الخامس والعشرون

10.4K 521 31
                                    

( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )
ضمت غرام كتفيها الي جسدها الذي ارتجف قليلا بفعل نسمات الهواء البارده التي تهب حولها بينما اتخذت من تلك الشجره الكبيرة ملجأ لها تختفي خلفه وتطمئن نفسها انها بأمان حتي وان كان امانها مجرد النظر إلي مبني منزلهم المتهالك الذي وقفت علي بعد بضعه امتار منه تتطلع إليه بحسره لم تفارقها طوال تلك الليله التي قضتها في الشارع.... صعبت عليها نفسها وهي بتلك الحاله ولكنها طبطبت علي نفسها تخبرها أنها تدفع ثمن خطيئتها وعليها أن تتحمل ....هي من لم ترتضي بحياتها التي عرفت قيمتها بعد فوات الاوان ....ازدادت لسعه الصقيع مع بزوغ الفجر والطل يلقي ببرودته فوقها لتضم كتفها إليها أكثر وتغمض عيناها تحلم بدفء فراشها البسيط ...!
بدأت انوار الصباح تعم حولها لتعتدل واقفه من علي الأرض وتتلفت حولها وقد بدأ بعض الناس القليله يتحركون في الشارع استجابه لصلاه الفجر لتقع عيناها علي تلك التي نزلت بهذا الوقت كعادتها متجهه الي عملها وبيدها تمسك إخوتها .... لتندفع الدموع بلا اراده منها الي عيونها وهي تري والدتها وربما لاول مره تراها عن قرب ...ليس قرب ملامحها ولكن قرب حالتها بينما ترتدي معطف بالي فوق ملابسها التي لا تدرك متي رأتها ترتدي شيء سواها بالرغم من أنها طالما حاولت إرضاء أطفالها وإدخال البهجة اليهم بشراء ملابس جديده كلما استطاعت ....لتري امراه مسكينه تجري خلف قوت اولادها ....رمشت باهدابها تحاول ايقاف نزيف دموعها الحاره بينما لسانها ينطق بأسم والدتها : ماما ...سامحيني
الآلاف الاعتذارات لا تمسح ولو لحظه من القهر الذي عاشته والدتها علي يدها لتظل عيون غرام تتابع والدتها حتي وصلت إلي نهايه الشارع لتقف تستند الي أحد الاعمده حتي وصلت الحافله التي أمسكت زينب بحافتها بصعوبه وهي تجذب جسدها الهزيل لتستطيع أن تصعد إليها بعد أن ساعدت أطفالها ليصعدون امامها وتنطلق بهم ....مسحت غرام  دموعها بظهر يدها وهي تقول بصوت مختنق بالبكاء : حقك عليا يا امي ....سامحيني
........
..

بجبين مقطب حرك عمر اهدابه قليلا قبل أن يفتح عيناه علي اشعه الشمس التي اخترقت زجاج الغرفه ....تمطأ بكسل وهو يحرك جسده يمينا ويسارا يعتدل من نومته الغير مريحه فوق الاريكه التي بقي بها طوال الليل في غرفه أبيه بالمشفي ...قام وهو يتثاءب ليضع قدمه في حذاءه ويتجه الي فراش عاصم قائلا بصوته الممتزج بتثاءبه : سيوفي ....اصحي ياسيوفي
اتجه إلي فراش أبيه الذي استندت رأسه الي الوساده الموضوعه خلف ظهره ومالت الي اليمين قليلا ليناديه عمر مجددا حينما لم يستجيب لنداءه الاول : سيوفي ...يلا قوم ..!
عقد حاجبيه ونظر الي أبيه الذي مازال مغمض عيناه دون استجابه لصوته ليشعر بدقات قلبه تبدأ بالتسارع ليتحشرج صوته قليلا وهو يكرر نداءه ولكن تلك المره تباطأت خطواته وهو يهتف بتوتر  : بابا ....بابا
خانته ساقه ورفضت التحرك خطوه أخري بينما اختنق صوته بداخل حنجرته وتركزت عيناه علي عيون أبيه المغلقه لتتكالب دقات قلبه بقوة داخل صدره حتي كادت ضلوعه تتحطم من فرط الخوف الذي انتابه للحظه خشي أن يفكر حتي بهذا الاحتمال ...!
