الخامس والاربعون جزء تاني

10.3K 435 38
                                    

( روايه بقلم رونا فؤاد....ممنوع تماما نقل الروايه أو نشرها في أي منصه أو صفحه حتي لو بأسمي حيث أن حقوق النشر لجميع رواياتي مسجله حصري ولا تقوم بنشرها الا علي صفحتي أو مدونتي الخاصه ومن يفعلها يعرض نفسه للمسائله )
هدرت دقات قلب وسيله بقوة بين جنبات صدرها وتراجعت للخلف بخوف شديد مع ازدياد تلك الحركه الصادره من خلف الأشجار لتنطلق منها صرخه قويه تزامنت مع ظهور تلك اليد وبنفس الوقت من الجهه الأخري كانت تنطلق صرخه أخري من تلك المراه التي كانت تشذب أغصان الأشجار الكثيفة وتفاجأت بصرحه وسيله بينما لم تتوقع أن يكون أحد بهذا المنزل المجاور لها والذي لم يقطنه أحد قط ....مرت لحظات وكل من وسيله وتلك المراه يحدقون ببعضهم وتضع كل منهما يدها علي قلبها تهديء من ضرباته وكانت المرأه الاسرع في السيطرة علي دقات قلبها التي هدأت لتقول بابتسامه هادئه : اسفه لو خوفتك
هزت وسيله راسها وهي تتنفس لتهديء من روعها قائله بصوت متحشرج : انا كمان اسفه بس خوفت ومتوقعتش أن في حد ساكن هنا
ابتسمت المراه قائله : وانا كمان متوقعتش أن حد ساكن هنا
بود مدت المراه يدها من خلال السياج الخشبي الفاصل بين الحديقتين الخلفيتين للمنزل قائله : انا هدي ..هدي شافع
اقتربت وسيله ومدت يدها البارده من فرط الخوف الذي عاشته قبل لحظات تجاه المراه قائله : انا وسيله فخر
ابتسمت لها المراه قائله بينما تزيح المزيد من الأغصان لتري كل منهما الأخري بصورة أوضح : اسمك جميل ....
ابتسمت وسيله لها لتتفاجيء بود زائد من المراه وهي تقول : ما تتفضلي نشرب الشاي سوا .....تراجعت بجسدها وأشارت الي حديقتها التي امتدت بها طاوله ومقاعد خشبيه لتتابع : انا لسه كنت مجهزة شاي الفواكه بس اقول ايه في عقلي اللي قالي شوفي الشجر علي ما الشاي يبرد
ابتسمت وسيله لها ولم تعرف ماذا تقول أمام دعوت المراه المهذبه والتي تظل غريبه لتقبلها لتتابع هدي بود ولطف زائد مناسب لملامحها الهادئه : بس كويس اني قومت اشوف اشوف الشجر عشان اتعرف عليكي ....تعالي اتفضلي ...شاي الفواكه هيريح اعصابك بعد الخضه دي
نظرت وسيله بتردد الي باب الشرفه المفتوح لتنظر المراه لنفس موضع نظر وسيله وتقول باستدراك : سوري لو عزمت كده بس انا فكرتك لوحدك زيي فقولت نتعرف علي بعض
تنفست وسيله وتذكرت أنها بالفعل وحيده بينما غادر ولم يفكر حتي بالسؤال عنها فلماذا تتردد في شيء يضيع ساعات من ذلك الوقت الذي يمر لذا ابتسمت تشجع نفسها أنه مجرد تعارف وتبدو المراه لطيفه فلما لا
قالت وسيله : لا انا كمان لوحدي ....هشرب معاكي الشاي
تحركت وسيله تجاه باب الشرفه المفتوح لتوقفها هدي : رايحه فين انتي مش قولتي هتشربي معايا الشاي
اومات وسيله قائله : اه ...هلف واجي من الباب
ضحكت هدي بخفه قائله : وليه تلفي ...استني
حركت هدي المزيد من الأغصان وابعدتها عن بعض القطع الخشبيه بجانب السياج الخشبي والتي إزالتها بسهوله بعد تعرضها الطويل للشمس والشتاء لتضحك هدي وهي تشير للفتحه التي صنعتها بين الحديقتين : اتفضلي
ابتسمت وسيله وهي تعبر الي حديقه المراه وتتلفت حولها بحرص سألت نفسها عنه بأنه توجب عليها بالرغم من أن قلبها ارتاح كثيرا لتلك المراه التي أشارت لها أن تجلس في المقعد ثم قالت وهي تشير الي يدها : لحظه اغسل ايدي وارجع
ثواني وعادت المراه تحمل طبق من الحلوي وتضعه علي الطاوله وتجلس ثم بدأت بسكب الشاي الذي علقت رائحته العطره الإرجاء لتمد يدها بالفنجان الأنيق الي وسيله التي ابتسمت لها : شكرا
مرت لحظات تجاذبت بهم وسيله وهدي الحديث والتي كان لها النصيب الأكبر بينما وسيله كانت تكتفي بكلمه او ايماءه بينما استغربت من الود السريع للمراه تجاهها
أشارت هدي الي فنجان الشاي قائله : مشربتيش الشاي ليه ؟!
