السابع والعشرون

10.2K 558 27
                                    

( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )
كعادتها استيقظت جوري باكرا وهذا الصباح ابكر كثيرا مما اعتادت فبالكاد كانت الشمس قد بدأت تشرق حينما فتحت عيونها بعد نوم عميق لا تعرف كيف غرقت به لتدير راسها الي جوارها تتطلع تجاه الساعه الرقميه الموضوعه علي جانب الكمود لتراها الخامسه ....مالت برأسها للجانب الآخر حيث استغرق مراد بالنوم واضعا يداه حول خصرها لترفعها برفق وتقوم من جواره ....دارت بعيناها في ارجاء الغرفه قليلا تعد المهام التي عليها فعلها وقد استبعدت تماما ذهابها للعمل فهي لا تشعر برغبة في ذلك اليوم بالرغم من أنها في العاده تفتقد عملها أن ابتعدت عنه أكثر من يوم ...لم تستغرب بل استجابت لرغبتها في فعل كل ما تشعر به .... اخذت حمام دافيء طويل ثم خرجت لتقف أمام المراه وبهدوء تسحب ملابسها ترتديها ثم تقف لتجدل شعرها بجديلتين لاتعرف ايضا لماذا أحبت تغير كل ما اعتادت عليه حتي بتسريحه شعرها لتلقي بنظره بابتسامه هادئه تجاه مراد الذي تعرف أنه يحب شعرها المموج بانسيابية دون أي ربطه ولكنها اليوم ستفعل ما تريد ....!
بعد بضع ساعات تقلب مراد بكسل للجانب الآخر ثم عاد مجددا ليتقلب بعد لحظات وذراعه تزحف تجاهها يتلمس دفء جسدها ولكنه وجد مكانها فارغ ليفتح عيناه بثقل ويدير راسه بكسل في ارجاء الغرفه ثم ينظر إلي الساعه قبل أن يعتدل جالسا ويضع قدمه في خفه المنزلي ويغادر الفراش .....نظر في المطبخ فلم يجدها ولكنه وجد لمستها التي اعتادها بارجاء المنزل ليبتسم من تذمره الدائم من نظامها وبنفس الوقت افتقاده لهذا النظام وترحيبه بعوده كل شيء الي نظامه بينهما ....اتجه الي الشرفه ليلمح طيفها بالخارج ...كانت واقفه منحنيه تسقي الزهور وتتأمل أحدي الزهور بابتسامه وهي تتلمس أوراقها الرقيقه ....
تجاهل ما حدث بالأمس وهو يتجه إليها يخبر نفسه أنه لم يحدث شيء ليتحدث به بالرغم من أن عقله لم يقتنع ولكن ابتسامتها التي داعبت قلبه اعزت عليه تعكير صفوها ليقول بود : صباح الورد
ادارت راسها ورفعت عيناها اليه بابتسامه مشرقه تمام كما حال وجهها وهي تقول : صباح الفل ياحبيبي
أشارت له الي الزهرة قائله : بص الورده كبرت وبقت حلوة ازاي
اتجه ليقف امامها ولكن جمال الزهرة لم تجتذب عيناه كما فعل جمالها الذي مازال يأسره ليهز رأسه بموافقه ولكنه كان يتحدث عنها : حلوة بس انتي احلي بكتير
ابتسمت له وسرعان ما تقربت منه لتضع راسها علي صدره وتحيط خصره بذراعيها بابتسامه واسعه
مد يداه ليداعب شعرها فقطب جبينه حينما وصلت يداه الي تلك الجديله ليرفع راسها إليه ينظر إليها بتساؤل : ليه عامله شعرك كده ؟
نظرت له باستفهام : وحش
هز رأسه قائلا وهو يمرر يداه فوق شعرها : لا بسأل
هزت كتفها وهي تجلس الي أحد المقاعد وتمسك بكوب قهوتها الموضوع علي الطاوله  : عادي تغيير
استنكر ردها كما بدأ عقله يعود الي استنكاره لهذا التغيير الذي بالرغم من أنه شيء لا يذكر ولكنه لم يعتاده من شخصيتها النمطيه ....!
جلس امامها يتطلع لها بصمت مصحوب بتساءله ماذا تغير ؟!
لم يكن شيء فعليا متغير إلا أنها أحبت فعل ما تريده وعدم التقيد بأي نمط اعتادته .
.....
........
استغربت حلا لتردد باستفهام وهي تنظر لغرام :
الشغاله ؟!
أومات غرام وهي تبث كل خوفها بيدها التي تفركها بتوتر حرصت ألا تراه الفتاه وهي تجيب عليها بثبات ظاهري : ايهم بيه بعتني
هدرت دقات قلب غرام بخوف حينما لاحت الدهشه علي ملامح الفتاه ولكنها هدأت تدريجيا حينما بدأت ابتسامه هادئه تتهادي الي وجه حلا بينما تقول بتهذيب وهي تشير لها : اتفضلي
نظرت غرام حيث خرجت فتاه اخري كانت ترفع كلتا يداها تجمع شعرها اعلي راسها بربطه في معصمها لتسأل اختها بفضول بعيناها عمن تكون تلك الفتاه
قالت حلا بحماس : بابي بعت شغاله
قفزت السعاده من عيون الفتاه الأخري لتستغرب غرام حماسها ولكنها بكل الأحوال صمتت واكتفت بهز راسها بايماءه بسيطه
أشارت لها حلا لتجلس بتهذيب :  اتفضلي اقعدي
جلست غرام في أول مقعد قابلها وبقيت صامته بينما تنقل عيناها بين الفتاتان وهي مجددا لم تتخيل أنه لديه بنات بهذا العمر لتزداد الغصه بحلقها بينما أدركت كم كانت سطحيه تافهه لاتعرف شيء عن رجل تزوجته .....لتخفض راسها بخزي وتوقف نفسها عن ذكر تلك الكلمه فما حدث ليس بزواج ...!
انتبهت غرام الي الفتاه التي قالت :  انا هنا ودي حلا
تعلثمت غرام وهي تستقبل حسن استقبال الفتيات لها بينما تقول بتعلثم ومازالت عيناها تتطلع اليهم بحسره بينما عجزت أن تكون مثلهم وأصبحت فتاه سيئه في عيون هذا الرجل  : انا غرام
لامت نفسها انها تخدعهم ولكنها مضطره فليس امامها طريق آخر تسير به ...لن تبقي في الشارع ولن تتنازل عن حقها فهو مخطيء قدرها وعليه أن يتحمل نتيجه خطاه معها وستظل هي من دفعت الثمن القاسي بينما كل ما طلبته منه هو زواج دون أي قيد ....