تحرك صدره هبوطا وصعودا بقوة وهو يسحب خطواته  ويقفز بخطوتين تجاه فراش أبيه وبقوة يمسك بكتفه يهزه وهو يناديه بصوت ملتاع : بابااااا ...!
تجمدت عيناه علي ملامح أبيه التي انزعجت للحظه قبل أن يفتح عاصم عيناه بثقل ناظرا الي عمر وهو يقول بصوت رخيم : في ايه ياعمر ؟!
تنفس عمر بصعوبه ولم يستطيع اخفاء تلك اللمعه التي ظهرت بعيناه ليتفاجيء عاصم به ينقض عليه دون مقدمات يرتمي بحضنه وهو ينطق
بصوت متحشرج : بابا
لاحت ابتسامه علي شفاه عاصم الذي فهم خوف ابنه للحظه عليه ليتركه لحظات بحضنه قبل أن يغلف صوته بالمرح وهو يربت علي كتفه : في ايه يا جحش ...حد يصحي أبوه كده ؟!
ملئت الابتسامه وجه عمر الذي رفع جسده من فوق جسد أبيه ونظر له بمرح مماثل وهو يمسح وجهه سريعا : حقك عليا يا سيوفي
وكزه عاصم بكتفه : قول بابا يالا
اوما عمر قائلا وهو يمليء عيناه من النظر إلي وجه أبيه
: حاضر يا بابا
ابتسم عاصم وقال له بمكر : مالك ؟!
هز عمر كتفه وهو يمسح علي وجهه يخفي ملامح الخوف والهلع التي كانت ماتزال مرتسمه عليه: ابدا
نظر له عاصم لحظه يمليء عيناه هو الآخر من رؤيه هذا الخوف من فقدانه بعيون ابنه قبل أن تخرج نبرته حنونه وهو يسأله :   خوفت اكون موتت يا عمر
قال عمر سريعا وهو يمسك كتف أبيه: بعد الشر عليك
ابتسم عاصم له بحنان وربت علي كتفه قائلا : متخافش
نظر إليه وتابع بمرح وهو يرفع حاجبه : مش هموت أن شاء الله الا لما اربيك
افلتت ضحكه عمر ليميل علي حضن ابيه ويضع رأسه فوق صدره يسمع دقاته كطفل صغير : يبقي مش هتربي عشان تفضل عايش
ضحك عاصم وربت علي ظهر ابنه بحنان وهو يرفع وجهه إليه لينظر الي عيناه التي طالما جمعت شقاوة وحنان وجنون محبب ما أن يكون هاديء هكذا
ليقول له بنبره هادئه : هتعقل امتي ياعمر ....تنهد وهو يتابع بعتاب لطيف : تعبتني معاك
ابتسم عمر له وقال بمشاكسه يغالب إحساسه المضني بالذنب لانه من اوصل أبيه لتلك الحاله : تعبتك ايه يا سيوفي ...ماشاء الله عليك زي الأسد قدامي اهو
نظر له عاصم بعتاب علي عدم اخده حديثه بجديه  : عمر انا بتكلم جد
اوما عمر قائلا : وانا بتكلم جد يا سيوفي ...انت هتبقي زي الفل وترجع احسن من الاول ....نظر إلي أبيه بفخر دوما ما يشعره بداخله ويستمد منه قوته التي يريها للجميع لمجرد أنه ابن هذا الرجل الذي لاينافسه أحد في كونه مثله الاعلي : عاصم السيوفي اقوي راجل شوفته
ابتسم عاصم الي ابنه وداعب وجنته بيده وهو ينظر إلي وجهه قائلا بحنان
: وانا عاوز ابني احسن راجل في الدنيا
اوما عمر قائلا : من النهارده هتشوف عمر تاني
ضحك عاصم وهز رأسه بينما بالرغم من كلماته المرحه إلا أنها حملت جديه وهو يقول بعتاب : كل مره تقول كده
هز عمر رأسه بتأكيد : المره دي غير كل مره .....وهتشوف !