قالت وسيله بتردد : هشربه
ابتسمت المراه وقالت بصراحه : انتي قلقانه من حاجه
بدي الكذب علي ملامح وسيله التي كانت ما تزال متوجسه لتقول هدي بتفهم : اكيد حقك تقلقي وتستغربي..انا واحده غريبه وعزمتك علي شاي
هزت كتفها قائله ببساطه : وانا كمان مستغربه نفسي جدا لاني في العادي مش اجتماعيه اوي ...ابتسمت وتابعت : بس جايز عشان خضيتك اتضايقت وحبيت اعوضك
قالت وسيله بلطف : محصلش حاجه ...انتي كمان اتخضيتي
ضحكت هدي قائله : اه بس انتي بنوته صغيرة وانا ست كبيرة فأخدت علي الخضه
نظرت وسيله إلي ملامح المراه الشابه ذات الشعر الكستنائي المصفف بعنايه ومرفوع اعلي راسها بدبوس انيق للغايه كما ملابسها التي تبدو منمقه للغايه بالرغم من بساطتها لتقول : كبيرة ايه بس
ضحكت هدي وهمست : انا عندي اربعين سنه 
قالت وسيله بلطف : مش باين عليكي
قالت هدي بابتسامه : مرسي يا روحي ...يلا اشربي الشاي
بحركه هادئه بادلت هدي فناجين الشاي لتأخذ فنجان وسيله وتعطيها فنجانها كعلامه تطمأنها بها أن تشرب بلا خوف ليحمر وجه وسيله ولكن تقبلت المرأه توجسها من غريبه قابلتها للتو !
...........
.....
تمتمت عفاف من خلال الهاتف بينما ارتسمت ملامح الامتعاض علي وجهها وهي تقول : ممم...بقي كده
صمت ايهم بينما تحول وجهه الي جمره ملتهبه حينما تابعت عفاف بتلميح : ده كأنك كنت مستني كلامي
مصمصت شفتيها وتابعت بتساؤل توقعت إجابته : وياتري اخترت مين ...مرر ايهم يداه علي وجهه يحاول أن يتحمل علي نفسه بتقبل تلميحات حماته التي تابعت : تكون البنت معرفتك دي يا ابو البنات
تنفس ايهم بصوت مسموع وتمتم باقتضاب : اه يا حاجه
هي
اومات عفاف وهي تجز علي أسنانها تحاول اخفاء غيظها بينما تقول : واضحه
انفلتت اعصاب ايهم من تلميحها ليهتف بها بانفعال : هي ايه اللي واضحه يا حاجه ما توضحي انتي كلامك
قال عفاف بمكر : وهو انا قولت حاجه ...انا بس قولت كانت واضحه لما خليت البنت تقعد مع البنات انها مش هتكون معرفه وبس ....مصمصت شفتيها وتابعت : يلا اهو النصيب
زم ايهم شفتيه ومرر يداه علي وجهه الاحمر بعصبيه لتختم عفاف المكالمه قائله : لعله خير بس طبعا انت اكيد مش متوقع مني احضر الفرح
هتف ايهم بتوبيخ وهو يحصي الدقائق لإنهاء تلك المكالمه التي اضطر إليها بينما كانت حماته ستعرف بكل الاحوال فلتعرف منه افضل : فرح ايه يا حاجه وكلام فارغ ايه ...وعموما انا بس اتصلت عشان ابلغك
اومات عفاف بغيظ : وبلغتني يا ابو البنات
القي ايهم الهاتف بجواره بغضب وقام من مكانه يتحرك بعصبيه في أرجاء الغرفه للحظات قبل أن يفرغ غضبه في أحدي زجاجات العطر التي ألقاها علي الأرض لتتهشم الآلاف القطع ...ايييه اللي عملته في نفسك ده يا أيهم ..!
