغتفر.
.
.
.
.
.
أتى يوم الجمعه اخيرا، ذهب زين إلى حفل خطبه مراد و نوران و هو متأكد انه سيلتقى نورسين هناك و سيحظى بفرصه للحديث معها.
سيوضح لها لما فعل ما فعل، سيعوضها بما تشاء، اذا أرادت حتى نجمه من السماء سيفعل ما بوسعه لجلب ما تريد، فقط لتسامحه و تغفر له، فقط فرصه اخرى.
فلاشات كاميرات التصوير الخاصه بالصحافة تكاد تعمى بصيرته قبل أن يدلف لداخل ذلك الفندق الذى شيدت بوابته بحراسه قويه و كثيره مانعه اى صحفى من الدخول و التطفل على المدعوين لذلك الحفل.
دلف إلى القاعه الضخمه التى زينت بشكل رائع و لم يأتى العرسان بعد، و الأهم لم تأتى نورسين بعد.
دقائق و بدأت الاستعدادات لاستقبال العروسين ليتفاجئ بعائلته بأكملها تدلف خلف العروسين و هم متأنقين و كأنه حفل زفاف احد أبنائهم.
حتى أخيه و زوجته الذى كان عقد قرانهم منذ اسبوع فقط خلف العروسان اللذان كانا متأنقان بشكل مبهر و يليق بمكانتهم المرموقه.
وقعت عينه عليها اخيرا، وجدها بفستانها الأسود الذى يتحضن جسدها البض الأبيض، و شعرها المرفوع لأعلى مظهرا جيدها ناصع البياض، ظلال العيون الأسود الذى أبرز لون عيناها الفريد و المميز كذلك، وجنتيها اللذان يضخان بحمره طبيعيه زادت حدتهم من ذلك اللون الاضافى، احمر الشفاه القاتم الذى نحت و رسم شفتيها بطريقه مثيره،أسنانها اللؤلؤيه التى ظهرت بسبب ابتسامتها الواسعه، أصبحت تضاهى فى جمالها جمال الهه الاغريق قديما.
"زين، مجيتش معانا الزفه ليه؟"
تسائل مراد الذى تقدم من أخيه الذى كان ينظر إلى نورسين بشرود.
"هاه،مكنتش اعرف انكم رايحين الزفه اصلا، محدش قالى"
أفاق زين من شروده فى نورسين لينظر إلى أخيه الذى اومئ له بخفه.
"طيب مش هتيجى تسلم على آدم و نسرين و تباركلهم؟"
تسائل مراد و هو يشير على العروسان اللذان جلسا فى مكانهم ليومئ له زين متقدما معه.
"الف مبروك يا آدم"
تحدث زين بإبتسامه خفيفه و هو يحتضن آدم الذى احتضنه بدوره بسعاده.
"الف مبروك يا نسرين"
تحدث زين و هو يمد يده إلى نسرين التى نظرت له نظرات قويه جعلته يريد الاختفاء من أمامها.
تجاهلت نسرين يده الممدوده و هى تحادث من أتى من خلفه بإبتسامه واسعه ليسحب يده بحرج مبتعدا عنهم، و قد تأكد انها علمت من نورسين ما فعله بها.
بذكر نورسين، اين اختفت حوريته التى سلبت لبه سابقا و مازالت تسلبه حاليا و ستسلبه بسهوله مستقبلا.
بحث بعينه عنها و لكنه لم يجد لها أثر، فى البدايه ظن انها غادرت الا انها لن تفعل و بالأخص من حفل خطبه صديقتها المقربه و الوحيده، ربما ذهبت للمرحاض لتعدل من هيئتها ليتنهد بغضب، و عقله اخبره ان يذهب لاقرب شرفه ليقوم بتدخين التبغ اللعين الذى كان ابتعد عنه لفتره كبيره و لكنه ها قد عاد له مره اخرى، و السبب فى ابتعاده عنه و اقترابه منه مجددا كان واحد، نفس الشخص الذى بسببه ابتعد عن التبغ، هو نفس الشخص الذى عاد للتبغ بسببه مره اخرى.
دلف إلى تلك الشرفه التى ينيرها ضوء القمر الذى كان بدر فى ذلك الوقت من العام، ليجدها تقف و تنظر للسماء بأعين لامعه و ضوء القمر ينعكس على بشرتها الصافيه.