نظر الي أبيه وتابع بمشاكسه : انا مقدرش علي زعلك ياسيوفي ....وطالما انا السبب في اللي حصل يبقي انا هصلحه
هز عاصم رأسه وقال بحنان : متلومش نفسك انت مش سبب تعبي ولا حاجه ........انا كل اللي يهمني انت وبعد كلامك ده بقيت كويس
ابتسم عمر له ليربت عاصم علي كتفه بتشجيع ويتابع : انا عاوزك احسن واحد في الدنيا عشان نفسك مش عشان اي حاجه تانيه
اوما عمر له ليري صفاء نظرات أبيه له والتي عكست طبيعه مشاعره تجاهه ....طفل مشاكس ولكن أبيه يحبه كثيرا ...!
لم يكن يجهل حقيقه حب أبيه له ولكنه كان يري دوما انه عبء عليه والان يري حب من أبيه لهذا العبء لتداعب عقله بجديه تلك الصورة التي أصبح يريد أن يراه الجميع عليها وليس وسيله فقط ....!
تغيرت ملامح وجهه قليلا ما أن أخذه عقله لتذكرها لتتقابل عيناه بملامح أبيه ويسأل نفسه هل يخبره ...؟!
ظل سؤاله وتردده متلازمين لوقت طويل
ولكن بعد تلك النظره وتلك السعاده بعيون أبيه وهو يتناول الإفطار برفقته اقصت اي تفكير له بنطق شيء عن فعلته ليهز رأسه برفض أن يكون مجددا ومجددا ومجددا السبب في تعكير سعادته أو سبب شقاءه لذا تراجع لاول مره متهربا من الوقوف خلف أفعاله كما اعتاد .
............
....
همست زينه تجيب علي مراد بخفوت  بعد أن أجابت قبل قليل علي هاتف جوري حينما رأته يتصل أكثر من مره وهي لم تستيقظ : صباح الخير يا مراد
قال مراد بتهذيب : صباح النور ياطنط ....انا صحيت حضرتك
هزت راسها قائله : لا انا كنت صاحيه بس جوري لسه نايمه
اوما مراد قائلا : انا اتصلت بيها عشان قولت اعدي اخدها نفطر سوا
قالت زينه بترحيب: ماشي يا حبيبي ...احنا في الاوتيل تعالي خدها
بالفعل بعد وقت قليل كانت زينه تفتح له باب الغرفه
ابتسم مراد لها قائلا : عامله ايه يا طنط
ربتت علي كتفه وهي تميل لتضع هاتفها في حقيبتها التي علقتها فوق كتفها : الحمد لله يا حبيبي
أشارت له : ادخل جوري لسه نايمه وانا مرضتش اصحيها وقولت اسيبها ترتاح
اوما لها لتبتسم له بصفاء وتهز راسها: انا هروح لعاصم
هز رأسه لتغادر زينه الغرفه بعد دخول مراد ...
دخل مراد بضع خطوات اتجهت الي فراشها حيث نامت بعمق ...جلس بجوارها علي طرف الفراش وعيناه تتطلع إليها وقد افترشت خصلات شعرها العسليه الوساده حولها مد يداه برقه يمررها فوق خصلات شعرها بينما تحركت كل مشاعره بالاشتياق لها وهو يتأمل ملامحها المحفورة بداخل قلبه .....منذ أن وقعت عيناه عليها وهو وقع في غرامها ....أنها صغيرة جميله هادئه مسالمه عهدها هكذا منذ أن رآها ... تابع تمسيد شعرها ثم تحركت أنامله برقه علي جانب وجهها بينما أدرك أنه قد مضي وقت طويل لم يتأملها فيه هكذا ليميل برأسه مقتربا من وجهها ليأخذ وقته وهو يتأمل ملامحها وتلك الابتسامه الهادئه تداعب وجهه بعذوبه ....عقدت جوري حاجبيها وهي تشعر بتلك اللمسات علي وجهها لتمد يدها الي وجهها بحركه تلقائيه تحكه ثم تتقلب الي الجهه الأخري ....ضحك مراد وعادت أنامله مجددا تداعب وجنتيها ولكن تلك المره شعرت جوري بتلك الأنفاس تلامس عنقها وتستمع من خلال نومها الي همس حميمي : حبيبتي ....جوجو اصحي
تخللت رائحه عطره القويه أنفها لتفتح جوري عيناها الناعسه فتواجهه نظرته العاشقه والتي يتطلع لها بها بهيام مر وقت طويل لم تراه بعيناه لتنطق اسمه بصوت متفاجيء وهو تجده بجوارها : مراد
ابتسم لها وهز رأسه هامسا وهو يميل ليقبل طرف شفتيها : صباح الخير
ابتسمت له وهي تسند الي يدها وتعتدل جالسه ليظل مراد يتطلع إليها
: انت جيت امتي ؟!