أغلقت عفاف الهاتف وسرعان ما اندفعت تجاه زوجها تهتف بغل وغيظ : عاجبك كده اهو هيتجوز
وكأنه ما صدق قولتله اني مش هاخد منه البنات
علي اخر الزمن يجيب ليهم مرات اب ...كله منك كان زماني واخده منه البنات
نظر الرجل لثورتها بهدوء : انتي عقلتي الكلام عشان فيه مصلحتك
عقدت عفاف حاجبيها : وايه مصلحتي
قال زوجها بتوضيح : انك متبقيش رجعتي في كلامك قدامه وتهديدك له دايما انك تاخدي منه البنات لما البنات بلسانهم قالوا إنهم مش هيعيشوا معاكي وانك لو اخدتيهم  من ابوهم هيكرهوكي فحبيتي تعمليها بجميله
ربت علي كتفها وتابع : يبقي كملي جميلك بقي وطالما البنات مش متضايقين يبقي بلاش تعملي مشاكل
....كده احسن يا عفاف وهو الراجل مأجرمش لما فكر يعمل شرع ربنا
هتفت المرأه بحقد : واحفادي
قال الرجل بعقلانية : مش هتخافي عليهم زيه
هزت راسها بحنق : لا اخاف ...ولازم اخاف من البت اللي راح يتجوزها  و عيني هتكون عليها ...نظرت امامها بلأمل وتابعت : ويارب ما يخلف ظني واخد منه البنات قريب
........
..
دخلت زينب الي ابنتها التي كانت السعاده مرتسمه علي محياها فوقفت زينب تتأمل شرودها وتلك الابتسامه التي ارتسمت علي شفتيها قبل أن يغص حلقها وهي تسألها :
فرحانه يا غرام ؟!
انتبهت غرام من شرودها علي صوت والدتها وسرعان ما أخفت ابتسامتها وهزت راسها باستفهام لتحيرها زينب اكثر بسؤالها التالي : فرحانه ليه ؟!
نظرت غرام الي والدتها التي تابعت بقلب يتقلب بين جنبات صدرها قلقا : فرحانه عشان ربنا فك المحنه ولا عشان وصلتي للي انتي كنتي عاوزاه من الاول واتجوزتي الراجل المرتاح
هزت غرام راسها : لا يا ماما مش كده ....انا ارتحت اني حاولت اصلح غلطتي
اومات زينب برفق وربتت علي كتفها قائله :
ياريت يبقي كده يا غرام وتكوني اتعلمتي من غلطتك اللي وقعتك وربطت حياتك بواحد عمري ما كنت اتمني واحد زيه ليكي و الله اعلم بيه بس مش مناسب ليكي
عقدت غرام حاجبيها باستفهام : ليه يا ماما ...عشان احنا فقرا وهو غني
هزت زينب راسها قائله :  مشوفتش جيبه بس شايفه بصته ليكي ....نظرت إلي ابنتها بحنان لتري تلك الصغيرة البريئه التي لا تدرك الي اين تأخذها الحياه لتتابع بحنان واسي : هو مش شايفك اصلا يا بنتي وكأنك من عالم غير العالم بتاعه ...تنهدت وتابعت : يارب يخلف ظنوني ويجعل بينكم علي الاقل موده
غص حلق زينب وتابعت بندم : حقك عليا لو قصرت في حاجه بس ده مكنش مبرر ليكي عشان تضيعي نفسك .... ربنا سترك ووقف معاكي وانا كان نفسي تبدأي حياتك بعيد عن الماضي ده بس انتي اللي صممتي يا بنتي 
و من دلوقتي بقولك خدي بالك هو بيكبر كل و  انتي هتبقي في عز شبابك ووقتها هيغير ويشك واللي حصل زمان مش هيتنسي
انا كنت خايفه عليكي بس انتي اخترتي !
........
....