وقف ينظر لها و يتأملها قليلا، يتأمل ملامحها، يتأمل شرودها، سمع تنهيدتها التى تخرج من أعماق صدرها يليها إنزال رأسها و التفاتها للخروج و لكنها وجدته أمامها ينظر لها فقط.
وقفت جامده تنطر له بقوة عكس ما توقع، على الاقل توقع توترها و تهدج أنفاسها بخوف، و لكن كعاده نورسين دائما ما تخلف توقعات، بعكسها، هى كانت دائما تتوقع أفعاله و ردود أفعاله كذلك، إلا تلك المره، حقا خابت فى معرفته و معرفه نيته السيئه اتجاهها.
"نورسين انا...."
قطع حديثه بسبب كفها الذى رفع أمام وجهه موقفا اياه عن التفوه بأى حرف اخر.
"بلاش تبرير غلطه انت كنت قاصدها، لأن الغلطه دى يا زين مهما عملت مش هتتصلح، انت بدل ما تهد السور اللى كان بينا زودته و طولته لدرجه انه بقا صعب و مستحيل ان يتهد، اتمنى انك تكون استمتعت و انت بتاخد حاجه مش حقك، و اتمنى بردو تسيبنى فى حالى و انى اشوف مصلحتى، اللى اكيد مش هتبقى كامله زى ما كنت بتخيل بسبب عملتك"
انهت نورسين حديثها مغادره من أمامه تاركه اياه خلفها عاجز عن الحديث او حتى الحراك.
لم يستطع التفوه بكلمه *اسف* او حتى تحريك يده للإمساك بها، و لم يستطع الركض خلفها و اللحاق بها ليطلب منها الغفران.
شعر انه شخص دنئ و قليل، شعر انه سئ بطريقه بشعه، شعر بالدنائه و الاشمئزاز من جسده و روحه المشوهه.
غادر الشرفه ليجد عائلته بأكملها على المسرح يرقصون و يغنون و ابتسامتهم الواسعه تزين وجوههم، حتى نورسين ابتسامتها الواسعه كانت تنير وجهها و كأن ابتسامتها تخرج من اعماقها و ليست مجرد ابتسامه مرسومه على الوجه.
شعر انه لم يعد له مكان بمثل تلك العائله لينسحب مغادرا من القاعه، بل من الفندق بأكمله، و هو يتعهد بالابتعاد حتى لا يسبب الألم لأيا كان.
غادر و هو يأخذ عهدا على نفسه بعدم العوده مهما طُلب منه، هو لن يعود الا عندما يستحق العوده أمام نفسه قبل الغير.
.
.
.
.
.
شهر كامل مر و لم يروا به زين منذ حفل خطبه آدم و نسرين، يقوموا بالتواصل معه عن طريق الهاتف اما بالرسائل النصيه، أو المكالمات الهاتفيه التى لا تتخطى مدتها الخمس دقائق.
الجميع بإتصالاتهم الهامه لم يستطيعوا الوصول إلى موقعه، إذ انه دائم الانتقال و لا يبقى فى مكان واحد لمده تزيد عن اليومان، حتى شركته لم يذهب لها منذ اختفائه و اكتفى بقول الأوامر و الاتجاهات على الهاتف لمساعدته لتكمل هى باقى الأعمال.
الجميع قلق عليه، حتى نورسين رغم آلم قلبها و ما فعله بها الا انها مازالت تقلق و تخاف عليه.
بدايه يوم جديد ،لا يعلموا اذا كان يوم جيد ام يوم مشئوم من البدايه.
ذهب الجميع إلى اعمالهم، حتى نورسين التى ذهبت إلى مكتبها و فضلت الجلوس به دون الخروج منه.
"نورى"
صاحت نسرين و هى تفتح باب مكتب نورسين دالفه إليها بمرح لتجد نورسين واجمه الملامح لتتنهد بخفه.
"محدش يعرف بردو مكان زين؟"
تسائلت نسرين و هى تجلس أمام نورسين التى تنهدت بقوة و هى تومئ بالنفى.
"طيب ما هو بيتصل و بيبعت رسايل يعنى هو كويس"
صاحت نسرين بهدوء تحاول طمئنه نورسين القلقه و لكن تنهيده حاره خرجت من فاه نورسين.
"زين عمره ما بعد بالشكل ده، زين عمره ما قدر انه يبعد عن أهله خالص، ده اللى قالق الكل، محدش عارف هو عايش ازاى؟ بياكل و لا لا؟ صحته كويسه و لا تعبان؟ ده اللى قالقنا كلنا"
وضحت نورسين إلى نسرين التى تنظر لها بطريقه غريبه.
"نورسين ،من غير كدب و لا لف و دوران، انتى لسه بتحبى زين صح؟ "
تسائلت نسرين لتذفر نورسين بقوة مطأطأه رأسها أرضا بخزى.
" حاولت اكرهه بدل المره الف و مليون، لكن قلبى مش مطاوعنى، انتى متخيله انى من ساعه ما اتولدت و انا معاه، كل حاجه بنعملها مع بعض، بنلعب مع بعض، بناكل و نشرب مع بعض، بنروح المدرسه و النادى مع بعض، اتعلقت بيه زياده عن اللزوم لدرجه انه بقى جزء مهم فى حياتى و صعب انه يبعد، اتعودت عليه لحد ما بقا كل حاجه فى حياتى تقريبا، اتعودت عليه و حبيته لدرجه انى مبقتش شايفه حد غيره و لا بقيت عارفه اشوف حد غيره، خلاص دماغى و قلبى ظبطوا نفسهم انه هو دى اللى هتكملى معاه حياتك، هو ده اللى هيبقى جوزك و ابو عيالك و سندك بعد ابوكى، مش عارفه بقا اهد ده كله و ابنى حاجه جديده مش موجوده من الأساس، و هبقى كدابه لو قولت انى كرهته، مهما عمل فيا قلبى مش بيطاوعنى على كرهه، هتقولى عليا مهزئه انا عارفه بس مش قادره"
وضحت نورسين بحزن لتنظر لها نسرين بشفقه على حالها و ما وصلت اليه.
" صدق اللى قال، مادام حبيت و وقعت فى الحب يبقى كرامتك و قعت فى الأرض، الحب مفيهوش كرامه"
تحدثت نسرين لتقطب نورسين حاجبيها مستغربه ما قالته صديقتها.
" ده مين اللى قال؟ "
تسائلت نورسين لتنظر لها نسرين بهدوء.
"لا محدش قال، ده جدعنه من عندى كدا"
تحدثت نسرين لتقهقه نورسين عليها و على تصرفاتها الغريبه.
" يخرب عقلك،و لا على ايه ما هو كدا كدا مخروب، الله يكون فى عونك يا آدم و الله"
تحدثت نورسين غير مصدقه لتنظر لها صديقتها بفهاوه.
قاطع حديث الاثنان رنين هاتف نورسين لتجد ان رقم غريب هو من يتصل بها.
" الو"
أجابت نورسين بهدوء بينما نسرين تنظر لها بترقب.
"حضرتك تقربى لمراد باشا الهوارى؟ "
صوت ذكورى غليظ تحدث من الجهه الآخرى من الاتصال لتقطب نورسين حاجبيها.
"حضرتك مين؟و جبت الرقم ده منين؟"
تحدثت نورسين بجديه لتنظر لها نسرين بتركيز.
" انا عسكرى فى القسم اللى مراد باشا ظابط فيه، و رقم حضرتك هو الرقم اللى قدرنا نجيبه من موبايل الباشا قبل ما يفصل"
تحدث ذلك الصوت الغليظ مره اخرى ليزداد انقطاب حاجبيها.
"انا مش فاهمه حاجه، فين مراد؟ "
صاحت نورسين بنفاذ صبر لتشير لها نسرين بالهدوء.
"هو دلوقتى فى اوضه العمليات فى مستشفى ******** لانه اتصاب بعيار نارى "
" انا بتقول ايه؟ انت بتتكلم جد؟ "
صاحت نورسين بقوة و هى تنهض من على مقعدها لتنظر لها نسرين بقلق بسبب حالتها الغريبه تلك.
" طيب انا جايه، انا جايه"
تحدثت نورسين منهيه الاتصال و هى تبكى لتنظر لها نسرين بصدمه.
" فيه ايه؟"
تسائلت نسرين عندما رأت حاله صديقتها هكذا.
" مراد،مراد اتصاب و فى العمليات دلوقتى"
تحدثت نورسين و هى تبكى بشده لتبتلع نسرين ما فى جوفها بتوتر.
.
.
.
.
.
وقفن النساء بأكملهم يبكون و هم لا يعلموا وضع مراد الذى مازال بغرفه العمليات، و قد مر على بقائه بداخلها ساعه تقريبا.
"مراد اتصاب ازاى يا حماده؟"
تسائلت نورسين و هى تسيطر على بكائها قليلا ليتنهد أحمد بقوة.
"كان فى عمليه و حصل تبادل ضرب نار، و مراد اتصاب بس محدش عارف هو اتصاب فين، ناس بتقول اتصاب فى كتفه و ناس بتقول اتصاب فى صدره و ناس تانيه بتقول اتصاب فى قلبه، محدش عارف بالظبط"
تحدث أحمد بثقل لتضع نورسين يدها على رأسها بسبب شعورها بالدوار الخفيف.
لاحظت نسرين التى كانت برفقه صديقتها شحوب وجهها لتذهب لها سريعا واقفه بجانبها.
" نورسين انتى كويسه؟ "
تسائلت نسرين بقلق و هى تسند نورسين التى اومئت بالايجاب بخفه.
" بابا"
سمعت صوته، و لم تكن الوحيده التى استمعت إلى صوته، التفت الجميع اليه و هو يهرول بإتجاه رجال العائله و التى كانت نورسين و نسرين تقفا معهم.
"شوفت يا زين، شوفت مراد يا زين"
تحدثت ليليان و هى تبكى بقوة متجهه حيث زين الذى احتضنها مربتا على ظهرها بخفه.
"أهدى هو بخير، أهدى يا ماما"
تحدث زين بهدوء و هو يحاول تهدأه والدته.
"ايه اللى حصل لمراد؟"
تسائل زين و بدأ أحمد يقص عليه ما حدث مجددا، بينما نورسين وقفت تنظر له متمعنه النظر به، ذقنه المشعثه الطويله و الغير مهندمه، ملابسه الكاجول مما أظهره بشكل جديد بعيدا عن ذلك الطابع العملى الكلاسيكى، عظام وجنتيه اللاتى ظهرن بسبب إنقاص وزنه الواضح.
شعرت نورسين بالدوار مره اخرى و لكن هذه المره سقطت فاقده الوعى و آخر ما سمعته هى صرخه نسرين بإسمها.
.
.
.
.
.
بدأ الوعى يعود إليها مره اخرى لتفتح عيناها ناظره حولها لتجد والديها و جديها و زين و نسرين حولها.
"اه"
تأوه خفيف صدر منها عندما حركت يدها المعلق بها ابره المفذى لتقطب حاجبيها و هى تنظر لتلك الابره.
"براحه يا نورسين، براحه"
تحدثت ليان و هى تتقدم من ابنتها ممسكه بيدها بهدوء لتنظر لها نورسين بهدوء.
"مراد،مراد اخباره ايه؟ هو كويس؟"
تسائلت نورسين بخوف على مراد الذى يعتبر أخيها و رفيقها كذلك.
"الحمد لله، خرج من اوضه العمليات و الدكتور طمنا عليه، و الحمد لله ان الرصاصه كانت فى كتفه و بعيده عن قلبه، هو بس لسه مفاقش من البنج"
وضح أحمد لتتنهد نورسين بإرتياح و هى تغلق عيناها براحه.
دقات خفيفه على باب الغرفه يليها دخول الممرضه حتى تفحص ابره المغذى التى فى يد نورسين.
" يا خبر مين اللى علق المحلول ده ليكى، ده غلط على اللى فى بطنك"
أيمكن ان يكون ذلك اليوم أسوأ من الان؟!
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
"يتبع💙"
نورسين حامل؟! و زين ندمان!!
لكم حريه التعليق🤷‍♀️
خايفه احدد عدد الأجزاء اللى باقيه على النهايه و يطلعوا اكتر فأنا مش هقول و هسيبها مفاجأه😂
فوتز كتير و كومنتات كتير بقا شجعونى على الكتابه💚
تذكرون بالدعاء فضلا و ليس امرا💕
دمتم سالمين💛

عائله للرجال فقطحيث تعيش القصص. اكتشف الآن