مجرد عقد من أجل والدتها وهو استكثره عليها لذا لن تتراجع بينما ورثه زواجها أصبحت كل أمل لها في الحياه التي لاتعرف كيف ستمضي بها بعد ما حدث ولكن فلتريح والدتها اولا ثم تحاسب علي خطيئتها لاحقا
قالت حلا وهي تاخذ غرام في جوله بارجاء المنزل
لتشير قائله : ده المطبخ ودي اوضتي... اوضه هنا
اخر غرفه في الرواق أشارت إلي بابها وتابعت بجديه : دي اوضه بابي ممنوع تدخليها الا لما يطلب منك تنضفيها
أشارت إلي غرفه أخري وتابعت : مكتبه كمان نفس الكلام
ضحكت الفتاتان وهم يكشرون بملامحهم : انتي مش حمل زعل ايهم باشا ابدا
أومات غرام تخفي خوفها وارتجافتها من مجرد ذكر اسمه لتتابع التحرك مع حلا التي تابعت  : دي اوضه ام حسن  الشغاله القديمه مش عارفه بابي اتفق معاكي تروحي ولا تفضلي فطبعا لما يرجع شوفي معاه
أومات غرام لتقول للفتاتان بعد أن انتهت من الجوله في المنزل : اعمل ايه
هزت حلا كتفها قائله : اللي يعجبك
قالت هنا سريعا : ممكن تعملي ليا نسكافيه
أومات غرام لتوكزها حلا هاتفه من بين أسنانها : ايه الغلاسه دي قومي اعملي لنفسه
قالت غرام بسماحه : مفيش مشكله هعمله بعدين انضف البيت وأجهز الغدا
نظرت إلي الفتاتان وسألتهم : تحبوا اكل ايه
قالت هنا دون تفكير : هسأل بابي
ارتجف قلب غرام وانكمش بصدرها بينما رفعت هنا هاتفها وبدأت تتصل بابيها
كادت تفقد وعيها وهي تتابع حديث الفتاه
التي قالت بمرح : صباح الفل يابابي ....شكرا علي المفاجاه
عقد ايهم حاجبيه باستفهام عن مقصد ابنته :  مفاجاه ايه؟! 
قالت الفتاه بمشاكسه :  ايه يا ايهوم هتعمل نفسك مش عارف
هتف ايهم بجديه : هناااا ....في ايه ؟!
تغيرت ملامح الفتاه من جديه حديث والدها لتقول بتفسير :  الشغاله يابابي
اتسعت عيون ايهم وبدأت دقات قلبه تتعالي تدريجيا بينما يسأل ابنته : اي شغاله ؟!
قالت الفتاه بعفويه : اللي حضرتك بعتتها
سأل نفسه للحظه هل سعيد ارسل المراه وكان هذا اول تفسير منطقي بدر لذهنه ليسالها بحذر : سعيد معاها ؟!
هزت الفتاه راسها وبدأت ملامحها تعكس الخوف من ابيها : لا لوحدها
اهتزت نظراته وسرعان ما كان يقوم من خلف مكتبه وهو يسألها : ازاي تفتحي الباب لحد متعرفهوش ...
قالت الفتاه بتبرير : ماهي قالت لحلا أن حضرتك بعتتها ...؟!
زمجر ايهم بحنق بينما تصاعد القلق بداخله علي ابنتاه وهو يسحب مفاتيح سيارته ويتجه مسرعا للخارج هاتفا بها : اختك فين ؟!
قالت هنا بخوف : اهي جنبي
: طيب اديهالي
أشارت هنا بتوتر الي اختها وهي تعطيها الهاتف : بابي عاوز يكلمك
قال ايهم بقلب لهيف وهو ينطلق بسيارته : حلا .... شكلها ايه الشغاله
هزت الفتاه كتفها ولم تعرف كيف تصفها حتي لا تحرجها لتقول :  شكلها عادي ..
هز رأسه فمستحيل أن تكون نفس الفتاه لتصدمه ابنته التي تابعت : اسمها غرام ..!
كور ايهم قبضته علي المقود وسرعان ما ضغط بقوة علي دواسه الوقود لتساله الفتاه بفضول : في ايه يابابي ؟!
هتف بانفعال : مفيش يا حلا ....متتكلميش معاها في أي حاجه وخلي اختك جنبك وانا جاي
استغربت ولكنها قالت دون جدال : حاضر
أغلقت لتسألها هنا بفضول : هو في ايه ؟!
هزت كتفها : معرفش
توترت كل اعصاب غرام التي هربت من أمام الفتاتان قائله : هروح اعمل النسكافيه
وقفت تستند بيدها الي الطاوله الرخاميه تحاول أن تنفس بينما ضاق صدرها من فرط تسارع دقات قلبها المرتعب ولم تكد تلتقط أنفاسها حتي انتفضت بهلع علي هذا الصوت الجمهوي الذي تلي صوت انغلاق الباب الخارجي للمنزل : حلا ..هنا
أشارت له الفتاتان حيث جلسوا أمام التلفاز يشاهدون أحد الأفلام : نعم يابابي
قال بلهفه فشل في اخفاؤها وهو يركض ناحيه غرفه المعيشه : انتوا كويسين ؟!
أومات الفتاتان لتتطلع عيناه الي ملامحهم لحظه قبل أن يسألهم : هي فين ؟!
أشارت له حلا : في المطبخ بتجهز الغدا
عقدت هنا حاجبيها باستفهام : في ايه يا بابي ...مالها البنت دي
قالت وهو يهز كتفه ليحاول رسم الثبات في موقف لا يحسد عليه : ابدا ...
اشار لهم : خليكي انتي واختك هنا
أومات الفتاتان فبكل الأحوال يشاهدون الفيلم 
....بينما أتجه ايهم كطلقه غاشمه تجاه المطبخ ليصدق حدثه وتتوحش نظراته وهو يلمح وقوفها توليه ظهرها بينما هربت كل شجاعتها لمواجهته
أغمضت عيناها بخوف شديد حينما أطبقت قبضته بعنف شديد علي رسغها ليجذبها إليه مزمجرا من بين أسنانه بفحيح ارعبها : انتي ازاي تتجرأي تتدخلي بيتي ؟!