يعاقبها ام يعاقب نفسه ببعده عنها ....يتهرب منها ام يهرب من المسؤوليه ....توقف عمر جانبا وهو يسأل نفسه بينما كل ما يبرر به فعلته هو حبه وتمسكه بها الذي تحول الي هوس يجعله يبعدها عن أي شيء قد يبعدها عنه والكابوس الاعظم هو جدتها التي كلما تمسكت بها كلما ازداد الخوف تمسكا بعقله وتفكيره وكالعاده لا يترك نفسه لحسابه طويلا وسرعان ما يبعد اي افكار تعكر صفوه وهاهو يزيد من علو صوت الموسيقي ويركز عيناه علي مرأه السياره حيث توقف جانبا اسفل منزله ايهم بانتظار نزوله لينزل بعد لحظات وخلفه ابنتاه تتأبط إحداهما ذراع الأخري ويتهامسون بسعاده
نزل عمر من سيارته ويتجه إليه قائلا : مبروك ياعريس
زجره ايهم بنظراته التي لا تنم عن أي سعاده بل ملامح وجهه بأكملها كانت متجهمه
لم يبدي عمر تعليق بل اتجه يصافح ابنتاه بمرحه المعتاد : ابوكم كبر وبقي عريس
للمره الثانيه لا يستجيب ايهم لمرحه بل يزجره بنظراته
ليهتف بضيق : اخلص يا عمر
سرعان ما هتفت حلا الواقفه بجوار ابيها : بابي استني
نظر لها ايهم باستفهام لتقول وهي تمسك بهاتفها : ماهي ورودينا جايين
نظر ايهم الي ابنته بجبين منعقد هاتفا : جايين ليه ؟
قالت الفتاه ببساطه : صحابي وعزمتهم يا بابي
انتفخت وجنه ايهم بالحنق ليسرع عمر يقف بجواره هامسا: في ايه يا اايهم فك شويه ده كأنك رايح جنازه
نظر له ايهم بضيق واشاح بوجهه بينما ما يحدث لا يروق له وتقبل ابنتاه الأمر يشعره بالمزيد من الاحراج والضيق
ويزيد من شعوره أنه عجوز متصابي
حاول عمر المزاح معه ولكنه ظل علي وجهه العابس لتصل بعد قليل اربعه فتيات من أصدقاء ابنتاه ونظرات ايهم ازدادت ضيقا فحاول عمر التخفيف من توتر الأجواء فقال بمرح : تعالي يا حلا مع صحابك في عربيتي
اومات حلا بعد أن استأذنت ابيها بنظراتها ليقود عمر بهم وتنطلق الاغاني من سيارته بينما ايهم يقود خلفه بصمت حتي وصلوا الي منزل غرام التي لم تتوقف كلمات امها عن التدفق في اذنيها مهما حاولت تجاهلها واخبار نفسها أن العجاف مضي والقادم افضل ...ليتعالي صوت اختها شيماء تركض إليها : الضيوف وصلوا يا روما !
توترت أوصال غرام وسرعان ما اتجهت الي المرأه لتلقي نظره علي نفسها قبل أن تتمهل قليلا كما تمهل ايهم وترك ابنتاه يسبقونه للاعلي متسجيب لعمر الذي أوقفه يسأله ':
ايه يا ايهم مالك متضايق من البنات ليه ..هما مبسوطين  وانت كمان لازم تكون مبسوط
تفاجيء بأيهم يهتف بسخط : مش مبسوط ولا زفت
عقد عمر حاجبيه : ليه ؟!
اشاح ايهم بوجهه هاتفا : عشان قللت من نفسي وحطيتها في الموقف ده .... انا طول عمري و صورتي في عيون بناتي حاجه تانيه مش مجرد رجل هلاس رايح يتجوز عيله في سنهم
نظر عمر برفق الي صديقه وحاول التخفيف عنه ليقول له : ومين قال إنهم شايفينك كده ....بالعكس
نظر له ايهم بضيق قائلا : تعرف منين كنت دخلت جواهم ؟!
