الفصل الثامن والثلاثين

15.2K 935 74
                                    

°°~دُمية مُطرزة بالحُب~°°
"الفصل الثامن والثلاثين"

سار في هذا الظلام بسيارتهِ تُنير له الأضاءة الأمامية إضاءة خافتة تكفي لأن يرى أمامه فقط.
قرر فجأة يزور قبر والديهِ، أشتاق لهم وكأنه لا يجد الأمان سوى بين أولئك الموتى الذي لا يؤذوك أبدًا.
بالرغم من مشاعره العدوانية التي ارتضت بعد ما حدث لـ "معتصم" ، إلا أن نطقة بيضاء بداخله عاتبتهُ لفعل ذلك مع شخص كان يراه يومًا أخيه.. رغم كل ما بدر من "معتصم"، مازال يعاتب نفسه لقسوتهِ تلك.. قد يكون هذا سبب لجوئه لـ مقابر الموتى،كي يبوح بما يعجز عن البوح به أمام الأحياء.
وصل "يزيد" لمقدمة شارع المدافن، فـ لمح سيارة تصطف أمام مدفن آل "حماد الجبالي".. دقق بصره وهو يضاعف إضاءة السيارة ليتأكد إنها سيارة "يونس"، وقد أتى هو الآخر ليفضي عما بداخله.
كان "يونس" يهتم بالزرع المحاوط للقبر حينما أتى شقيقه من خلفه و :
- إحنا الأتنين فينا شئ لله

التفت "يونس" معتدلًا وهو يبتسم له و :
- تصدق بالله، أنا قلبي كان حاسس إنك جاي

فـ وضع "يزيد" كفهِ على كتف "يونس" وأردف بنبرة تميل للعاطفية :
- أنت أكتر حد بيحس بيا، مش بيقولوا التؤام بيحسوا ببعض

ثم اجتذبه ليعانقهُ عناقًا طويلًا أحس فيه "يونس" بـ اضطراب ضربات قلبه.. فـ ضمهُ قليلًا لصدره وسأل إينذاك :
- أنت كويس يايزيد؟
- كويس

ثم ابتعد كي لا يلفت إنتباه شقيقهِ أكثر ووقف أمام القبر مباشرة رافعًا كفيه أمام وجهه يقرأ سورة الفاتحة..
بينما بقيت عيون "يونس" المرتابة عليه يتفحصهُ جيدًا وداخلهُ شكوك عدة بشأن حالة "يزيد.
مسح "يزيد" على وجهه ثم نظر لشقيقهِ وحاول أن يشتت انتباهه قليلًا كي لا يعلق عقله به :
- هتتجوز ملك أمتى؟

شده "يونس" وجحظت عيناه حينما باغته سؤال أخيه فجأة و :
- إيه اللي بتقوله ده؟؟ مين قالك كده؟؟

ثم نفخ بضيق واستطرد متسائلًا :
- عمي صح؟

فـ ضحك" يزيد" و :
- أكيد هو

فـ خرج "يونس" كي لا يتحدث هكذا بداخل المدافن واتبعه "يزيد" وهو يسأله :
- ملك عرفت الحوار ده؟
- أكيد لأ

ثم التفت لشقيقه يحذره :
- وإياك تجيب سيرة بالموضوع قدامها

فـ  تلوت شفتي "يزيد" متهكمًا و :
- شايفنا علاقتنا جامدة أوي يعني عشان تحذرني تحذير زي ده!

وتنغض جبينه وقد تذمر أمر "نغم" :
- صحيح إيه اللي هببته ده!! بتعين صحبتها تحت التدريب وتحطها فوق راسي من غير حتى ما تستشرني!

مط "يونس" شفتيه غير مكترثًا و :
- أهم حاجه إن البنت تشوف شغلها صح أي حاجه تاني مش مهمة، وبعدين ماانت نقلتها البوفية الصبح وأنا عملت نفسي أطرش ومسمعتش

ارتفع حاجبي "يزيد" مذهولًا وظنّ إنها وشت به :
- هي جت اشتكت لك؟
- تـؤ، ظلمتها حرام عليك، أنا بعرف كل حاجه بطريقتي

~دُمية مطرزة بالحُب~Dove le storie prendono vita. Scoprilo ora