الفصل الحادي والخمسون - الجزء الثاني -

16.8K 926 24
                                    

°°~دُمية مُطرزة بالحُب~°°     —الجُـزء الثـانـي—
"الفـصل الحادي والخمسون"

"ثم إنكَ تتسلل إلى قلبي بدون أن تخطو."
__________________________________________
أغلق "يونس" جميع منافذ الضوء كي تكون الغرفة مُعتمة ولم يرتاح إلا بعدما نامت وغرقت بـ عمق شديد، حتى إنه جلس في الشرفة وأغلق على نفسهِ كي يحافظ على نفس الهدوء من أجلها.
رنّ هاتفه المسنود على الطاولة، فـ أنزل ساقيهِ عن المقعد المقابل له.. نظر في شاشة الهاتف قبيل أن يجيب على الفور و :
- ألو، أزيك يانينة.. وانتي وحشاني جدًا طمنيني عنك

استمع إليها قبل أن يتنهد قائلًا :
- عارف، عارف إنك مفقتداها ووحشتك.. بس انتي أكيد عارفه انا مقدرش أرجعها غير لو هي عايزة

قذف بـ عُقب سيجارتهِ لتسقط بالأسفل جوار الكثير من الأعقاب التي ألقاها بنفس الطريقة.. ثم نهض عن جلستهُ وهو يقول :
- اللي تشوفيه، أنا حاسس إن ده هينفعها فعلًا

التفتت رأسهِ كأنه ينظر إليها، وزفر من الأعماق مختنقًا اختناق شديد لما يصيبهم بـ استمرار وبدون توقف أو حتى هدنة.. ثم عاد ينظر أمامه وهو يقف عن جلستهِ :
- اتفقنا، ماشي يانينة.. سلام

أغلق الهاتف وتركهُ، دخل وأغلق الشرفة من جديد محافظًا على نفس جودة الإضاءة القاتمة، وبحرص شديد كان يقترب منها.. انحنى قليلًا ومسح على شعرها برفق بالغ لم تشعر هي به، ثم رفع يده عنها واستقام في وقفتهِ وقد حضر "يزيد" على باله الآن.. انشغل به أكثر منذ أن تركه بالأمس لم يتصل به أو يطمئن على حاله، وفي نفس التوقيت لن يستطيع مغادرة المزرعة وهي في حالتها تلك التي لم تبارحها.. فـ عاد للشرفة من جديد كي يجلب هاتفهِ ويحاول الإتصال به على الأقل.

—على جانب آخر—
كانت "نغم" تقف خارج المقبرة بعدما أصرت إصرارًا شديدًا ألا تتركهُ يذهب وحده، تراه في حالة مزرية عاجزة عن التدخل أو أن تحول بينه وبين تأنيب الضمير الذي يعذبهُ عذابًا موجعًا.. كانت تسمع حديثهِ المتألم الذي رافقه صوت أنين ضعيف متألم وقلبها ينفطر من فرط القهر على حاله ذلك.. ولكن ليس بيدها حيلة.
حتى إنها تقبّلت أن تأتي إلى هنا، إلى قبر زوجتهِ السابقة.. كي لا تتركه بمفرده يعاني ويلات عذاب هذه المواجهه.
أحست "نغم" بـ اهتزاز هاتفها.. فـ ابتعدت على الفور وهي تنظر لشاشة الهاتف ثم أجابت :
- أيوة يامستر يونس

فسألها "يونس" بـ قلقٍ غالب صوتهِ :
- يزيد بيعمل إيه يانغم؟؟ أنا عارف إنك معاه

فـ ذمّت شفتيها شاعرة بالحرج منه وهي تجيب :
- إحنا في المقابر

فـ تنهد "يونس" متضايقًا من وضعه و :
- لو عرفتي تضغطي عليه عشان يمشي أعملي كده.. طول ما هو عندك مش هيتحسن أبدًا

فـ هزت رأسها عدة مرات وهي تنظر نحو بوابة المقبرة وقالت :
- حاضر، بس عرفت منين إني معاه؟؟
- الأمن شافك وانتي بتركبي معاه العربية وبلغني لما سألته

~دُمية مطرزة بالحُب~Where stories live. Discover now