هز عمر رأسه قائلا : لا بس واضح انهم مش متضايقين وانك انت اللي متضايق ...نظر إليه وتابع بجديه : طيب
هتتجوزها ليه طالما انت متضايق كده يا ايهم
تنهد ايهم قائلا وهو يشيح بوجهه : خوفت ...تمهل لحظه قبل أن يتابع : خوفت علي بناتي ....خوفت يعرفوا أو أنها تحاول تقتلتني وولادي يبقوا من غير حد... خوفت يتكرر اللي حصل واللي تفديني زي ما انت فديتني تكون واحده من بناتي ...خوفت من كلام الست زينب ومن حسابي عند ربنا ....ازداد احتقان وجهه وتابع بسخط :
خوفت وخلاص ياعمر
مرر يده علي وجهه بعصبية وتابع : هي غلطتي وحساب كان لازم ادفعه واهو دفعته بجوازتي دي
تفهم عمر كل ما يمر به صديقه ليقول برفق : البنت مش وحشه اوي كده انت بس اللي بتفكر كتير لا انت اول ولا اخر واحد
فرك ايهم وجهه قائلا باقتضاب : خلاص ياعمر مش فارق
هز عمر رأسه قائلا : لا فارق انت كده بتكره نفسك فيها اللي حصل حصل
روق وابدء صفحه جديده
نظر له ايهم قائلا : مش كل الناس زيك يا عمر... تنام وتصحي بصفحه جديده لازم تقفل الصفحه اللي قبلها عشان تعرف تفتح غيرها وانا الصفحه دي مش هتتقفل طول ما البنت دي قدامي ..!
.........
.....
تقلبت ريم في فراشها للجهه الأخري ثم فتحت عيناها تشعر بالعطش لتقوم بكسل من فراشها وهي تبعد الغطاء من فوقها وتتجه الي المطبخ ....شربت من كأس الماء الذي ملئته ثم اتجهت الي الخارج ليجذب انتباها ذلك الصوت
تسللت علي اطراف أناملها تجاه الحائط المجاور للشرفه المفتوحه ومع كل خطوه كان صوته يوضح أكثر بينما تلتقط اذناها تلك المحادثه .....وبتحبي ايه كمان ؟!
فعلا وانا كمان ....ذوقنا واحد ...ضحكه وكلمه وحوار مع فتاه ...!
هكذا تبين لها وهي تستمع لنديم الذي جلس بالشرفه يتحدث مع أحد في الهاتف والواضح أنها فتاه !
عقدت حاجبيها بينما وقفت مكانها تتساءل ماذا عليها أن تفعل في هذا الموقف ..هل تندفع وتثور ام تسكت وتتجاهل ...!
تقدمت خطوه وعادت لتتراجعها لتظل واقفه مكانها دون أن تدرك ماذا تفعل ..!
.......
.........
جلس عاصم مستندا بظهره الي الوساده خلفه في الفراش بانتظار زينه التي أتت بعد أن اطمأنت علي جوري بالغرفه التي بجوارهم حيث أخذهم عاصم لقضاء عطله
ازدادت ابتسامه عاصم وتحولت الي ضحكه حينما دخلت زينه لتنظر له باستفهام : بتضحك علي ايه ؟
هز كتفه قائلا وهو يتطلع إليها : ابدا بس افتكرت زمان
اشار لها لتأتي الي جوراه ليتطلع الي عيونها بهيام واشتياق تجدد ونشب بقلبه وكأنه يقع في حبها من جديد ليمرر يداه علي جانب وجهها ويقول بابتسامه هادئه وهو يسأل نفسه متي مضت كل تلك السنوات : فاكره
لما كنت استناكي كده لغايه ما تنيمي الولاد
لاحت الابتسامه علي وجه زينه واومات له : انت لسه فاكر
مرر يداه علي جانب وجهها والتهمت نظراته عيناها وهو يقول : عمري ما نسيت لحظه عشتها معاكي
بقيت يداه تحيط بوجهها ومال تجاه شفتيها يقبل طرفها برقه قلب أن تزداد قبلته شغفا وهو يهمس لها : بحبك يا زينه .