اهتزاز نظراتها ترجم خوفها ولكنه لم يهتم فهي بجرأه
لا تعرف ثمنها تجاوزت خطوطه الحمراء واقتربت من ابنتاه...!
ليهزها بعنف جعل شهقه عاليه مرتعبه تنفلت من بين شفتيها فكان رد فعله اسرع من تعالي صوت شهقتها وهو يجذبها كالدميه ويدفعها الي الحائط خلفها واضعها يداه فوق شفتيها يكتم شهقتها وانفاسها 
تقابلت عيناه بعيونها لتري بها غضب مخيف زلزل كيانها بينما يزمجر من بين أسنانه : انا حذرتك تظهري قدامي وقولتلك هتندمي وانتي مش بس ظهرتي انتي دخلتي بيتي ..... هتندمي وتكرهي نفسك علي اللحظه دي من الي هعمله فيكي. ...!
انسابت دموع الخوف من عيونها وكأن الخوف بث بها قوة لتجد نفسها تحاول تخليص ذراعها من قبضته وهي تقول : انا فعلا بكره نفسي ومهما يكون الي هتعمله مش هيكون اكتر من اللي حصلي
تلجم مكانه للحظه يراجع جرأتها وتحديها له بعدم خوف بينما هي فعليا في أقصي مراحل خوفها ولكن ليس لديها ما تخسره ....يقتلها ...فاليفعل علي الاقل سترتاح من عذابها
زمجر من بين أسنانه ولكن الكلمات لم تسعفه بينما ظنها ستخاف وتغادر : انتي ...انتي
نظرت له غرام باتهام بينما شارك هو الآخر في ضياعها
: انا ضعت وحياتي اتدمرت بسببك
نظر لها باحتقار مزمجرا : بسببي .....بت انتي اوعي تصدقي انك ضحيه ....انتي واحده. .... قبل أن يتابع كلماته كان صوت ابنته يتهادي دليل علي اقترابها
:  بابي
أسرعت غرام توليهم ظهرها تتظاهر بفعل اي شي بينما بسرعه سيطر ايهم علي ملامحه وهو يجب
: نعم يا هنا
وقفت لدي باب المطبخ قائله : بابي   .ساندي جايه تتغدي معانا عند حضرتك مانع
هز راسه دون تفكير لتبتسم له ابنته :  شكرا يابابي
استدارت ولكنها عادت لتقول :  غرام
بصعوبه ابتلعت غرام والتفتت لها لتلمح هنا الدموع في عيونها ولكنها لم تسأل وفقط قالت بتهذيب :  تحبي انا وحلا نساعدك في حاجه
هزت غرام راسها قائله بصوت متحشرج : شكرا انا هجهز كل حاجه زي ما البيه طلب
احتقن وجه ايهم بالغضب منها تلك الماكره التي تتقن التمثيل ....!
ابتسمت هنا بمداعبه : اه ياغرام نفذي الي قاله ايهم بيه احنا ماصدقنا يرضي عننا ويجيبك
عاوزينك تعمري معانا
ابتسمت بعفويه وهي تتابع : اصلا شكلك حبوبه ولطيفه وهتطولي معانا
علي جمر ملتهب وقف  ايهم بانتظار خروج ابنته التي ما كادت تبتعد حتي عاد لينقض علي ذراعها وبلا مقدمات  كان يقول بنبره أمره بينما ارعبته فكره وجودها مع ابنتيه بنفس المكان : انتي حالا هتطلعي برا ....ومش عاوز اشوف وشك قدامي ....نظر لها وتابع بوعيد غليظ : والا متلمويش حد غير نفسك
: لا
تسمرت أقدامه بالأرض ماان استمع لتلك الكلمه التي خرجت من شفتيها بخفوت ليلتفت إليها ببطء ويضيق عيناه بنظره مخيفه تحذرها من أن تعيد ما نطقت به :
ايه ؟!
خفضت غرام عيناها بخوف من نظراته ولكنها لم تغير ما نطقت به لتعيده بثبات : لا مش همشي
تحرك ناحيتها بخطوات بثت الرعب في قلبها بينما يسألها بنبره مخيفه : بتقولي ايه
ابتلعت لعابها بخوف وقالت بينما كادت تمزق يدها التي تفركها من فرط خوفها : بقول اني مش همشي ....رفعت عيناها الباكيه إليه وهي تقول بهوان شديد :  انا لو مشيت هكون في الشارع ....انت مستوعب ؟!
وهل ظنت أن رجل بلا قلب مثله سيرأف بها ليقول ايهم بجمود : مش مشكلتي
غص حلقها بقوة من جبروته لتنفلت منها الكلمات : لا مشكلتك .....انت زيك زييي غلطت ...وانا مطلبتش منك حاجه ..انا  هشتغل وبس
هز رأسه دون أن يبدي اي رأفه بها : مستحيل 
هتفت بتوسل :  ارحم ده ربنا بيرحم
كم ستنصدم بعد من جبروته بينما قال بثبات دون أن يرمش له جفن : معنديش رحمه وخصوصا لأمثالك
بكت بقهر شديدمن الذل والهوان الذي تشعر به ليزجرها ايهم باحتقار : بت انتي ....بلاش الشويتين دول ويلا
غوري من قدامي
نظرت له بحقد شديد من تجبره عليها بتلك السطوه لتتجرأ وتهز راسها : لا ....اعمل اللي تعمله مش همشي
اتجه ايهم كالسهم تجاهها ليقبض علي ذراعها مزمجرا بغضب حارق : هتمشي غضب عنك
دون أن تقصد أفلت تهديدها من بين شفتيها : هقول لبناتك علي كل حاجه
اتسعت عيناه بصدمه لتتوحش نظراته بصورة مرعبه
تراجعت غرام خطوة للخلف بخوف ولكن يداه التي تقبض علي ذراعها منعتها  لتهتف سريعا وهي تهز راسها : لا لا ...لا مكنش قصدي والله ما كان قصدي قولت كده من يأسي.... مش هنطق كلمه والله ما هقول حاجه ...
