الخامس والاربعون جزء اول

9K 414 27
                                    

توسدت وسيله صدره واستكانت تحت لمسات أنامله الرقيقه التي يمررها بين خصلات شعرها تحاول أن تتهرب من صوت عقلها الذي يناديها بالنهوض عن هذا الصمت الذي كذبت وهي تتدعي أنها ترتاح به وتستمتع بسماع صوت دقات قلبه به فبداخلها الكثير من الكلام ولكن بنفس الوقت داخلها شيء لم تفسره إلا انه فقط اختيار الوقت المناسب للحديث .... !
تباطأت حركه أنامله بين خصلات شعرها متزامنه مع نبرته الهادئه وهو يسألها : نمتي يا سيلا ؟!
هزت راسها بصمت لتشعر بتنهيده تخرج من طيات صدره وهو يتابع بارتياح : تعرفي اني مبقتش ارتاح الا وانا معاكي ....مال ليطبع قبله علي منبت شعرها وهو يتابع بامتنان : انا بحبك اوي يا سيلا
تمتمت وهي تغمض عيناها تتنفس الارتياح والسعاده من كلماته : وانا كمان ياعمر
ابتسم وتابع حركه أنامله مجددا ولاول مره يجد نفسه يريد أن يتحدث لايعرف تحديدا لماذا ولكنه برر أنه يرتاح للحديث وليس أنه يقدم تبرير لم تطلبه منه عن غيابه أو عدم وفاءه بوعوده لها حتي الآن ليجد نفسه يخبرها بما حدث وكالعاده يحصل علي تأثرها لتستند وسيله إلي صدره بمرفقها وتنظر إليه بتساؤل بينما ختم حديثه : لازم يطلقها الحيوان ده .!
: بالبساطه دي ياعمر ؟!
اوما بجديه : زي ماهو بالبساطه دي فكر يهينها ويجي عليها !
قالت وسيله بمنطقيه : هو اكيد مفكرش واللي حصل ده لحظه غضب منه لأنه لو فكر مكنش هيعمل حاجه تخليه يخسرها طالما بيحبها
رفض الاستماع لأي منطق ليقول باحتدام : مش مشكلتنا فكر ولا مفكرش . ... كده خلاص هو جاب آخره
مفيش حل الا الطلاق
داهمها للحظه شعور بالضيق في صدرها من مجرد ذكر تلك الكلمه لتتساءل بشرود بينما ركضت ذكرياتها ناحيتها لذلك اليوم وهي واقفه خلف الباب تسترق السمع ( الطلاق مفيش غيره .....هتطلق سندس يعني هتطلقها )
لتخرج كلماتها بشتات وشرود متساءله : والطفل اللي جاي ....ليه يجي ويعيش بين اب وام منفصلين ؟!
لم يشعر بما يختلج مشاعرها وقلبها خلف هذا السؤال الذي سألته بينما هو بالواقع لا يهتم لشيء إلا تلك الكرامه المنشوده لأخته ليهتف بعنفوان وهو يزيح الغطاء من فوق جسده ويقوم من جوارها
: عادي زيه زي اي طفل واحنا مش هنخليه يحس بفرق
ابتلعت وسيله بثقل وهي تتذكر نفس الحديث الذي دار بهذا المشهد الذي امتليء بالكثير من الأشخاص رددوا نفس حديث عمر ردا علي تساؤل واحد وهو مصير تلك الفتاه ليجيب الجميع نفس الاجابه المنطقيه بأنها لن تشعر بهذا الانفصال ولاتدري من اين جاءهم هذا اليقين بينما لم يسألها وقتها أحدهم عن رأيها أو مشاعرها وحتي وجودهم انتهي بانتهاء هذا المشهد بالطلاق
لتبقي هي وحدها تعاني افتقاد وجودها ونشأتها بين أبويها وكل واحد منهم جذبته الحياه لطريق منفصل
ليغص حلقها وهي تردد بشرود بينما بقي هذا المشهد في ذاكرتها : مين قال كده ...اكيد الطفل هيتأثر ومهما يكون تعويضكم له إلا أنه هيحس دائما أن في حاجه ناقصاه سواء أمه أو أبوه
هزت راسها وتابعت بيقين : مش بالسهوله دي ياعمر ...في طفل في النص هيتظلم
لايريد الحديث العقلاني ولا حتي التفكير في شيء سواء مستقبل الطفل أو أخته فهو لم يعتاد التفكير في الغد فليبقي الغد للغد لذا قال بمراوغه لإنهاء الحديث : انا هدخل اخد شاور وبعدين هنزل اشتري ليكي التليفون اللي وعدتك بيه وارجع تكوني جهزتي لينا العشا ماشي ياروحي
رفعت وسيله عيناها إليه ولكن قبل أن تقول شيء كان يغادر من امامها ....مجددا سيغادر وهي مجددا ستبقي وحدها ومجددا يبقي حديثهم بلا نهايه ومجددا لا تعرف علي اي بر سترسو قصتهم ....!
خرج عمر يصفر ويدندن ليسكت صوت التفكير الذي أصبح يتعالي من وقت لآخر في عقله ليجدها واقفه مكانها
نظر إليها من خلال المراه وسألها : مالك يا سيلا ؟!
ترددت للحظه ولكنها في النهايه قالت ببساطه تماثل بساطه طلبها :
ينفع اجي معاك ...انا زهقت من القعده لوحدي ..!
اوما بلا تردد : اوك اجهزي ونخرج سوا
ابتسمت له كطفله صغيرة لا تدرك مبدأ الثواب والعقاب الذي يمارسه عليها دون قصد منه حتي الآن ولكنه هو فقط يشعر هكذا ...!
احسنت التصرف إذن عليه أن يكافئها !
......
اتسعت عيون زينب بصدمه ما أن خرجت مهروله علي سماع صوت الارتطام القوي لتجد ابنتها واقعه علي الأرض وهذا الرجل يكاد يميل ناحيتها لتهدر به بصراخ : انت عملت ايه في بنتي ؟!
اكمل ايهم حركته ليجثو بجوار الفتاه الفاقده للوعي وهو يقول : معملتش فيها حاجه ... اغم عليها فجأه
مالت زينب بلهفه علي ابنتها تربت علي وجهها : غرام غرام !
مد ايهم ذراعه ناحيتها لتزجره زينب : انت بتعمل ايه ؟!
قال ايهم بجديه : هشيلها من علي الأرض وهتصل بدكتور
زمجرت زينب به وهي تدفع يده بعيدا عن ابنتها : ابعد ايدك عنها
انزعجت ملامح ايهم لتصرف المرأه معه وكأنه مغتصب لينظر لها بحده هاتفا : بقولك هشيلها ولا هتسيبها واقعه علي الأرض
زمجرت به زينب مجددا وعيناها انتصبت علي وجه ابنتها الشاحب : اوعي انا هشيلها
حاولت زينب أن تحرك جسد ابنتها لتتعالي أنفاسها ولا يساعدها جسدها النحيل ليزفر ايهم قائلا وهو يتمسك بهدوء أعصابه : اوعي ياست زينب .... خلينا نشوف حصل ليها ايه الاول
أبعدت زينب يده عن ابنتها بغل هاتفه : بقولك سيبها بس متلمسهاش
نظر لها ايهم بحده وهو يمد أحدي ذراعيه اسفل ركبه غرام والاخري خلف كتفها ليحملها ويعتدل واقفا وهو يزمجر بزينب بتوبيخ : عيب كده ياست زينب...ايه تلمسها دي ...انا بساعدك !
اشار الي ابنتها الفاقده للوعي وتابع : اوعي ياست زينب خليني احطها في سريرها و اكلم الدكتور
تبادلت معه زينب النظرات الحانقه لتهتف به بغضب وهي تتحرك من أمامه : هاتها هنا
وضعها حيث أشارت له زينب بغرفتها وسرعان ما اتجهت الي طاوله الزينه تسحب من فوقها أحد العطور ذات الرائحه النفاذه وتمررها أمام انف غرام التي عقدت جبينها بانزعاج ولكنها لم تفتح جفناها الثقيلان لتركض زينب الي جانب الغرفه الصغيرة تخرج من خزانتها تلك الحقيبه الصغيرة وتفتحها وتخرج منها جهاز قياس الضغط
لتضعه حول ذراع ابنتها وتبدأ بقياس ضغطها ...نظر ايهم إليها بينما لاح القلق علي وجهها وهي تحدث نفسها : يالهوي ...ضغطها واطي اوي
قال ايهم في محاوله منه لمساعده المراه : هكلم دكتور
تجاهلت ما قاله و باللحظه التاليه كانت تنادي علي ابنتها وهي تدون لها : شيماء بسرع انزلي الصيدليه هاتي الحقنه دي
أعاد ايهم هاتفه الي جيبه وظل واقف مكانه يتابع زينب التي أخذت تحرك أناملها علي جبين ابنتها بحركات معينه لافاقتها
رفعت زينب عيناها تجاه ايهم وهدرت بغل بينما لا تستجيب لها ابنتها : لو بنتي حصل ليها حاجه هوديك في داهيه ...!
لم يأخذ ايهم تهديدها علي محمل الجد مراعي ما تمر به وكذلك شعرت زينب بتهديدها الواهي لتهتف به بمرارة :
انت عاوز ايه منها ....ابعد عنها بقي كفايه اللي حصل لها !
قال ايهم بدفاع عن نفسه : انا مجتش جنبها بنتك هي اللي ... قطع حديثه رنين الجرس الذي تعالي لتزفر زينب بعد أن نادت علي ابنتها وتذكرت أنها ارسلتها لشراء الحقنه وباقي اولادها لم يعودوا من مدارسهم
لتقوم من جوار غرام وهي ترفع اصبعها بتحذير أمام ايهم : اياك تقرب منها
اسرعت لتفتح الباب وهي تهتف : اتاخرتي ليه يا شيماء ....قطعت حديثها حينما تفاجأت بجارها امامها لتقول بتعلثم : عم عبد الله !
قال الرجل وهو يلتقف أنفاسه :
خير ياست زينب سمعت صوت خبطه
قالت زينب بارتباك : لا دي العيال وهي بتلعب وقعوا الكرسي
قال الرجل بارتياح : المهم انهم بخير ....معلش علي ما نزلت السلم انتي عارفه صحتي
قالت زينب سريعا : ربنا يديك الصحه
ابتسم لها قائلا : حمد لله علي سلامه غرام
هي كويسه
قالت زينب وهي تهز راسها : حلوة يا اخويا
قال الرجل بلطف : ربنا يحنن أهل ابوها عليكم ويلم شملكم
اومات زينب بمراره : يارب ياعم عبد الله
...........

حكايه عمر Where stories live. Discover now