قال وهو يبتسم لها ويمرر يداه يبعد خصلات شعرها خلف أذنها ليري وجهها أكثر : من شويه ...كلمتك كنتي نايمه
أومات له وتمطأت بكسل : كنت مرهقه اوي
هز رأسه وقال بحنان اندهشت له : معلش يا حبيتي
ابتسمت له ولم تخفي دهشتها وهي تسأله : بجد
نظر لها باستفهام : بجد ايه
هزت كتفها وسألته بتلهف : بجد انت هنا وبتكلمني كده ومهتم
ضحك مراد ورفع حاجبه : للدرجه دي مستغربه
هزت راسها قائله : يعني  ...بقالك كتير
وضع إصبعه علي طرف شفتيها يوقفها عن متابعه الحديث قائلا وهو ينظر إلي عيونها : بقالي كتير مصحتش علي وشك الجميل ده
ابتسمت له وتوردت وجنتها ليمد أطراف أنامله يداعبها برقه وهو يقول بعتاب لطيف : ليه مصالحتنيش زي ما عودتيني
نطق عتابه بلا تفكير بل بصراحه يطالبها بما اعتاد عليه منها لتصمت جوري لحظه تساءل نفسها هي الأخري لماذا لم تفعلها لترفع عيناها إليه قائله : مكنتش عارفه اقولك ايه
ابتسم لها وقال برفق ويداه مازالت تتحرك بين خصلات شعرها وعيناه لا تفارق النظر إلي عيونها : تقوليلي زي كل مره ... متزعلش مني مش هعمل كده تاني
قالت جوري بلا تفكير بنبره هادئه حملت ماتشعر به وتدافع به عن نفسها لاول مره : بس انا معملتش حاجه
نظر مراد إليها مطولا بينما كانت محقه فهي لم تفعل شيء لا تلك المره ولا قبلها ولكنه اعتاد منها اول خطوة
ليبتسم لها ولا يطيل في عتابه بينما يقول : عندك حق ....انتي معملتيش حاجه بس انا غيرت عليكي
توردت وجنتيها أكثر لترتسم ابتسامه حلوة علي شفتيها وهي تستشعر اعترافه بغيرته : بجد يامراد
نظر في عيونها وهو يميل ليضع وجهه أمام وجهها مباشرة : عندك شك اني بحبك وبغير عليكي
أشارت باناملها الصغيرة أمامه بينما تقول بخفه ودلال : شويه صغيرين اد كده
ضحك وضمها إليه يقبل جبينها : لا طبعا بحبك وبموت فيكي وكنت هتجنن من الغيرة
استجابت لذراعيه لتضع راسها فوق صدره وابتسامتها الراضيه لا تفارق وجهها الذي رفعه مراد إليه وسرعان ما مال بشفتيه ليلتقط شفتيها يقبلها بشغف أغمضت جوري عيناها تستقبله بشغف مماثل قبل أن تزداد ضراوة قبلته وتتحرك يداه الي جسدها يعتصره بين جسده لدقائق هدرت بها كل دماءه في جسده ليبعدها قليلا عن حضنه وهو يمد يداه الي ازرار قميصه يفكها بسرعه وتلهف ويخلعه عن جسده ثم يعود ليلتهم شفتيها بين شفتيه وياخذها في نوبه حب عاتيه .
.........

حكايه عمر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن