الفصل المائة وستة عشر

10.6K 659 6
                                    

°°~دُمية مُطرزة بالحُب~°°     - الجُـزء الثـالث -
"الفـصل المـائة والسادسة عشر"

"وكيف لا أبالي بها، وهي تسكن الفؤاد بتشعبٍ، وكُل القلب لها."
_________________________________________
حاولت مرارًا وتكرارًا أن تسمح للنوم بإختلال جفونها، لكن إستعادة المشهد في ذهنها لآلاف المرات بشكل متوالي عثّر عليها ذلك، وكأن قلبها لم يفرح هكذا من قبل، ولا يتسع لتلك السعادة. بدلت ثيابها بأخرى جديدة من تلك التي اختارها لها بنفسه، ووضعت الكثير من عِطرها، ثم تفننت في استخدام قليل من أدوات الزينة، كل ذلك كان تعبير عن مشاعر الفرحة التي تعيشها. عادت تجلس على الفراش، وتناولت هاتفها بحماسةٍ مفرطة، فتحت حسابها الشخصي واستعدت لنشر حالة عاطفية رقيقة، لكنها اصطدمت بالعنوان الرئيسي الذي رأته في مقدمة ڤيديو منشور عبر أحد المجموعات الشهيرة بـ موقع "فيسبوك"، حيث ظهرت في الڤيديو بجانب "يزيد" وهو يعرض عليها الزواج أمام العامّة. انقبض قلبها وهي ترى ذلك الرقم القياسي الذي حققه الڤيديو من مشاهدات عالية، بجانب الكثير من التعليقات التي تأرجحت ما بين مؤيد ومعجب، وبين مُعارضٍ ونافر، ولم تخلو التعليقات من بعض الكلمات البذيئة لبعض الأشخاص وبعض الشتائم من أشخاص آخرون. تطلعت "نغم" لكل ذلك بشدوهٍ مصدوم، غير مصدقة تلك النائبة التي حطت عليها الآن. اخترق صوت الجرس الرنان مسامعها، فـ نهضت ممسكة بهاتفها وأمارات الذهول المذعور تغلف وجهها، وفتحت بغتةً لتراه واقفًا أمامها، فـ أفضت بصياحٍ مفاجئ :
- شوفت اللي انت عملته!.
كانت مفاجئة بالنسبة له، خاصة وأن مزاجه كان جيدًا للغاية قبل ثانية من الآن. قطب جبينه بإستغراب، ومنحها نظرةٍ متضايقة وهو يسأل بفتور :
- إيـه تاني ؟.
ناولته الهاتف بعدما فتحت المشهد أمام ناظريهِ، فـ سلط كامل وعيه على مشاهدة الڤيديو بعدما دلف للداخل وأقفلت هي الباب، تابع وكأنه غير مصدق ما حدث ، حينما  رأى نصب عينيه كيف كان مجنونًا بهذه اللحظة. ظنتّهُ سيثور، سيهتاج، سيفقد أعصابه گالمعتاد. لكنها ذُهلت به يضحك بشكل هيستيري، ولم يتوقف عن الضحك دقيقة كاملة. ثم أعاد مشاهدة الڤيديو لمرة أخرى، مما أثار "نغم" أكثر حياله، وجعلها تندفع لخطف الهاتف من بين يديه، وهي تصيح فيه بإنفعال :
- إنت بتضحك على إيـه؟.
ضبط أنفاسه المتسارعة، وبدأ يخمد قليلًا ليجيب بعقلانية :
- شوفت تعليق فصلني بصراحة، بس عجبني.. الڤيديو كله عجبني.
- عـجبك ؟.
غير قادرة على استيعاب سرّ قبوله لشئ گهذا، لكنه برر لها على الفور :
- جدًا، ده احنا بكرة الصبح هنبقى تريند.. إيه المشكلة.
استهجنت هدوءهِ المريب، وعدم اهتمامه بما يخص وضعها :
- تريند إيه وزفت إيه، دي فضيحة!.
انعقد حاجبيه بغير رضا :
- فضيحة إيه!!.. إنتي بكرة هتكوني مراتي، يعني محدش يقدر يفتح بوقه بكلمة، ثم إني مش بعمل فعل فاضح في الطريق العام.
ونهض عن جلسته وهو يتابع :
- ده انا خرجت عن شكلي وهيئتي وتصرفاتي وطباعي وطلبت منك الجواز في الشارع قدام الناس.
ثم لكزها بشئ من العنف وهو يستكمل :
- صحيح إنك معندكيش إحساس، هي دي الرومانسية اللي قرفاني بيها!.
فـ ردّت إليه الضربة أثنين بقوتها الخائرة :
- بس متضربش!.
جذب طرف منامتها لتقترب خطوة، وحذرها إنذاك :
- بس ياماما صوتك ميعلاش، روحي إلبسي حاجه عشان نازلين.
خلصت نفسها من يده وهي ترفض ذلك بشدة :
- مش هاجي معاك في حته، هي إيه.. سايبة!! تعالي هنا آجي روحي هناك أروح!!
فـ ابتسم بتحدٍ وهو يسألها بمرونة لا تعتاد عليها من شخص مثله :
- إنتي شايفة كده ياحببتي؟.
لم تتخلى عن إصرارها، بل تضاعف وهي تجيب بثباتٍ لم يهتز :
- أكـيد.
****************************************
تطلع إليها وهي تتناول الإفطار معه أمام المسبح كما رغبت، أو الأحرى إنها كانت تدّعي إنها تأكل. ترك السكين جانبًا، وامتدت يده حتى أصبحت على كفها، وخرج صوته الرزين الهادئ وهو يسألها :
- مالك يا نغم؟.
كأنها أتت للتو من طريق بعيد، سافرت إليه بعقلها المغيب منذ الصباح ، فـ أبعدت أنظارها عنه ونظرت نحو طعامها، وأردفت بنبرة تبيّن فيها الحزن :
- إزاي تبقى مسافر بالليل ومتقوليش غير النهاردة!.
فأجاب بمنطقية شديدة :
- عشان عارف هتعملي إيه لو عرفتي، محبتش أخليهم يومين عِند ونكد.. أنا ما صدقت عرفت أجيبك هنا بالليل، وكمان كنت مستني أستلم البيت الجديد عشان أسيبلك مفتاحه قبل ما أمشي.

~دُمية مطرزة بالحُب~Where stories live. Discover now