بابي
تراجع ايهم علي مضض خشيه من أن تستمع ابنتاه لصوته  ولكن نظراته توعدتها بعذاب من الجحيم
خرج بعاصفه لتتجه غرام سريعا وتفتح صنبور المياه وتميل تغسل وجهها بينما دموعها لا تتوقف عن الأنهمار لتضع يدها علي فمها تكتم شهقاتها وتحاول بصعوبه السيطرة على دموعها ...مواجهه صعبه وبحماقتها ظنتها انتهت ولكنها لاتدري أن الأمر ليس بتلك البساطه
لن يسمح ابدا بوجود فتاه مثلها قرب ابنتاه
وهي تري كم كانت حمقاء بل بلهاء وهي تتخيل قصه حب ورديه بينها وبين رجل لا تعرف عنه شيء
لماذا تلوم عزه فهي من لغت عقلها ...ماذا توقعت منه أن يفعل سوي هذا ...انه يحتقرها ويراها فتاه هوي اشتري جسدها والقاها ودعس فوقها بعد أن انتهي منها
لماذا تبقي وتتوسله....؟!
لان باختصار لا يوجد امامها طريق آخر
تبحث عن عمل وتبدأ من جديد ليت الواقع بسهوله الكلمات فأي فتاه تستطيع البحث عن عمل ومنزل لتؤسس لنفسها حياه دون مواجهه صعوبات الحياه وليس صعوبات بل ذئاب الحياه من رجال يطمعون بفتاه مثلها تخول لهم عقولهم المريضه أنها لقمه سائغه
تناديهم ونساء تتطلع لها بنظره دونيه لأي فتاه تعيش وحدها ...!
هكذا تربت ورأت وليتها مشيت كما تربت !
لما كانت وصلت إلي هنا فقد ربتها والدتها علي الصواب والخطا وتعرف الفرق بينهم وهي رأت واحست
بالخطأ ولكنها عصبت عيونها ورفضت أن تري الواقع .
..........
...
سارت زينب بلا هدي لاتريد شيء إلا صورة ابنتها التي يتساءل قلبها بلهفه عن مكانها لتجد نفسها تتوقف أمام قسم الشرطه انتزي أن تقدم بلاغ باختفاء ابنتها
........
...( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )
جلس نديم خلف مكتبه يريح ظهره للخلف بينما يستمع إلي هذا الأمين الذي وقف أمامه ...ليضيق نديم عيناه ويسأله : يعني اجازه ؟!
اوما امين الشرطه : أيوة يا باشا
هز نديم رأسه وعاد يسأله : والسبب
هز الرجل رأسه : محدش يعرف
شرد نديم أمامه لحظات قبل أن يشير إلي الرجل : طيب روح انت
اوما الرجل واستدار ليغادر ليوقفه نديم:  اسماعيل
التفت له قائلا : امرك ياباشا
قال نديم بلهجه أمره : اول ما يرجع يكون عندي علم
اوما الرجل قائلا : اكيد
طرق نديم بانامله علي طرف مكتبه بينما حرارة الانتقام مازالت ملتهبه بداخله وكم أراد أن تهدأ قليلا ليبدأ بتنفيذ اول خطوة من خطوات انتقامه من عمر ولكن الظروف ساعدته تلك المره ولا يستطيع إيجاده ....ليقوم من خلف مكتبه بوعيد يصبر به نيران غضبه أنها ستهدا عما قريب
....بعد قليل كان جالس برفقه رشدي بانتظار نزول ريم ليستشعر رشدي خبثه في سؤاله
: متعرفش ابن السيوفي مختفي فين ؟!
ضيق رشدي عيناه بتساؤل :  بتسال ليه يا نديم ؟!
هز نديم كتفه متظاهر بعدم الاهتمام : عادي استغربت لما عرفت أنه إجازة طويله وكمان مش باين من فتره في أي مكان 
سدد رشدي نظراته الثاقبه تجاهه وهو يسأله ::وانت عرفت ده منين ...بتراقبه ؟!
هز نديم رأسه وتظاهر بالبرود وهو يقول : لا طبعا هراقبه ليه
بالرغم من عدم اقتناع رشدي إلا أنه تظاهر بالعكس ولكنه حرص علي تذكير نديم بكلماته :  طبعا مش هتراقبه ولا هتحطه في دماغك  ... الموضوع ده اتقفل
نظر له بمكر وتابع بتحذير مبطن :  مش في مصلحه حد فينا يشتري عداوة أبوه وكويس أن موضوع ضربه عدي ومحدش فتحه
اوما نديم ليري رشدي في عيناه أن رغبته في الانتقام مازالت قائمه ليشعر بالقلق من أن يتهور ويفعل شيء يندم عليه أن اقترب من عمر مجددا !
نزلت ريم ليعتدل نديم واقفا وهو يقول : يلا يا ريم
أومات ريم وتحركت أمامه خطوتين ليوقفه رشدي : نديم!
توقف نديم والتفت الي حماه الذي اقترب منه قائلا بتحذير : انا اديتك بنتي ونفذت كل اللي انت عاوزة وعاوز منك تنفذ وعدك أن بنتي هتكون في امان ومبسوطة
رفع نديم حاجبه باستفهام : وحضرتك شايف ايه غير كده
زمجر رشدي بحزم : مش عاوز اشوف غير كده ...لو بتفكر في حاجه ناحيه عمر انساها
وضع يده علي كتفه وتابع بتشديد :  ده احسن للكل ...انت اخدت البنت وانتهي
اوما نديم ليتجه خلف ريم بلا نطق شيء ولكن بداخله يلقي كلمات رشدي خلف ظهره فهو سينتقم من عمر ولن توقفه أي كلمات !
..........
...
حركت جوري راسها بكسل وهي تجيب لاول مره بتلك الاجابه حينما سألها مراد ماذا ستفعل اليوم
: لسه مش عارفه .....ممكن اقعد في البيت أو اكلمك نتغدي عند طنط عشان نعوض امبارح
عقد حاجبيها بتساؤل : هتعرفي امتي ؟!
هزت كتفها وقالت وهي تسحب احدي المجلات وتفتحها :  لسه بدري ....هبقي افكر واكلمك
اجابتها الغير معتاده بعدم وضعها خطه ليومها جعلته يقول بدهشه :  غريب ؟!
عقدت حاجبيها وسألته باستفهام : ايه الغريب
قال مراد وهو ينظر إليها : في العادي بتكوني حاطه خطه بالساعه
ضحكت برقه وقالت بهدوء : لا مش حاسه اني عاوزة اخطط
ضيق مراد عيناه وركز نظراته الثاقبه عليها وهو يسألها بفضول لم يخفيه : ايه اللي اتغير؟!
قالت جوري بوصف حقيقي لما تشعر به :ولا حاجه بس الفتره التي قضتها مع بابا من غير تخطيط بالرغم انها كانت مرهقه الا اني كنت مبسوطه
كنت مرهقه جسديا بس دماغي مرتاحه وانا مش بزود تفكير في كل حاجه من غير داعي
فورا تغيرت ملامح مراد دون أن تفهم جوري السبب بينما يقول باستنكار : مبسوطه ازاي ؟!.
قالت بعدم فهم : مبسوطه يامراد
هتف باستهجان : قصدك كنتي مبسوطه وانتي بعيد عني
تفاجات بما أخذه من حديثها وفسره بصورة أخري لتهز راسها سريعا قائله : لا طبعا
قال باصرار : انتي قولتي كنتي مبسوطه
أومات وهي تتحدث بهدوء وعقلانيه : اه بس في المطلق مش عشان من غيرك يا مراد
نظرت له بطرف عيناها وهي تسأله باستنكار مبطن : انت اتعصبت كده ليه
هتف بلا تفكير : عشان كلامك يعصب
نظرت له جوري ولم تصمت بينما تقول بانفعال طفيف ::عشان انت فكرت فيه كده ....مفكرتش اني بشرح ازاي كنت برهق عقلي بالتفكير  في كل حاجه والفتره اللي فصلت فيها عن الضغط ده نفعتني
زم شفتيه واعتدل واقفا بينما ينهي الحديقة : ماشي يا جوري المهم تكوني مرتاحه
أومات له ليقول برفق وهو يبتسم لها حتي يمحي ما قاله قبل قليل : ابقي كلمين ....انا هدخل البس عشان انزل
أومات له وهي تنظر إلي المجله : اوك
استدار مراد وتحرك خطوتين قبل أن يلتفت إليها بدهشه ::ايه !
نظرت له بدهشه مماثله : ايه ايه !!
قال بتلقائيه : مش هتجهزي هدومي
تمطأت بكسل وهي تتطلع الي تطاير العصافير امامها  بمنظر بديع : لا معلش يا حبيبي اختار انت حاجه تلبسها النهارده .... اصلا كل هدومك جاهزة
لا لا سينفجر ماذا يحدث أنها لأول مره تخبره برد كهذا
التفت لها ليري استمتاعها بالصباح ومجددا عزت عليه إلا يعكر صفوها ولكن هو تعكر صفوه تماما !
........
..........
جالس ايهم علي جمر ملتهب لا يتوقف عن هز ساقه بعصبيه واضحه بينما تحمل غرام الاطباق بعد انتهاء الغداء الذي لم يمس لقمه منه وعيناه شارده يفكر كيف سيفتك بها تلك التي تجرأت واقتربت من بناته
: بابي
انتبه الي حلا التي قالت :  أنا عندي درس بيانو
اوما لها لتقوم هنا برفقه ساندي صديقتها قائله : بابي انا وساندي ينفع ننزل النادي شويه
بالطبع لم يمانع فهاهو سينفرد بها
دق قلب غرام بجنون داخل صدرها بينما انغلق الباب خلف الفتاتان بعد ساعه وأصبحت وحدها معه لتتلفت حولها تبحث عن شيء تدافع به عن نفسها ولكنها لم تلحق بينما كان بلحظه يقف خلفها ....استدرات غرام سريعا  لتواجهه نظرات عيناه وملامحه المخيفه ....لتتراجع
بخوف بينما ارتسمت ابتسامه خبيثه فوق شفتاه علي هيئتها وقد كانت تهدده منذ قليل بجرأه حان الوقت لتدفع ثمنها !!
قال بهسيس من بين شفتاه وعيناه تسدد نظرات ثاقبه مرعبه إليها : ها بقي قولتي ايه
دون مقدمات اندفعت الدموع من عيونها وانفجرت ببكاء وهي تهتف :  قولت اني غلطت واني ضعت ومفيش قدامي حل غيرك انت بس اللي في ايدك ....ابتلعت كلماتها اثر صوته القوي الذي جعلها تنفض من مكانها حينما هدر بها يوقفها عن الضغط علي ضميره بانهيارها وضعفها : اخرسي
صمتت وبقي بكاءها بشهقاتها العاليه ليتجه إليها بخطوات رخيمه وهو يهز رأسه : مقولتيش كده
نظر لها بعيون تطلق الشهب وهو يتابع : قولتي اني غلطت زيك !
أومات له بخوف وهي تقول بتعلثم الحقيقه التي بالرغم من خوفها منه إلا أنها اندفعت من بين شفتيها : ماهو انت غلطتت
زمجر بغضب : انتي مالك ومالي وانا قولتلك حاسبي علي غلطتي
بكت وهي تنتفض بخوف من صوته لتحاول نطق شيء  :  ماهو .....اخرسها مجددا بصوته الجهوري وهو يهدر بها :
ماهو تخرسي
تهرب من الرد علي كلماتها والتي تخبره أنه مخطيء ليركز نظراته عليها وهو يتابع بهسيس مخيف : قولتي هتقولي للبنات
هزت راسها بخوف بينما خطواته تقترب منها وكلما اقترب كلما تراجعت وهي تقول بتعلثم متزامن مع هز راسها  : لا
تابع خطواته وتابع :  هددتيني ؟!
ابتلعت بخوف وقالت باعتراف ضعيف من بين شفتيها :
وانا اكون ايه عشان اهددك ...نظرت له وتابعت برجاء أن يصدقها :  انا قولت كده عشان اضغط عليك
تابع خطواته ونظر لها باستخفاف قائلا : حد قالك أن ليا دراع يتلوي
اعتصرت عيناها وهي تذرف المزيد من الدموع بينما تقول بتوسل ::غصب عني .....مقداميش غيرك
انا ليه اقبل الذل ده لو عندي طريق تاني
بعد نطقها بتلك الكلمات توقفت خطواته ليضيق عيناه وينظر لها بنظرات ثاقبه : أيوة ده سؤالي.... ليه تقبلي ؟!
هتفت غرام بيأس وانكسار : قولتلك مقداميش غيرك
سألها ومازالت نظراته الثاقبه مثبته عليها : ايه اللي رماكي في سكتي ....عزه عملت معاكي الفيلم  ده
هزت راسها : لا
: امال
خفضت عيناها وقالت بوجل بينما مازالت دموعها تنساب علي وجنتيها : قالت اعجبت بيا وهتتجوزني
ضحك بصخب علي ما نطقت له لتنظر له غرام بدموع مقهورة بينما يضحك علي جراحها بتلك القسوة ليزيد ايهم من جبروته واستخفافه بوجعها وهو يسألها بسخريه واضحه : عيدي تاني قولتي ايه ...!
