"الفصل الثالث"

25.1K 880 73
                                    

°°^^دُمية مُطرزة بالحب^^°°
"الفـصل الـثالـث"

كان الأمر قويًا عليها، وكأن الشيطان يُسلسلها بوساوسهِ الخبيثة كي تترك نفسها خلف رغبة جامحة تحاول التغلب عليها.. عناقهِ.. همسهِ وصوت أنفاسه اللاهثة التي تستمع إليها، لمستهِ الرقيقة لها والتي حبذتها.. ولكنها گالنيران على جسمها.. هي تدري أن عواقب الأمر النفسية عليها ستكون وخيمة، فـ هي مُدربة على جلد الذات وتأنيب نفسها بشكل دائم جعلها لا تقبل بوجود الخطأ في حياتها.
ابتعدت "ملك" عن حصار عناقه المُحبب لها، واعتدلت في جلستها وهي تنظر للساعة :
- أنا اتأخرت النهاردة

شعر بها، وبرفضها لتلك العلاقة التي تطورت عن كونها طبيب ومريضة.. رغم تلميحهِ الصريح لها بإعجابه الشديد، إلا إنها لم ولن تقبل.
تكبد "هادي" العناء وهو يضبط نفسه وإنفعالاته التي انجرفت نحوها ، وطرد زفيرًا مطولًا أتبعه بنهوض عن مجلسه و :
- تحبي أوصلك؟
- لأ

سحبت حقيبتها ونظرت حياله، كان يدنو منها حينها و :
- هتعملي إيه مع جوزك؟

تركت غفوتها الصغيرة الآن وتأففت وهي تردف :
- معرفش، بس أكيد هيكون في حل

تعجبت وتنغض جبينها وهي تسأل :
- هي الممرضة بتاعتك مدخلتش علينا النهاردة گالعادة ليه؟
- أجازة

تناول يدها الصغيرة بين يديه ونظر لها متعمقًا :
- خلي بالك من نفسك ياملك، أنا مش هستحمل أشوفك بالحالة دي كل مرة

أطرقت جفونها بقهر، فتابع هو :
- سيبيه، أخلعيه لو عايزة القانون في صفك.. لكن مينفعش تعيشي معاه كده

أومأت رأسها بـ إيماءه صغيرة مجيبة عليه :
- بحاول أوصل لده، بس دلوقتي لازم امشي

سحبت يدها رغم إنه كان يتمسك بها جيدًا، وقبل أن تتفوه كلمة كان هو يردف :
- لازم تيجي في يوم بدري شوية، أنا ملحقتش أشبع منك

ابتسمت بخجل.. في لحظة نست من تكون وما هو وضعها، فـ سماع كلمات گتلك غير معتادة عليها تؤثر في نفسها أكثر، وتُشعرها كم هي مظلومة بتلك الزيجة!.. وتجعلها تمقت حتى مجرد تواجدها مع إنسان لا يستطيع تقديرها والتعامل معها بوّد ورحمة وتآلف كما حثّ الدين الإسلامي "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ".
وفي اللحظة التي آمنت فيها إنها تكنّ له شيئُا، هي اللحظة التي قررت فيها تطليق زوجها ومهاجرة تلك العيشة التي أُجبرت عليها.. لم تتحمل كونها آثمة، يأتي الليل ومعه تأنيب الضمير الذي يعذبها تعذيبًا لا نهاية له.. ومع كل مرة تراه مجددًا يتلاشى هذا الشعور ليكون محله الشوق والحنين اللذان لا ينتهيان.. متى ينتهي عذابها المزدوج؟؟ من ناحية زوج لا ترغبه، وأخرى حبيب ترفضه تعاليم الدين والمجتمع، حقًا أصبحت بين المطرقة والسِندان، وبقى القرار لها في النهاية.
...........................................................................
ركضت "رغدة" من أمامه بعدما وصل لذروة اهتياجه وعنفه وعصبيته.. منذ أن علم "معتصم" بتفاصيل تلك الحادثة بعد مرور أسبوع عليها، اهتاج أكثر كونها جعلت الأمر سرًا.. والأسوأ هو مفاجئته بالخبر من مصدر خارجي أبلغه بخروج ماكينات تخص "يزيد" من أيدي الجمارك بسهولة ويسر بعد أن عثّر "معتصم" ذلك.
أوصدت "رغدة" الباب عليها ومازال صوت التكسير والتهشيم بالخارج مع صراخه وصياحه.. تنفست الصعداء وهي عاجزة عن التفكير في حل يُهدئه ويرضيه، حتى كلمات المواساة لن تفلح معه الآن.. التزمت الصمت بعدما بدأ السكون يعمّ ولم تعد تسمع له صوتًا، فـ فتحت الباب بهدوء وراحت تختلس النظر إلى موقعه.. كان قد جلس على الأريكة ونصف جسده ممتد للأمام يستند بذراعيه على ركبتيه، كأنه كان يعارك أحدهم توًا.. انفرط عرقهِ وبرزت عروق جبهته وعنقه بوضوح، اضطربت "رغدة" أكثر وتركت زفيرًا مرتاعًا يخرج من بين ضلوعها، ثم راحت تدنو رويدًا رويدًا وختختت قائلة بتردد :
- اللي بتعمله مش هيغير حاجه من اللي حصلت يامعتصم

~دُمية مطرزة بالحُب~Where stories live. Discover now