تجددت المشاعر المتبادله بينهم باشتياق وشغف لينتهي بزينه جالسه بحضن عاصم تستند بظهرها الي صدره العاري مغمضه عيونها بينما تشعر بشفاه عاصم تتحرك برقه علي جانب عنقها
تنهدت زينه بابتسامه مازالت مرتسمه علي شفتيها واستدارت ناحيته هامسه: انا بحبك اوي يا عاصم
عمق عاصم من قبلته علي جانب عنقها وهو يبادلها بحراره : وانا بموت فيكي يا قلب عاصم
أمسكت بيده ونظرت إليه قائله : عاصم ممكن نتكلم
اوما لها بهدوء : قولي يا حبيتي ...عاوزة تتكلمي في ايه ؟
قالت بتمهل : نتكلم في موضوع جوري ...قاطعها عاصم بقليل من الاندفاع : اوعي تقولي متدخلش
هزت زينه راسها قائله.: لا مش هقول كده ... انت عندك حق تتدخل وتدافع عنها طالما هو تطاول
بس انا عاوزة جوري هي اللي تفهم كده ...تفهم انك مش بتدخل تحكم منك وانك خايف عليها ...نظرت إلي عيناه برجاء وتابعت :كلمها يا عاصم وافهم واسمع منها عشان دي حياتها في الاول والاخر
اوما عاصم دون جدال : حاضر يا حبيتي
....
بملل لا ينضب ابعدت وسيله الستائر الحريريه من أمام النافذه لتري أن الليل قد بدء يحل لتغلقها مجددا وتتحرك أمام النافذه بينما تخبر نفسها أن الليل أو النهار وتعاقبهما لم يعد يفرق في شيء بينما تمر الايام والوحده فقط هي رفيقتها إذن في ماذا سيفرق الوقت ؟!
لم تعد تنام أو تأكل بموعد فاليوم يمر عليها بثقل وبطء
نظرت مجددا من خلال النافذه لتبقي قليلا تحدق في الفراغ الذي يحيط بهذا المنظر الخلاب حولها من حديقه أثره فلا يلفت نظرها شيء إلا ذلك المصباح المنطفيء !
وفجاه تجد نفسها تتجه إليه وبيدها أحدي المفكات وشرائط اللحام وباقي المعدات ولا تدرك سبب تلك الرغبه المفاجأه باصلاحه ....انزلت القابس واتجهت لتجلس علي الدرج الحجري وتبدأ بفك المصباح لتصلحه بلا تفكير في غريزتها الفطريه بخلق اي شيء يشغلها في ظل تلك الوحده والفراغ التي أصبحت تعيش بهم ...!
نور قوي أضاء ظلام الحديقه جعلها ترفع عيناها تجاهه وعلي الفور استنكرت دقات قلبها التي ازدادت حينما رأت سيارته تعبر الفناء وكأن ما كانت تحدث نفسها به من عتاب علي تركه لها تلك الايام وحدها تبخر فقط بظهوره ..... حاولت أن تشغل يدها بما تفعله ولكن عبثا فهاهو قلبها الخائن جعلها ترفع عيناها إليه لتتحرك تلك الضربات بكل انش بقلبها وكأنه وجد بغيته اخيرا برؤيته
لتهتف بضيق محدثه نفسها وهي تلكم صدرها جهه قلبها  :  انت غبي ...بتدق ليه ؟!
ابتسامه ارتسمت علي شفاه عمر الذي نزل بخفه من سيارته ولمح هذا المشهد ليقول بمداعبه وكأنه لم يفعل شيء : بتكلمي نفسك يا سيلا !
ابتسامته ودعابته وهدوءه كان كفيل بإشعال حريق في أعصابها لتهتف به ساخره : يمكن عشان معنديش غيرها اكلمها
بالتأكيد يعرف أنه أخطأ بحقها حتي وان لم يعترف ليقول ببراءه وهو يمد لها يده ليساعدها أن تقوم : انا جيت اهو يا روحي تعالي اتكلمي معايا  !
لم تتحرك وسيله من مكانها بل اتسعت عيناها ونظرت إليه باستنكار فكيف يدللها ويتحدث بتلك الرقه والود بعد أن غادر معنفا لها ليزداد استنكارها حينما أتت نبرته تنبهها : هفضل واقف مادد ايدي كتير يا سيلا !
انزعجت منه وانتفض كل انش بداخلها لتهب من مكانها واقفه وكعاصفه تتحرك من أمامه هاتفه : لا متقفش روح مكان ما كنت !
وقف عمر ينظر في أثرها وهي تتجه الي جانب الحديقه ترفع قابس الكهرباء ثم تدخل الي الداخل ليلحق بها بخطوات مسرعه ولكن ما أن أدركها حتي تمهلت خطواته وسرعان ما كان ينطق بعتاب لم تتوقعه : كده يا سيلا ...هي دي وحشتني !