عجز لسانها عن أن تنطق مجددا وتكون محل سخريته ليشعر ايهم بداخله بالضيق من نفسه ولكنه لم يظهر أبدا تلك الشفقه لها ليكتفي بمسح ضحكته ويسحب أحد المقاعد الموضوعه اسفل الطاوله الرخاميه ويعكسه ويجلس عليه مشيرا لها :  طيب من الاول بقي عشان شكلك مصممه علي الفيلم ده
نظرت له بعدم فهم وبكاء طفله فجاه وجدت نفسها في عالم موحش يتلذذ بالاذي والاوجاع
ليتابع ايهم وهو يرفض تصديق دموعها ولا خوفها الواضح بينما ينطق بالحقيقه التي يلمسها بيداه : ايه اللي رماكي في سكه عزه إلا أنك عاوزة جوازة من جوازتها
أومات بصمت تعترف انها من ذهبت بساقها ليهز ايهم رأسه علي موافقتها قائلا : حلو ....يعني كنتي عارفه رايحه فين
هتفت غرام بانكسار وهي لا تعرف كيف تدافع عن نفسها : ضحكت عليا
رفع حاجبه باستخفاف : وانتي ساذجه اوي كده
بكت وهي تهز راسها بندم شديد بينما تقول بكلمات مشتته تعترف بهم بذنبها :  معرفش غيرها ...فكرت فيفي صاحبتي وبتنصحني .....ازداد بكاءها ووضعت كلتا يداها علي وجهها وهي تتابع الإقرار بذنبها : حبيت اعيش زيها ....عشمتني بالسعاده وانا كنت غبيه صدقتها  ....بقهر ضربت وجهها بينما تتابع : غبيه وضيعت نفسي وقهرت امي ....!
جريت وراها لما قالت هتجوزني وفكرتها مستحيل تضحك عليا
داعبت الشفقه قلبه للحظه ناحيتها ولكنه سرعان ما أبعد هذا الشعور عنه وهو يذكر نفسه بحقيقه ماحدث بصوت عالي موجهه حديثه لها
ليلوي شفتيه ساخرا بقسوة : وعزه بقي قالتلك هتجوزك شيخ الجامع ولا شيخ سعودي
زمت شفتيها وانسابت دموعها بقهر بينما يريها أنها ليست إلا فتاه مخادعه ركضت خلف زيجه من أجل الأموال دون الالتفات الي طبيعه تلك الزيجه وليست مخدوعه أو ضحيه كما تحاول إقناعه
ما أن تذكر عقلت تلك الحقيقه حتي تلاشت اي ذره شفقه بقلبه لها ولانهيارها ليتذكر فقط أنها مخادعه دخلت منزله وشكلت تهديد علي بناته لذا اتجه ناحيتها وهو يري أمامه طريقه ليتخلص منها ..!
لتتراجع غرام مع كل خطوة يخطوها وعيناها تنظر إلي عيناه بتاهب لاتعرف ماذا ينتوي لها ولكن عيناه أخبرتها أنه لايصدقها ...وصل ايهم الي مبتغاه بينما مغزي كلماته ونظراته وصل لها كما وصلت خطواتها الي النهايه ليجبرها الحائط خلفها علي التوقف بينما خطوات ايهم البطيئه مازالت تتابع باقتراب منها .....رفعت كلتا يداها أمام جسدها بحركه تلقائيه منها للدفاع عن نفسها ما أن أصبح قريب للغايه منها ولا تفصله عنها سوي خطوتين ....اجتذبت حركه صدرها صعودا وهبوطا عيناه كما اجتذب الباب الذي يمثل طريق هروبها من أمامه عيناها لتختطف نظره الي الباب قبل أن تتبعها بخطواتها تنتوي الهروب ولكنه كان سريع كفهد ليضع يداه امامها علي الحائط يوقف خطواتها ....تراجعت وأسرعت للجهه الأخري بغريزة تلقائيه تحثها علي الهروب وهي تستشعر الخطر ولكنه بنفس الخفه والسرعه كان يضع يده الأخري علي الحائط لتصبح محاصره...هو امامها والحائط خلفها وكلتا يداه مستنده الي الحائط تحاصرها ....نظرت له بخوف وسرعان ما هتفت به : متقربليش !
رفع ايهم حاجبه بينما تشعشعت نظراته الخبيثه بالتسليه وهو يهز رأسه : ليه ؟!
تعلثمت غرام وترجته بدموعها أن يتوقف عن ارهابها ولكنه انتوي أن يجعلها هي من تهرب ولا تفكر مره اخري في الظهور أمامه ليمسح جسدها بنظرات وقحه تعمدها وهو يقول : عاوزة ايه مني ؟!
نظرت له والي سؤاله الذي لا يتناسب مع وقاحه نظراته : ايه ؟!
قال ايهم رافعا حاجبه : هو ايه اللي ايه .... بسألك لو انا هصدق انك بريئه وهما ضحكوا عليكي ....عاوزة مني ايه ؟! جايه بيتي ليه ؟!
قالت وهي تنظر اليه كغزاله بريئه تتطلع الي اسد بداخلها متاكده أنه سيلتهما ولكنها تناجي إنسانيته : قولتلك اتجوزني رسمي
لوي شفتيه بسخريه : وجايبه الثقه دي منين اني ممكن اعمل كده مع واحده جبتها بورقه عرفي
بكت غرام بانكسار وهزت راسها وهي تتمتم : أنا مش وحشه.... انا بنت متربيه
التوت شفتاه بابتسامه ساخره ولكنه لم ينطق بينما عبرت نظراته عما يريد قوله
ليعيد صياغه حديثه الذي حمل نفس السخريه  :  اضمن منين انك زي ما بتقولي وينفع اديكي اسمي
اتسعت عيناها قبل أن تهتز نظراتها من اتهامه المبطن لتقول بشفاه مرتجفه تدافع عن نفسها :  انت اول واحد يلمسني
ابعد احدي يداه ليحك بها ذقنه ومجددا يمسح جسدها بوقاحه نظراته : واعرف منين أن مكانش فيه بعدي
اغتلت نظرات غرام لتندفع تلكمه في صدره مزمجره به : اخرس
امسك يدها بعنف ونظر لها بغضب لتجرأها علي فعلتها
حاولت نزع ذراعها منه هاتفه بقوة مزيفه : اوعي
ترك يدها وضحك ساخرا : ايه ضايقتك الكلمه ؟! ...حك ذقنه مجددا وقال ببرود : ماشي نعديها ونحطها في نفس المسلسل اللي هصدقه
نظر لها بخبث ومكر وهو يحصرها بجسده حتي كادت تدخل الي الحائط خلفها : انا بقي هستفيد ايه
قالت بعدم فهم وهي تضم جسدها للحائط خلفها لتبتعد عنه : مش فاهمه
هز رأسه ونظر في عيونها قائلا : لا فاهمه
هزت راسها : لا
لوي شفتيه قائلا بنفس الخبث : تمام.... افهمك بلغه عزه
...عاوزة كام ؟!
عقدت حاجبيها وهزت راسها : مش عاوزة فلوس
رفع حاجبه بسخريه : ايه هتسلمي نفسك ليا تاني ببلاش ....توء ميرضنيش
....ده انا دفعت كتير اوي المره اللي فاتت
و مش هنكر اني اتبسطت عشان كده هدفع بس بالجمله
نظرت له بعيون مصدومه لمقدار وقاحته بينما يتابع : ماهو انتي هتفضلي هنا يعني مش ليله وخلاص ....تحبي احاسبك بالاسبوع ولا باليوم ولا اقولك بالمره ...واهو كل مره بتمنها ...ومتقلقيش انا مش راجل بخيل ...كل ما تبسطيني هدفع
نفرت كل دماءها بعروقها بخوف منه وبنفس الوقت كراهيه له ممزوجه باحتقار لوقاحته واستغلاله لهذا الموقف لتتتركز كل مشاعرها ناحيته وهي تنظر إليه للحظه قبل أن تمد كلتا ذراعيها بقوة وتدفعه من امامها وتحاول الهرب ولكن خطواتها الراكضه لم تكد تخطو خارج باب المطبخ حتي كانت يداه سريعا تمسك بذراعها وبقوة يجذبها ليرتطم ظهرها بالحائط خلفها بينما وقف هو بقامته المديده امامها .....رأي خوفها منه وقرر متابعه خطته لابعادها عن طريقه ليقول بنبره خبيثه وعيناه تعود لتتحرك بحريه فوق جسدها : علي فين ....متفقناش ؟!
حاولت غرام استجماع قوتها لتبعده عن ذراعيها ولكنه شدد قبضته عليها ولم يدعها أو يلتفت الي دموعها وصراخها : سيبني حرام عليك
تهكم منها قائلا : حد جاب  سيرة الحرام ... هكتب ورقه جديده متقلقيش ... تجرأ ليميل عليها أكثر مقرب وجهه من وجهها غير عابيء بمحاولتها الإفلات منه ليمرر أنفه بالقرب من وجهها يشتم رائحتها كليث جائع يشتم فريسته لتبث أنفاسه بها الخوف بينما يتابع بوقاحه : انتي جايه برجلك لبيتي وانا وانتي لوحدنا ...خلينا منضيعش وقت .....تابع حركته وانفاسه الساخنه تلفح وجهها بينما رائحه عطره الرجولي القوي تتغلغل في حواسها ليتابع بهمس مقيت :  انتي اول مره كنتي مطيعه مع انها اصعب مره ....المفروض دلوقتي تكوني جربتي 
استمعت غرام بعيون مغلقه بقوة لكل وقاحه كلماته ليجدها فجاه تتوقف عن مقاومته ...نظر لها لتفتح عيونها التي تحولت لكاسات من الدماء من فرط دموعها تتطلع له بعتاب شديد كان كل ما استطاعته وكان اقوي عليه من اي رد فعل اخر بينما عكست له مقدار جبروته أمام ضعفها ليتشتت تفكيره للحظات بينما داهمه الشعور بالذنب لاستقواءه عليها وكانت تلك اللحظه التي استغلتها غرام وسريعا ما كانت تنفلت من بين ذراعيه وتركض للخارج بلا هدي ..... اسرع خلفها بعد أن استعاد ثباته لتتسمر ساقه مكانها ما أن رآها تفتح النافذه وبلا تفكير تصعد فوق المقعد المنخفض الموضوع أسفلها ...اتسعت عيناه بصدمه من اهتزاز جسدها بفعل الرياح القويه التي دخلت من النافذه المفتوحه لتمسك غرام باطارها وتلتفت لتتطلع للاسفل بينما حركه السيارات مرعبه من هذا الارتفاع ....اياك !
كانت فقط تلك الكلمه التي نطق بها يوقفها عما تنتويه بقتل نفسها
التفتت له غرام بعيون باكيه وهي مازالت تمسك بإطار النافذه : انا كده كده ميته ...هرتاح واريح الكل
انفلت لسانه برفض : مش هترتاحي ..هتموتي كافره وامك اللي بتقولي كسرتيها هتقضي عليها لما تموتي بالطريقه دي
غص حلقها بقوة لتنظر له لحظه وكذلك فعل هو الآخر بينما بداخله انتفض وكأن ضربته موجه قويه بعثرت كل تفكيره ...تلك الفتاه الحمقاء ماذا فعلت بنفسها ....؟!
نظرت له بانكسار وسألته وكأنها تحدث نفسها : اعمل ايه ....كل الابواب اتقفلت في وشي ....مقداميش حل تاني
نظرت له بانكسار شديد وهي تتابع : انت ليه مش عاوز تصدقني أو حتي تسمعني .....ازداد بكاءها بينما تتابع بقهر : غلطتت والله عارفه بس نفسي اصلح غلطتي ....
هز ايهم رأسه بأسف وبالرغم من شفقته عليها إلا أنه نطق بالحقيقه : مفيش حاجه تصلح اللي حصل !
ندم للحظه أنه نطق بتلك الكلمات خاصه وهي بتلك الحاله بينما كانت كلماته تقضي علي اخر امل لها  وسرعان ما استدارت لتلقي نظره للاسفل مجددا ولكن صوته أوقفها وهو يحاول الاقتراب بحذر منها : اياك تعمليها
التفتت له ولخطواته ناحيتها لتهدر به : مكانك ...اياك تقرب
اوما لها وتوقف مكانه لتستغرب أنه استمع لها ...نظرت له ليتابع : انزلي وهنلاقي حل
نظرت له بيأس : هتسمعني
سحب ايهم نفس عميق واضطر أن يهز رأسه علي مضض فكل ما ستقوله لن يغير من الأمر شيء ...
........
...
لم يترك جوار أبيه لحظه بينما ظن انه هكذا يشغل عقله عن التفكير بها وبشعوره المضني بالذنب وهو يتجاهل اي قرب منها وكأنها علقه يريد أبعادها عنه ليتناسي أنه كان تلك العلقه التي التصقت بحياتها وليس العكس ....
مشاعر مختلفه امتزجت بداخلها ولكن اقوي شعور هو الخزلان .... خزلان حبها واهتمامها الذي قابله ببرود واقتضاب كلماته ليكاد يضرب الجنون عقلها وهي تتساءل عما حدث وغيره بتلك الطريقه .....اعتادت الحديث معه لساعات وساعات بلا ملل أو شعور بالوقت وهاهي الليله تلو الأخري لاتعرف كيف تغمض عيونها وشعورها بالافقتاد يؤرقها ... ركضت كثيرا لتنهك جسدها لعلها تنام ما أن تعود الي المنزل وبالفعل ما أن دخلت الي المنزل بعد أن ركضت لأكثر من ساعتين كانت تلقي بجسدها علي الفراش ولكن مجددا ابي التفكير ان يتركها لتتقلب من جنب الي اخر وعيناها علي هاتفها ..!
لم يكن هو الآخر بحال افضل بينما علي الجانب الآخر كانت عيناه لا تتوقف عن النظر إلي صورها وقلبه لا يتوقف عن الخفقان بلهيب الاشتياق الذي عجز عن الاعتراف به بينما شعوره المضني بالندم يخبره أن مجرد التفكير بها خطيئه أخري تضاف الي خطاياه وهو يريد الهروب ....ليمر اليوم يلو الآخر وهو يظن أن الهروب هو افضل حل وكأن كل ما مضي سيتلاشي أن تجاهله ...!
......
.........
انكمشت غرام علي نفسها بأحدي جوانب تلك الغرفه الصغيرة التي أشار لها أن تدخل إليها بعد أن تركها تعيد وتتحدث بكل شيء ....استمع الي روايتها كما أرادت ولكنه لم يقدم لها حل كما وعدها ...عجز عن إيجاد اي حل بتلك اللحظه ليشير لها أن تدخل الي غرفه الخادمه وتبقي بها ... أسدل الظلام خيوطه وبقيت غرام مكانها
فقط تجلس مكانها تضم ركبتها الي صدرها وتضع راسها فوقهم .....مر الوقت وهي تستمع لأصوات ابنتاه وصوته بالخارج ولكنها لم تتحرك واخيرا مع انتصاف الليل ساد الهدوء ليغلبها النعاس وهي ما تزال علي جلستها ....
بقي ايهم جالس علي الأريكة بعد نوم ابنتاه يفكر في كل ماحدث ....حتي وان أشفق عليها فلا يستطيع تركها علي مقربه من بناته ..هز رأسه برفض سريعا حينما فكر للحظه
أن تعرف ابنتاه بتلك الحقيقه التي أخفاها عنهم .....هي من مكانه واقفا واتجه الي غرفتها
فتحت غرام عيونها ورفعت راسها سريعا بخوف حينما اقتحم الغرفه لتنظر له بخوف
اشار لها بيده : قومي معايا
لم تسعفها ساقها لتظل علي جلستها وتنظر له باستفهام : ليه ؟!
هتف بنبره أمره : اسمعي الكلام وقومي معايا
هزت راسها وتراجعت زاحفه للخلف ما أن تقدم ناحيتها لتقول بخوف : لا مش هقوم ....حرام عليك كفايه تخوفني
توقف ايهم مكانه وزفر بعنف بينما يهدر بها من بين أسنانه بخفوت حتي لا تستمع ابنتاه : مش هعملك حاجه ...قومي وإسمعي الكلام
بقيت مكانها ليزفر مجددا وهو يقول : انتي مش عاوزة مكان تفضلي فيه .... هاخدك الشقه التانيه ..!
تجمدت عيناها للحظه تتبين كلامه قبل أن يتفاجيء بها تهز راسها : لا انا هفضل هنا ..!
تفاجيء بما نطقت به لتقول غرام بلا مقدمات : انا هنا في امان مع بناتك ...عمرك ما هتأذيني في وجودهم إنما لو روحت معاك مكان تاني اضمن منين هتعمل فيا ايه .....لا مش هتحرك من هنا
نظر لها ايهم باحتدام لتلتقي نظراته بنظراتها طويلا للحظه قبل أن تسخن الدماء في عروقه ويتجه ناحيتها ...!
..........
...
موقفه واضح بينما مرت تلك الأيام وهو بالكاد يتصل بها لبضع ثواني وتكون كلماته المقتضبه أنه مشغول وسيحدثها لاحقا ولاحقا يكون بعد أيام ربما ....موقفه واضح بأنه يريد الابتعاد عنها ولكن سبب موقفه مجهول بالنسبه إليها .... فهل لعائلته يد بهذا البعد
هل رفضوا ارتباطه بها ....؟! هل وهل وهل بلا توقف تدور بعقلها
وعلي الجانب الاخر كانت ماذا وماذا وماذا تدور في عقل عمر هو الاخر بلا توقف
ماذا يفعل وماذا فعل وماذا سيفعل
وكل يوم يمر تثقل كاهله الحقيقه التي يخفيها ويزداد جدار اخر يمنعه من نطقها وهو يري بدايه تحسن حاله أبيه متزامنه مع تحسن علاقتهم التي لم يحلم يوما باكثر منها ...اقتربوا من بعضهم كثيرا وتحسنت صورته في عيون أبيه وأصبح درب من دروب المستحيل أن يحطم كل ما وصل إليه ...!
تقلب يمينا ويسارا والتنهيده لا تفارق صدره وحيرته تتفاقم ليشعر بوحده شديده حاول تجاهلها
ودون أن يشعر بحث قلبه عنها لاول مره متمرد علي اي اراده له فهو منذ ايام ظن نفسه يتغلب علي احتياجه لها لتزداد ضراوة شعوره بالفقد لكل شيء كان يعيشه معها
امسك هاتفه واتصل بها لتداعب قلبه لهفه صوتها وهي تجيب عليه ....لتمر ثانيه اثنان ثلاثه بعدها يتفاجيء بوسيله التي استجمعت كل قوتها وهي تقول بثبات : معلش ياعمر انا مشغوله  ...هكلمك بعدين !

قراءه ممتعه بقلم رونا فؤاد
ايه رايكم و توقعاتكم


حكايه عمر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن