الفصل التاسع والأربعين "الجزء الثاني"

16.4K 931 31
                                    

°°~دُمية مُطرزة بالحُب~°°      —الجُـزء الثـانـي—
"الفصل التاسع والأربعين"

"ما دُمت تجلد ذاتك، تأكد أن قلبك ما زال حيًّا."
_________________________________________
لا يُصدق "يونس" إنه يراه في تلك الحالة المريبة من الهدوء المُرعب والذي يختفي من خلفهِ وجه يعلمه جيدًا.. لم يُصدر "يزيد" آهه واحدة، لم يبكي، لم ينعِها ويرثيها بندمٍ كما تصور، لم يصرخ ويهدم المحيط من حوله كي يُنفث عن حرائق صدرهِ.. وهذا هو الأخطر في الأمر.
يومان وهو على تلك الحالة، حتى إنه خرج من المشفى وما زال بنفس الوضعية.. اصطحبهُ "يونس" بنفسهِ إلى منزله كما أصر "يزيد"، حاول اختلاق أي حديث معه كي يتركه وهو مطمئن على حالتهِ.. ولكنه كان شبه غائب عن الإدراك حتى الآن، كأنه لم يصدق بعد كارثة موتها.
صفّ "يونس" السيارة أمام البناية الراقية والتفت بجلستهِ إليه.. دقق بـ أنظارهِ في تعابير وجه شقيقهِ المُبهمة والمتجهمة، ثم سأل بصوتٍ رخو :
- تعالى معايا ونقعد مع بعض أحسن، مش قادر اسيبك لوحدك

لم يعقب "يزيد" على اقتراحه، بل فتح الباب وبدأ يترجل من سيارة شقيقهِ، فـ أوفض "يونس" كي يلحق به قبيل أن يتحرك نحو المدخل، أوقفه ونظر بداخل عينيهِ مباشرة وهو يقول :
- يزيد أنت بتقلقني أكتر

فـ أردف "يزيد" بنبرة متأثرة حزينة :
- عمي أدفنّ وانا مش موجود ومأخدتش عزاه يايونس، ورغدة فضلت في المشرحة ٤ أيام قبل ما تدفن وبرضو مكنتش موجود

فـ حاول "يونس" أن يُهوّن عليهِ قليلًا :
- مكنش ينفع تأجيل الدفن أكتر من كده لرغدة، حتى عمي عجلت بأجراءات الدفن عشان ملك مكنتش هتتحمل الصبر

أجفل "يزيد" عيناه التي لمعت بها لمعة حزينة، وتجاوز شقيقهِ سيرًا للداخل وكأنه بلا روح.. مجرد جسد عابر مرّ بدون أن يترك أثر.. صعد "يونس" من خلفهِ حتى دخل "يزيد" لـ شُقتهِ، أخرج "يونس" هاتفهِ ليجد مكالمة هاتفية واردة من "نغم".. فـ ذمّ شفتيهِ متضايقًا من نسيانهِ إياها وعلى الفور أبلغ شقيقهِ :
- على فكرة نغم مبطلتش سؤال عنك، كانت عايزة تيجي لكن انا فضلت إنك متشوفش حد اليومين دول

فـ قال "يزيد" ردًا عليه :
- خير ما عملت

ثم ارتمى على الأريكة و :
- روح انت يايونس، أنا خلاص هفضل هنا.. متحاولش تتصل بيا عشان التليفون مقفول ومش ناوي افتحه دلوقتي

فسأله "يونس" متشككًا :
- مش عايز تزور عمي الله يرحمه؟؟ أنا تخيلت إنك هتروح على هناك بمجرد ما تخرج!

فـ أومأ "يزيد" برأسه :
- أكيد، بس مش دلوقتي

فرّت دمعة من طرفهِ لم يتمكن إطلاقًا جمحها كما اعتاد الأيام الماضية وبزغ ضعفهِ الشديد :
- سيبني شوية يايونس، أديني وقتي

فـ دنى منه "يونس" متضايقًا لما أصابه، مسح على ظهرهِ بـ عاطفة أخوية ليسانده قائلًا :
- حقك عليا مقصدتش أضغط عليك

~دُمية مطرزة بالحُب~Where stories live. Discover now