التفتت إليه لتري جديه عتابه بعيناه لتنقلب الموازين بداخلها ومجددا ذلك الشعور الخفي بالذنب يداعب قلبها وهو يتابع : انا مقدرتش ابعد عنك مع انك اللي عاوزة تبعدي عني !
باستفهام مشتت رددت : انا !
اوما وهو يتطلع الي عيناها التي اشتبكت بعيناه تناجيه أن يجعلها ترسو معه علي بر ليهمس عمر بصدق : انتي يا سيلا ....يا وسيله يا قلبي اللي وقع في حبك ومبقاش قادر يبعد عنك لحظه ..!
سمعت عن السم بالعسل ولكنها لم تتذوقه الا الان بمعسول كلامه الذي يخفي سم تحكمه بها وقيادته لمشاعرها وكأنه مايسترو يتقن العزف لتردد بعتاب وقلبها يخفق بانتشاء: بتقدر تبعد عني !
هز رأسه ومازالت عيناه تأسر عيناها لتشعر بيداه تطوق خصرها ويقربها الي صدره الذي شعرت بدقاته تنبض اسفل يدها التي وضعتها فوقه : مقدرش .... انتي اللي عاوزة تبعدي عني !
هزت راسها بدفاع عن نفسها : ليه بتقول كده ....كل ده عشان قولتلك اروح لتيته ؟!
: عشان مش حاسه اني انا كفايه زي ما انا حاسس انك وبس كفايه عليا !
.....
.......
نظر عاصم الي زينه ليلوح الحزن بعيناه بينما بقي لوقت طويل يتأمل ابنته الجالسه أمام الشاطيء وعيناها كل بضع دقائق تخونها وتنظر الي هاتفها وكأنها بانتظار مكالمه .... نعم لا تنكر جوري أن قلبها بالرغم من انكساره إلا أنه يبحث عن دواءه به تنتظر من حبه لها أن يقوده إليها كما يخونها قلبها ويهفو إليه .... تطلعت الي الصور التي جمعتهم والتي لم تكن مجرد مجموعه صور بل حياه وسنوات لم تتوقع أن ينساها بتلك البساطه أمام كبره !
اشاح عاصم بوجهه وهتف بانفعال : مش قادر يا زينه اكلمها ....عاد ينظر إلي ابنته بقلب متمزق هاتفا : اقولها ايه ؟!....بتحبه وقلبها مجروح !
قالت زينه برفق : وهو كمان بيحبها
اوما عاصم قائلا : جايز أو اه معاكي بيحبها بس ايه فايده حبه ليها والحب ده مش مخليه يقدر علي نفسه ويضعف قدامها 
التفت الي زينه ونظر إليها قائلا : عارفه اللي صبرك عليا  ايه يا زينه
نظرت زينه له ليتابع باعتراف : أن حبي ليكي كان بيقف قدام اي غرور أو كرامه .... مكنتش بستكبر اراضيكي طالما زعلتك وحتي لو مزعلتكيش كنت بوصل لمرحله اني مش طايق ولا قادر الخصام بينا يطول وانتي برضه كنتي كده ....الحب بينسي
هز رأسه وتابع : إنما هو لا .....غروره وكبره اكبر من حبه ليها وانا مش هسمح أنها تتنازل تاني
زم شفتيه وتابع بأسي : وياريته طلب منها تتنازل لا ده مستني أنها تتنازل عشان عودته علي كده
نظر إلي زينه وتابع بجديه : كلميها انتي يا زينه مش هقدر اوجعها واقولها أنه مسألش فيها ويستاهل اليل هعمله فيه .... فهميها أن ابوها بيته وحضنه مفتوح ليها علي طول وان مهما يكون جرحها احنا جنبها
ربت علي يد زينه وتابع : كملي نصيحتك ليها بأنها صح جدا تصبر علي جوزها بس فهميها تصبر علي ايه ....تصبر علي فقره ومرضه وحاجته ليها إنما متصبرش ابدا علي إهانته ولا علي طبعه طالما مش بيحاول يغيره
خليها تخشن وتقف قدام الدنيا وتفهمه أنه زي ماهو مجاش علي نفسه عشان خاطرها هي مش هتيجي علي نفسها ابدا عشانه !
...
........

حكايه عمر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن