الفصل المائة وأثنين (٢) - الجُـزء الثـالث -

10K 675 6
                                    

°°~دُمية مُطرزة بالحُب~°°
"الفصل المائة وأثنين"         - الجُـزء الثـالث -

| القسم الثاني |

قلبي مكلوم، وكأن الدنيا قد اجتمعت لـ وأد السعادة ودفنها في جوفي."
________________________________________
بعد أن أوصدت الباب عليها بإصرار لكي تبقى بمفردها، وقفت في منتصف الغرفة لأكثر من خمسة دقائق متجمدة، يحاول عقلها المصدوم التخلص من أثر ما تلقتهُ من أخبار كارثية غيرت مسار كل شئ. لا تعلم لماذا تأبى عيناها أن تخضع لشلال الدموع المختزن بنفسها!. وبقى الوجع گالوحش الضاري الذي ينهش في فريستهِ. نظرت بقهرٍ شديد إلى فستان زفافها الذي لم تهنأ به، ارتدته لدقائق معدودة، ومن بعدها عاد حظها التعيس يراودها مجددًا، ولكن هذه المرة بشكلٍ أكثر قسوة ومرارة.
لملمت الفستان ووضعته في علبته، ثم ألقتها جانبًا بدون اكتراث، مشت ببطءٍ نحو فراشها، تناولت دميتها، ودثرت نفسها بالغطاء لتهرب من جديد. نظرت بتمعنٍ لتلك الدمية التي رافقتها لعمرٍ ليس بقصير، كانت ملامحها حزينة إلى حدٍ ما، تُشبهها، ولذلك كانت متعلقة بها طوال حياتها، لإنها كانت ومازالت تذكرها بنفسها، وأخيرًا بعد صراع طويل مع نفسها، تدحرجت عبرة دافئة من طرفها، أطبقت جفونها فأسقطتها على الوسادة، لتستمع إلى صوتهِ القلق وهو ينادي عليها :
- طب أفتحي واتكلمي معايا ياملك ، قولتلك قبل كده الهروب مش حل.
وكأنها لم تستمع إليه، بينما تابع هو مجددًا محاولاته :
- أفتحي عشان خاطري، أنا مش قادر أسيبك تشيلي كل ده لوحدك.
أحست بجفاف حلقها، فـ مسحت بلسانها على شفتها الجافة قبل أن تهمس بخفوت :
- عادي، أنا طول عمري بشيل لوحدي، مجتش على المرة دي.
تطلع إليه "يزيد" مشفقًا عليه، فهو مضطر على حمل ذلك العبئ أيضًا، بينما هو البرئ بينهم. فرك جلدهِ بعنفٍ وهو ينفخ بضيقٍ شديد، ثم أردف بـ :
- سيبها تهدا يايونس.
فـ صاح "يونس" رافضًا :
- مقدرش أسيبها كده.
فـ صرحت "نغم" بناء على معرفتها برفيقتها :
- مش هتفتح يايونس، حتى لو وقفت هنا للصبح.. الأحسن تسيبها شوية.
التفت "يونس" يرنو لشقيقهِ بنظراتٍ غامضة، ومن ثم هتف :
- تعالى معايا.
وسار نحو الدرج، بينما بقيت "نغم" بمحلها، مستثقلة العودة إلى منزلها في حين أن "ملك" هنا بهذه الحالة المؤسفة. لمحت "خديجة" تخرج من غرفة "كاريمان"، فـ مضت نحوها كي تطمئن على حالها، فقد نالها من الحزن نصيبًا وفيرًا.
******************************************
أغلق "يونس" الباب من خلفهم، وعاد ينظر بعتابٍ منفعل نحو شقيقهِ، ثم هتف بـ :
- قولتلك لازم تعرف، قولتلك هييجي يوم والحقيقة كلها هتظهر وساعتها الوجع هيكون مضاعف.. إيه رأيك؟.
لم يكن "يزيد" قادرًا على تحمل تأنيب أخيه له، ومع هذا حاول أن يكون منصتًا بدون أن يعترض، في حين تابع "يونس" :
- كل اللي عملناه ممنعش قدرة ربنا في إنه يظهر الحقيقة، مكسبناش غير إننا هنرجع تاني من نقطة الصفر.
تنهد "يزيد" وهو يجلس على طرف المقعد :
- كنت عايزني أعمل إيه يايونس!.. أروح اقولها أه أبوكي هو اللي قتل أمك ودفنها عشان هي كانت آ ×××××× وخاينة!.. ولا جاي تلومني عشان خبيت من الأول، مش فاهم!. ولا آ....
انفتح الباب بهذه اللحظة، قبل أن يتمم "يزيد" عبارته للنهاية، لتقع أعينهم عليها وهي توزع نظراتها المذهولة بينهما، غير مصدقة ما استمعت إليه للتو من قصة قاسية لا يتحمل أحد معايشتها أو السماع عنها...
***************************************

~دُمية مطرزة بالحُب~Where stories live. Discover now